الجمعة، 19 نوفمبر 2010

بركان وزلازل



بسم الله الرحمن الرحيم
هل تعذروني اليوم إذا تكلمت بصراحة؟ .. أرجو ذلك ..
هنا أحكام مهمة في ثناياهذا الموضوع تجدها في طي الكلمات.


أفسح طريقك مرغما , فإنه طوفان لا يصده صاد , ولا يقف في طريقه أحد , أو كالدجال التعرض له فتنة والبعد عنه غنيمة , ثورة لم ينج منها شبان وشيب , شيوخ و قساوسة , راهبات و منقبات , حتي الزهور النضرة فلذات الأكباد ممن لم تكتمل عندهم بعد شهوة أو يعرفون عورة دخلوا ذلك النفق ولو بالكلمات والنظرات , ولو أردت أن تعترض أو حدثت نفسك بذلك إما أنك ستنجرف أو أنك تُنفي وتئن ألم الوحدة ويطويك الزمن وكذلك الأحداث , إنها الثورة...! يكفيها من السلاح العدد المهول ونبضات العروق بفورة الشهوات , بل قل إنها حريق - نار مشتعلة - لا يطفئها شيء , والنار إذا اشتعلت اللحظة معها فارقة فهي تضاعفها وتسعرها , العالم كله يحترق بهذه النار وهو يتلذذ , ينشوي وهو يستمتع , نار البركان , و ثورة الشهوات , وأخطر هذه الشهوات بلا منازع شهوة الفرج , فهي الخطر الأول علي كل خلق وعلي الإيمان ذاته , لم تقف هذه الثورة عند حد...


قل لي بالله عليك : ما معني أن جامعة من جامعاتنا المحترمة ثلث طلابها متزوج زواجا عرفيا ؟ وما معني أن تتزوج امرأة عربية ستة وسبعين رجلا زواجا طبيعا وعرفيا ومتعة ولا تزال تبحث عمن يدخل مزاجها من الرجال ؟ وما معني أن يجلس رجل بلغ من العلم والمركز المرموق مبلغه يجلس إلي الفجر ليشاهد أفلاما إباحية وزوجته بجواره تئن وتشتكي ؟. وما معني أن تكون أكثرالفتاوي من حضرة العلماء الأجلاء استفتاءات جنسية وعن كيفية لعق العورات ؟ وما معني ألا ينجو رجل ولا امرأة  إلا ما رحم ربي من ممارسة عادة الندم التي يسمونها العادة السرية ومن عقابها المعجل الندم والإحباط والملل والضيق؟ وما معني ألا يتورع رجل برضا امرأة أو بدون رضاها عن ممارسة المتعة في غير المكان المباح والإصرار علي ممارسة الجنس من الأدبار وتقليد الكفار بعد ما أصاب الناس سعار , من الجنس حتي رفعوا كلمة المحظور من العلاقات ؟


وما معني أن ينزو رجل كبير علي صديقة ابنته التي نامت معها في غرفتها فيجد أنها ابنته  قد نامت مكان صديقتها ؟ وما معني أن يضع شاب مدمن قرصا مخدرا لأمه في الشراب فتنام ويجامعها فتشعر بحمل لا تدري من أين أتاها ؟ وما معني أن يتناوب من اثنين إلي عشرة من الرجال علي بنت أو امرأة وحيدة ويتجمع الماء حتي تشعر بالقرف وهم لا يشعرون ؟ وما معني ما يسمونه بالسعارالجنسي أو التحرش بالفتيات في الطريق العام وفي وضح النهار؟ وما معني أن تزداد عمليات ترقيع البكارة حتي يُستفتي فيها العلماء الأفاضل ويدلون فيها بدلوهم ؟ وما معني أن تذهب طبيبة نساء لتخطب لابنها محبوبته فتجدها واحدة ممن رقعت لها شرفها فلا تستطيع منعه , فإما أن تفضحها أو تنفضح هي أمامه ويري أمه في صورة من تعين المنحرفات وتضلل الغافلين بهذه العمليات ؟ وما معني أن يتحول الطرب إلي طرب الصدور والسيقان بل والأفخاذ العارية والأحضان والقبلات ؟ وما معني أن يتحول التمثيل إلي غرف النوم وإلي قصص الشذوذ والإنحراف وتصوير ذلك للعيان ووضع تحذيرا -للكبار فقط - ليتحصل عليه الصغار قبل الكبار؟ ما معني أن تجلس بجوار ابنتك أو أختك فتفتح التلفاز لتشاهد شيئا مفيدا فتري أنت وابنتك أو أنت وأختك رجلا وامرأة ينامان علي سرير ويذوبان في القبلات والأحضان ؟


