الاثنين، 24 أكتوبر 2011

الأدب


الأدب

المفتي
عطية صقر .
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نسمع بعض الناس يقولون : الأدب فضلوه على العلم ، فما هو هذا الأدب المفضل على العلم ؟

الجواب
جاء فى كتاب غذاء الألباب للسفارينى "ج 1 ص 24" أن الأدب فى اللغة الظرف وحسن التناول ، يقال : أدب كحسن فهو أديب ، وجمعه أدباء ، وأدبه علمه فتأدب ، قاله فى القاموس ، وفى "المطلع " الأدب - بفتح الهمزة في والدال - مصدر أدب الرجل - بكسر الدال - وضمها لغة - إذا صار أديبا فى خلق أو علم ، والخلق - بضم الخاء واللام -صورة الإنسان الباطنة، وبفتح الخاء صورته الظاهرة .
وقال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى : الأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا، وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق .
وقيل : الوقوف مع المستحسنات ، وقيل : هو تعظيم من فوقك ، والرفق بمن هو دونك . انتهى .
وقال السهر وردى : الناس على طبقات ، أهل الدنيا وأهل الدين وأهل الخصوص ، فأدب أهل الدنيا الفصاحة والبلاغة وتحصيل العلوم - وأخبار الملوك وأشعار العرب ، وأدب أهل الدين مع العلم رياضة النفس وتأديب الجوارح وتهذيب الطباع وحفظ الحدود وترك الشهوات وتجنب الشبهات . وأدب أهل الخصوص حفظ القلوب ورعاية الأسرار واستواء السر والعلانية .
وقال ابن فارس : الأدب دعاء الناس إلى الطعام ، والمأدبة الطعام لسبب أو غيره والأدب - بالمد - الداعى ، واشتقاق الأدب من ذلك كله أمر قد أجمع على استحسانه ، وفى الحديث " القرآن مأدبة الله فى الأرض " يعنى مدعياته ، شبه القرآن بصنيع صنعه الناس لهم فيه خير ومنافع ، وفى العرف ما دعا الخلق إلى المحا مد ومكارم الأخلاق وتهذيبها .
يقول السفارينى : اعلم أن تعلم الآداب وحسن السمت والقصد والحياء والسير مطلوب شرعا وعرفا .
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " الهدى الصالح والسمت والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " وقال النخعى: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه - العلم - نظروا إلى سمته وصلاته وإلى حاله ، ثم يأخذون عنه . قال عمر رضى الله عنه : تأدبوا ثم تعلموا . وقال ابن عباس : اطلب الأدب فإنه زيادة فى العقل ودليل المروءة ، مؤنس فى الوحل ة وصاحب فى الغربة ومال عند القلة ، رواه الأصبهانى فى منتخبه .
وقال أبو عبد الله البلخى : أدب العلم أكثر من العلم . وقال الإمام عبد الله بن المبارك : لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب . ذكره الحاكم فى تاريخه ، ويروى عنه أيضا أنه قال : طلبمت العلم فأصبت منه شيئا ، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا . وقال بعض الحكماء : لا أدب إلا بعقل ، ولا عقل إلا بأدب ، وكان يقال : العون لمن لا عون له الأدب . ،تجال الأحنف بن قيس : الأدب نور العقل كما أن النار نور البصر .
وقال الحجاوى فى شرحه : يقال : مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمسة حصون ، الأول من ذهب ، والثانى من فضة، والثالث من حديد، والرابع من آجر- طوب أحمر-والخامس من لبن - طوب نىء -فما زال أهل الحصن متعاهدين حصن اللبن لا يطمع العدو فى الثانى ، فإذا أهملوا ذلك طمعوا فى الحصن الثانى ثم الثالث حتى تخرب الحصون -كلها، فكذلك الإيمان فى خمسة حصون :
اليقين ثم الإخلاص ثم أداء الفرائض ثم السنن ثم حفظ الآداب . فما دام يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه ، وإذا ترك الآداب طمع الشيطان فى السنن ثم فى الفرائض ثم فى الإخلاص ثم فى اليقين