ما معني أن يصرف شعب مسلم علي الكيف والجنس خمسة عشر مليارا من العملات الصعبة في العام الواحد في حين أن ديونه التي قيدت حريته وأفقدته إرادته لا تتجاوز المليار وعلي مدار أربعين عاما لا تجد من يسدها ولا من أين ؟ ما معني أن أكثر حديث الناس وحواراتهم وجلساتهم لا تخلوا من غمزات جنسية أو همسات ؟  وما معني  أن النظرة المحرمة للعورات لا يستطيع أحد أن يتجنبه  حتي ولو أكثر الملتزمين ؟


أسئلة كثيرة هذا بعض منها تنبِيء بأن الجنس البشري يهوي , وأن العقل البشري لا يعمل إلا من وراء حجاب ,  يعمل من وراء الشهوات , فهو يفكر ويتدبر في كيف يتمتع ؟ ويستغل التكونولوجيا والعلم في ذلك بدءًا من كيفية منع الحمل إلي كيفية إعادة القدرة وإطالة زمن الشهوة واللذة وتقنين قوانين التواصل اللاأخلاقي لكل أنواع البشر وبين كل الأجناس.. ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم " بعض "الذي عملوا لعلهم يرجعون ...


أيها الإخوة إنه تحذير قبل المصير. والمصير المحتم لنار الشهوات المشتعلة هو الندم , القلق , الأمراض , قلة أو ضياع  الأمان , غضب الجبار  , فالنار لا تبقي شيئا ولا تذر. ويسأل الناس ماذا جري للأرض لماذا كثراضطرابها ؟ ولماذا أصبح مقياس ريختر وقد تعدي الست أو السبع درجات ؟ ولماذا غضب البحر وثار ويريد إبتلاع الأرض والعباد ؟ ولماذا زادت الأخطار الخارجية والداخلية علي كوكب نكب بساكنيه وكان قبلُ الدهور الطويلة سالما آمنا ؟  ...  

الخميس، 11 نوفمبر 2010

الدنيا ملعب كبير

للمسرحي الكبير يوسف بك وهبي كلمة مشهورة هي : الدنيا مسرح كبير ينتحل كل من الناس شخصية يتلبس بها يجد فيها راحته أمام الناس !! الدنيا هي ملعب كبير كذلك "اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو لماذا لا نقرأ الملعب - مكان اللعب - وربما نتعلم منه لأجل دنيانا .. أولا : أوجه التشابه : للملعب جمهور مفتون مجنون , كذلك الدنيا.. للملعب رونقه ومتعته وجماله ,وكذلك الدنيا زينت للناس فهي زينة وتفاخر..للملعب حدود وقوانين , كذلك الدنيا "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه".. للملعب وقت وينتهي دوره وتسجل النتائج , وكذلك الدنيا لها وقتها وتظهر النتائج - يوم الدين .. للملعب فريقان يتنافسان يفوز منهما الأكثر إعدادا وتنظيما وصبرا , وكذلك الدنيا فريق الإيمان وفريق الكفروالنفاق "فريق في الجنة وفريق في السعير".. للملعب قادة ومدربون يقودون الفريق إلي النصر , وكذلك الدنيا لكل فريق من الفريقين قائد وذلك في كل زمان.. للملعب حكام يشرفون علي نظام الملعب ينذرون المخالف وقد يطردونه,وكذلك الدنيا فالملائكة تنظم وتنذر وقد تطرد - فأما ثمود فأهلكوابالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرعاتية. فهل تري لهم من باقية .. للملعب روح الفريق , الكل ينسي نفسه ومكانه في الملعب لينتصر الفريق,وكذلك الدنيا ينتصر فيها من يتجاهل نفسه ومكانته.. للملعب حارس يصد ومدافع يمنع وصول المنافس وقائد ميدان ومهاجم , وفي الدنيا لكل فريق ذلك , لكن إذا ترك الحارس أو المدافع مكانه أصيب الفريق بأهداف ثم تأتي الهزيمة , ولو لم تجد مهاجما فمن يسجل ليأتي النصر.. الملعب ينتهي دوره بنفخه (صفارة) كما بدأ , كذلك الدنيا "ونفخ في الصور" وذلك آخر أيام الدنيا وبداية أيام الآخرة "ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلي ربهم ينسلون".
ثانيا : العبر : وهي خاصة بفريق الجنة.
- ليأتي النصر لا بد أن تستلهم روح الفريق "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" وهذا الكلام وجه لمحمد صلي الله عليه وسلم وأصحابه فما بال غيرهم فكيف لا يذهب النزاع ريحهم.  - ولكي تستلهم روح الفريق لا بد من إنكار الذات والعمل للمصلحة العامة والكل يؤدي دوره بإخلاص وهو في مكانه , المدافع يدافع والمهاجم يهاجم والحارس يحرس , ولا بد من طاعة القائد فهو يستطيع توحيد الصفوف ولكن بشرط الطاعة  - استغلال الفرص فكم من فرص ضاعت مع كثيرالجهد لكنها أتت بالهزيمة لأنها ضاعت ولم تأت بهدف  - الحذر من التسلل الناتج عن الحماسة الزائدة فهو وإن كان يسهل التهديف غير أن أهدافه لا تحتسب فلا يأتي لنصر , فكم ممن تسللوا لفرط حماستهم وهم يظنون أنهم ينتصرون ولكنهم يفشلون وينخدعون بأهداف ملغية لا يمكن أن ينتصر صاحبها, وفي النهاية الخاسر هو الفريق كله لا المتسلل وحده.  - قد ينذر أحد أعضاء الفريق وقد يطرد , وليس معني ذلك الإستسلام للهزيمة فقد يأتي النصر بالباقين الذين لم يفقدوا فلسفة النصر ولم يفقدوا حماسهم بموت أو عصيان أحد الأعضاء.  - النظر للأبعد وهو إحراز الكأس الذهبية علامة النصر , فكم من الأموال والهدايا تغدق علي أعضاء الفريق ولكن أعظم ما يجتهدون من أجله هو حمل الكأس ولا يحلو النصر إلا بذلك,كم من المؤمنين ينصرف نظرهم عن الهدف الأسمي وهو قربهم من الله ورؤيتهم له وإخلاصهم له ببعض زخرف الدنيا وبهرجة انتصارات الدنيا ولو حددوا المقصد الأعظم وجعلوه هدفا لخلصت النيات وتحقق الهدف.  - استغلال الأخطاء هي سبب الإنتصار , لأن المنافس متأهب حذر يبحث مثلك عن انتصار ويستغل أخطاءك , فلم لا تستغل أخطاءه لتنتصر , وكم من أخطاء لم يستغلها فريق الإيمان ضاعت عليه وتعلم منافسه ألا يكرر خطأه. - المؤازرة والتشجيع لمن يؤدي الواجب ويقوم بدوره وعدم التثبيط , فالتشجيع خير معين علي بلوغ الهدف , لكن انظر كيف يثبط بعضهم بعضا "كل حزب بما لديهم فرحون"  - الإستعداد الجيد والتحضير وأخذ الأسباب التي تؤدي إلي الفوزأوالنصر "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ولا نصر يأتي بغير تأهب واستعداد وتدريب (تربية) ... وغير ذلك الكثير , لكن في ما قدمنا الكفاية والإفادة
هذا ما جاد به القلم عسانا نتعلم ولو من ملعب الكرة.

دمعة لله

أتذكرأخي يوم أن برزت من مقلتيك مقدار رأس الدبوس من عطر الحياة فكبرت ونمت وشقت علي خديك طريقها حتي وصلت إلي باب فمك فدخلته وهيجت أخواتها فتبعنها وأنت تغرف من خدك وتمسح وجهك بهذا العطر الزكي وتقول إن وجها مسته هذه الدموع لن تمسه النار, أتذكر تلك الدموع ماذا فعلت لقلبك ونفسك وأي راحة وجدتها ,أتذكرالفرحة التي تغمر قلبك بها , وتكاد تزهو بين الخلائق ,وتقول لهم : عيني لن تمسها النار وجسمي أخذ صك الظلال يوم لا ظل إلا ظله وتقول لهم : بذلك جاء الخبر ونقل الصادق.
أخي...
كم بكينا كثيرا حزنا وهما وسخطا وغيظا وكذلك حبا , جربنا كل أنواع البكاء وذرفنا مدرارا من الدموع كانت علينا ثقيلة كئيبة وندمنا علي ذرفها وأثقلتنا بالهموم والأمراض , فهلا جربنا دموع الخشية من الله. دموع النجاة أو كما شئت فسمها