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

شيء من عتاب للاصدقاء

فاروق جويدة: شيء من عتاب الأشقاء

بقلم: فاروق جويدة
كثير من الصقيع البارد بدأ يتسلل الى حرارة العلاقات المصرية العربية في الشهور الأخيرة وبالتحديد منذ قيام ثورة ‏25‏ يناير التي أطاحت بالرئيس السابق وعدد من رموز حكمه‏..‏ وفي هذا السياق يمكن ان نجد مبررا لعلاقات شخصية ربطت بين الرئيس السابق وأسرته وعدد من القيادات العربية.. نستطيع ان نجد لهذه العلاقات مبررا في اطار العلاقات الإنسانية الا انه من الصعب ان تحكم هذه العلاقات تاريخا طويلا من العلاقات الوثيقة بين الشعب المصري والشعوب العربية.. لا يستطيع الإنسان ان يتصور ان هذا العمق التاريخي كانت تحكمه في الاساس مشاعر شخصية بين حاكم وحاكم لأن الأصل في الحكاية كلها ان الشعوب هي الابقى وان حكامها مهما طال بهم الزمن الى زوال..
لا أجد مبررا لهذا الجفاء الذي تتعامل به الحكومات العربية مع المصريين لأنهم قرروا رحيل نظام فاسد اضاع عليهم فرص التقدم والحرية والرخاء.. ولا يمكن ان نختصر العلاقات المصرية العربية في لقاءات بين الحكام هنا أو هناك خاصة أنها كانت تمثل زمنا طويلا ضائعا في تاريخ هذه الامة والذي يؤكد ذلك ان اخطر قضايا هذه الأمة وهي القضية الفلسطينية لم تتحرك للأمام خطوة واحدة لأكثر من عشرين عاما في ظل هؤلاء الحكام وبقيت حائرة في كواليس الحكومات العربية والمؤامرات الدولية..
لا أريد ان أتحدث عن عمق العلاقات بين الشعوب العربية لان شواهدها ومقوماتها التاريخية اكبر من كل الحوادث الطارئة ولكن الغريب في الامر هذا البرود الذي اجتاح هذه العلاقات بعد رحيل الرئيس السابق وكأنه رسالة الى المصريين تطالبهم برفض ثورتهم والعودة الى ماضيهم الاليم..
ان هذا لا يمكن ان يعكس حبا للشعب المصري وان كان يؤكد ان علاقات الحكام بعضهم ببعض هي التي تحكم مسيرة العلاقات بين الدول حتى وان تعارض ذلك مع مصلحة الشعوب وطموحاتها ورغبتها في التغيير من أجل مستقبل وحياة أفضل. لهذا وقف العالم شرقا وغربا ينتظر رد الفعل العربي تجاه الثورة المصرية وبعد شهور من نجاح الثورة كان الرد بطيئا متثاقلا وباردا وغريبا.. وربما طرح ذلك أكثر من سؤال أمام المصريين وهم يتابعون شواهد كثيرة تؤكد وجود تغييرات جوهرية في مسيرة العلاقات بين مصر وأشقائها العرب..
< جاء الحديث عن الدعم المالي العربي لمصر سواء كان حكوميا أو شعبيا أقل بكثير من كل التوقعات بل ان الأحاديث التي ترددت عن دعم خاص لبعض القوى السياسية قد ترك ظلالا من الشك حول سوء النوايا تجاه ما يحدث في مصر.. اذا كان هناك عزوف عن دعم الشعب المصري في هذا الظرف التاريخي الصعب فلماذا الإصرار على دعم قيادات تعارض الثورة وتساند النظام السابق أو على الاقل تساهم في زرع بذور الفتنة بين تيارات سياسية ودينية متعارضة يؤكد ذلك أموال كثيرة تدفقت على عدد من رموز المجتمع المدني تحت بند التبرعات والمنح وهو ما يتعارض مع انشطة هذه التيارات.
< كانت هناك مؤشرات تعكس بعض المواقف الجديدة والغريبة في مسار العلاقات بين مصر والأشقاء العرب حين جاء وفد من المحامين من دولة الكويت للدفاع عن الرئيس السابق أمام القضاء المصري تحت دعوى ان الرئيس السابق شارك في تحرير الكويت في حرب الخليج رغم ان الذين حاربوا في الكويت هم أبناء الجيش المصري وكان أمرا غريبا أن تسمح حكومة الكويت لقناة فضائية خاصة أن تهاجم الشعب المصري تحت دعاوي الدفاع عن رئيسه السابق.. والأعجب من ذلك ان بعض الشركات الأجنبية التي تعمل في مصر نقلت نشاطها الى بعض دول الخليج ومعها موظفوها المصريون ولكن السلطات في هذه الدول رفضت دخول هؤلاء الموظفين وإعطاءهم تأشيرات للعمل في شركاتهم، إن أعدادا كبيرة من المصريين العاملين في دول الخليج يعانون الآن كثيرا للحصول على تأشيرات الدخول إلى هذه الدول..