أسألك بالله : كم مرة بكيت لله؟ أجب في نفسك واصدقها , وقل لنفسك : لماذا جفت دموعي وقحطت عيني؟ إذا احتاجت صلاة الاستسقاء فصلها , فما يرفع القحط إلا الدعاء والصلاة والندم , استسقاء من نوع خاص قوامه ندم القلب علي ما فات و التدبر الذي تغيرت وجهته إلي مفاتن الحبيبة وكيفية الاتصال بها وكيفية إغاظة الغير , تدبر في كون الله وفي المآل والمعاد وفي القرآن , وأكل الطيبات والصلاة والزكاة


بهذا الاستسقاء تتجمع سحب الدموع وتتلقح زفرة شوق إلي الحبيب الأوحد في هذا الوجود, واسأل الأحبة كيف أن زفرة الشوق إلي الحبيب تدر الدموع وتهيج القلوب فإن لم يجد كل ذلك في ذرف حتي ولو دمعة , فتباكي إلي أن تبكي , ثم ابك علي نفسك وتذكر ما سأذكره لك الآن:
اسمعت أن الله أعتق رجلا من النار بشعرة !!
حكي ذلك القشيري وسماه (عتيق الله بشعرة)
نعم بشعرة قال : إن عبدا شهد عليه أعضاؤه بالزلل , فتطايرت شعرة من عينه فتستأذن بالشهادة , فيقول الحق : تكلمي يا شعرة جفن عبدي واحتجي عن عبدي , فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادي المناد : هذا عتيق الله بشعرة. فانظر كيف قامت الشعرة والجفن بالواجب وبرأت صاحبها من النار وغضب الجبار


هي الدموع المباركة , بركة علي صاحبها وأمته ومن في الأرض جميعا قال الحسن البصري إمام التابعين: لوبكي عبد من خشية الله لرحم من حوله ولو كانواعشرين ألفا  .. ولكم مني ملخص الرائعة الرافعية:-السمكة- نسبة إلي مصطفي صادق الرافعي رحمه الله
مرت برجل بغدادي سنة ثلاثين ومائتين ضائقة حتي ما يجد ما يقيم به أوده هو وأولاده وزوجته فأراد أن يبيع بيته ليأكل به بدل أن يأكل خشبه وحجارته فقابله أحد الصالحين وأعطاه منديلا به رقاقتان بينهما حلوي وقال له خذ بركة الشيخ وكانت لتلك قصة
فمضي لأهله بالرقاقتين والحلوي بركة الشيخ وفي طريقه لإطعام أهله قابلته امرأة معها يتيم جائع فقالت له: هذا طفل يتيم جائع ولا صبر له علي الجوع فأطعمه شيئا يرحمك الله ونظر الطفل إليه نظرة قاتله حسب فيها خشوع ألف عابد يعبدون الله وخيل إليه أن الجنة نزلت إلي الأرض تعرض نفسها عليه
وذكر امرأته وأولادها الجياع لكنه ذكر أنه معها وأن هذه بيتيمها أحوج فدفعها إلي المرأة وقال لها: خذي هذه وأطعمي ولدك ووالله لا أملك غيرها وفي داري من هو أحوج إليها وقال في نفسه أطوي وأهلي كما كان يفعل الصحابة .ومشي منكسرا لكنه تفكر وقال: لوأني أشبعت ثلاثة بجوع اثنين لحرمت خمس فضائل ونحن نحتاج ولو إلي فضيلة ( جوعه وأولاده ثلاثة أجور وإشباع المرأة وولدها أجران فهذه خمسة)
ومضي في طريقه وناداه مناد يسأل عنه فأعطاه دينا لأبيه فتاجر واغتني وبحث عن المرأة فأشبعها وآواها وعمل الخير الكثير حتي أعجبته نفسه وظن الفوز والنجاة فنام فرأي كأن الساعة قائمة والهول العظيم باد ورأي الناس يحملون أوزارهم علي ظهورهم وكأنها مدن علي الظهور
ووضعت الموازين وجيء به فقال:
طاشت سجلات حسناتي ورجحت السيئات وذهبت حجتي حتي سمعت قائلا يقول: ألم يبق له شيء ؟ فقيل بقي هذا فإذا الرقاقتان فأيقنت الهلاك فقد وزنت أعمال بآلاف الدنانير فما كان لها وزن
ووضعت الرقاقتان علي الميزان فسمعت القائل يقول ذهب نصف أجرها لمن أعطاها له فانخذلت كأني انكسرت نصفين . فقيل ألم يتبق له شيء فقيل بقي هذا , فإذا جوع امرأتي وولدي فوضع في الكفة فاعتدلت الكفتان فقيل : ألم يبق له شيء فقيل بقي هذا ونظرت فإذا دموع المرأة المسكيبة التي بكت للمعروف فوضعت الدمعة في الميزان ففارت فطمت كأنها لجة من تحت اللجة بحر وإذا سمكة هائلة قد خرجت من اللجة وقع في نفسي أنها روح هذه الدموع وجعلت تعظم وتعظم والكفة ترجح وترجح حتي سمعت الصوت يقول قد نجا قد نجا .. وصحت صيحة أيقظتني أقول فيها لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة!
دمعة لله عباد الله تنفع يوم لا ينفع مال ولا بنون