< في الوقت الذي وصلت فيه إلى القاهرة وفود دولية كثيرة منذ قيام الثورة وحتى الآن لم يصل حاكم عربي واحد بل ان الاغرب من هذا ان بعض هؤلاء الحكام يعرضون قصورهم للبيع في شرم الشيخ وكأنهم يودعون عصرا من العلاقات التي كانت تربطهم بالنظام السابق.. مما يؤكد أنها كانت علاقات أشخاص ولم تكن علاقات شعوب وأوطان ومصالح..
< إن عددا كبيرا من المستثمرين الكبار من بعض الدول العربية قد سحبوا استثماراتهم من مصر خاصة تعاملاتهم في البورصة في الأسابيع الأخيرة وربما كان هذا أحد أسباب التراجع المستمر في نشاط البورصة وخسائرها الضخمة. ولا احد يعلم هل كان ذلك بإيعاز من حكومات هذه الدول أو أنها سلوكيات خاصة امام حالة الارتباك التي أصابت الاقتصاد المصري بعد الثورة.. وان كنت أرى ان موقف رجال الأعمال العرب ينبغي ان يؤكد حرصهم على استمرار بقائهم في مصر حتى وان عانوا من بعض الأزمات والمشاكل فالقضية ليست صفقات سريعة رابحة ولكنها قضية علاقات ممتدة ومصالح مشتركة..
لابد ان نعترف ان هناك علاقات وطيدة ربطت بين النظام السابق وعدد من رموز الحكم في الدول العربية.. ان الأطماع المالية والمادية التي حكمت طموحات وسلوكيات النظام السابق تركت سيلا من المصالح مع هذا النظام.. وكانت بنود الهدايا والدعم والصفقات أكثر ما يميز هذه العلاقات ولاشك ان هذا كان بعيدا تماما عن روح العلاقات المصرية- العربية القديمة التي قامت على التواصل الفكري والإنساني الرفيع بما كان يحمله من الفنون الراقية والثقافة الحقيقية.. وتحولت رموز النظام السابق الى أعمال السمسرة والتجارة والعمولات بل وصل الأمر الى طلب الهدايا..
وقد وصلت درجة الاقتناع والرغبة في تقليد النموذج العربي شديد الثراء لدى النظام السابق الى المنافسة في شراء الطائرات والقصور والسيارات والسفن والأرصدة في الخارج رغم ان مصر لا تملك موارد هذه الدول ولا عدد سكانها ولا ظروفها التاريخية والاجتماعية.. وقد وصل بنا الحال في التأثر بهذه النماذج إلى توريث الحكم دون اي تفكير في اختلاف الظروف والفرق الشاسع بين وطن يسكنه 85 مليون إنسان بكل احتياجاتهم ودول وإمارات عربية يسكنها بضعة آلاف من البشر..
لابد ان يدرك أصحاب القرار في العواصم العربية ان المصريين لديهم الكثير من العتاب لان أسباب رحيل رأس النظام السابق كانت خطايا نظام ولم تكن تهور شباب أو جحود شعب كما يصور البعض وكانت ثورة حقيقية لشعب يستحق مكانة أفضل ودورا أعظم ولم تكن مجرد انقلاب شعبي ضد حاكم..
هناك علاقات تاريخية بين الشعب المصري والشعوب العربية بما فيهم حكام تركوا رصيدا ضخما من العرفان لدى المصريين.. ان الشعب المصري لن ينسى مواقف الملك فيصل في مؤتمر الخرطوم بعد نكسة 67 مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ولن ينسى مواقفه في حرب أكتوبر وقراره بوقف تصدير البترول وله في قلوبنا ووطننا أكثر من مكان.. ولن ينسى المصريون محبة الشيخ زايد لأرض الكنانة وهناك أكثر من مكان وأكثر من أثر يحملون أسمه وذكراه.. ولن ينسى المصريون موقف السلطان قابوس حين رفض قرارا عربيا جماعيا بقطع العلاقات مع مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في السبعينيات من القرن الماضي.. ولن ينسى المصريون مواقف الزعيم الجزائري الراحل هواري بومدين في حرب أكتوبر.. وهم لا ينسون ابدا دماء شهدائهم التي اختلطت مع دماء شهداء سوريا والأردن وفلسطين والسودان في أكثر من حرب وأكثر من مواجهة..
لن ينسى العالم العربي دور مصر السياسي والحضاري والتاريخي والثقافي واحتضانها للرموز الوطنية في العالم العربي سواء في العهد الملكي أو في عهد ثورة يوليو.. هناك عشرات الزعماء الذين خاضوا رحلة نضالهم ضد الاستعمار من أرض الكنانة أو بدعم منها.. لن ينسى العالم العربي موقف مصر وحروبها من أجل القضايا العربية خاصة قضية فلسطين.. لقد عبر الزعماء العرب الكبار نحو أمجادهم التاريخية من القاهرة في ليبيا كان الملك السنوسي وعمر المختار وفي الثورة الجزائراية ثورة المليون شهيد كانت رحلة الاستقلال وفي تونس الحبيب بورقيبه والأزهري والمهدي وعبود في السودان وياسر عرفات وأحمد ياسين في فلسطين وعبد السلام عارف في العراق والقوتلي في سوريا.. وكان الفن المصري والثقافة المصرية رسل محبة وتحضر وجلال بين الشعب المصري وأشقائه العرب.. لم تكن العلاقات بين مصر وعالمها العربي علاقات حكام وقصور وشعارات ورحلات مكوكية لقد كانت تواصل تاريخ ولغة ودين وحضارة ودم.. فكيف نختصر كل هذا التاريخ في حاكم يرحل أو آخر يجيء..
ان الذي يريده المصريون الآن ليس دعما ماليا أو معونات من هنا وهناك ان المطلوب فقط ان يشعر كل مواطن مصري ان ما حدث شأن مصري خالص..
سوف يستعيد المصريون عافيتهم في كل مجالات الحياة وهم يدركون بحسهم التاريخي ان كل حبة رمل في العالم العربي تساند أرضهم الطيبة في ثورتها وان المصريون الحقيقيون قادمون بعد غياب طال..
المصريون قادمون بسلوكياتهم الرفيعة في تعاون حقيقي بين ابناء شعوب واحدة من أجل مصالح مشتركة للشعوب وليس لحساب نظام فاسد أو عصابة من المرتزقة..
المصريون قادمون بثقافتهم الرفيعة التي قدمت لأمتهم العربية أعظم رموزها في الفن والأدب والعلم والأخلاق..
المصريون قادمون بالحرية.. والعدالة.. والمساواة وروح عصر جديد يحافظ علي ثوابت الاوطان ولا يقطع صلتها بالحاضر والمستقبل..
المصريون قادمون بالتدين الصحيح.. والإيمان الحقيقي والإسلام الوسطي الرفيع.
قد يكون لدينا شيء من العتاب والإحساس بقدر من المرارة امام مواقف لا نفهمها تجاه الثورة المصرية.. ولكن ما أجمل ان نقول.. ويبقى الود مابقى العتاب.
.. ويبقي الشعر
حملناك يا مصر بين الحنايا
وبين الضلوع وفوق الجبيــن
عشقناك صدرا رعانـــا بدفء
وإن طال فينا زمــان الحنيـن
فلا تحزني من زمان جحـــود
أذقناك فيه همـــوم السنيــــن
تركنا دماءك فوق الطريــــق
وبين الجوانــح همــس حزين
عروبتـنا هل تـري تـنكــرين؟
منحناك كل الــذي تطلبيـــــن
سكبنا الدمــاء علي راحتيــــك
لنحمي العرين فــلا يستكيــــن
وهبناك كل رحيق الحيـــــــاة
فلم نـبق شيئا فهل تذكريـن ؟!
فيا مصر صبرا علي ما رأيت
جفاء الرفاق لشعب أميـــــــن
سيبقي نشيدك رغم الجـــــراح
يضيء الطريق علي الحائرين
سيبقي عبيرك بيت الغـــــريب
وسيف الضعيف وحلم الحزين
سيبقي شبابك رغم الليالي
ضياء يشع علي العالمــــيــــن
فهيا اخـلعي عنك ثوب الهموم
غدا سوف يأتي بما تحلـميــــن
قصيدة عشقناك يا مصر سنة 1979
نقلا عن جريدة الأهرام