شكوي عانس

شكوي عانس


كتبت ظُــلامة قلبــــــــــها *** بدموع مهجتــــها الســــخية

وشكت رداءة حظــــــــــها *** في الزوج مذ صارت صبية

قالت تكفكف دمعــــــــــها *** أوجـــزلأمتك القضـــــــــية

بِتنا ضحية عُرفــــــــــــنا *** عُدنا لعهد الجـــــــــــــــاهلية

في أمة تُغلي المـــــــــــــهو*** ر ووالد يقســــــــــــو علــيه

ها قد قطعـــتُ مدي الطري *** ق وكاد تدركـــــــــني المنية

أمضي الحـــــياة بلا زوا *** ج ٍ أستبين به الهــــــــــــوية

أخشي تمـــــــر بي السِنو *** نُ وتســــــتبد بي البلـــــــــية

فأظل كمّا مهمـــــــــــــــلا *** لا زوج .. لا دنيا هنــــــــية

أين الرجـالُ أم ارتمـــــوا *** في حضن غانية شقـــــــية ؟

صرفوا النفوس عن الحلا *** ل لمتعة فيها الدنـــــــــــــية

إن بُحت أطلب غايــــــتي *** أرغوا وحُملت الأســــــــــية

أو لذت بالصمت استـــمرّ *** ت حالة اليأس العصـــــــية

ماذا بُجعبتكم ومـــــــــــــا *** تُفتونني أهل الحــــــــــمية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا بجعبتكم وما هي فتياكم أيها السادة في قضية الحياة

قضية حسمها الله من أول حياة لأول إنسان آدم عليه السلام " اسكن أنت وزوجك الجنة"

أنت وزوجك- لحياة أعدها الله لخليفة الأرض المنتظر

أنت وحدك لا , وهي بغيرك لا - لا إنسان

عزب الشيء عزوبا بعُد , غاب وخفي فهو عازب

وعزب الرجل يعزب عزوبة إذا لم يكن له أهل فهو عزب

وامرأة عزب , وعزباء

والعزوبة عذاب سببه الفقر والنبي حلها ب " التمس ولو خاتما من حديد"

وسببها الإنشغال بالدنيا أو الدين

ـ وكذلك عدم جدوي الزواج عند كثير من الناس وحلها بالتناسق بين طلب الدنيا والدين

ـ وإن لأهلك حقا ولزوجك مع بقية الحقوق

أما نتائج العزوبة: -ظهور الفواحش واتباع الأهواء ـ ووجود طوائف في المجتمع مشتتة

فكريا ونفسيا وجدواها للمجتمع قليل أو معدوم

ـ وكثرة المشاكل العائلية سببه طول مكث أُناس يعيشون في غير مكانهم ولا يجدون بيت المودة والرحمة وهو بيت الزوجية

وللأعزب صفات

ـ كثير الإختلاط ـ مع من يستحق ومع من لا يستحق

ـ غير سوي المزاج لانشغال الفكر في غير الأِوْلي

ـ كثير الكلام . لكثرة التعبير عن الذات لإثبات الذات

ـ اتهام الناس ببرهان ودون برهان لكثرة الشك في كل الناس حتي أقرب الناس

ـ قلة صلاحه للمجتمع بالمقارنة مع أمثاله من الشباب المتزوج

وغير ذلك

وهناك عزوبة مقنعة سببها

ـ موت الزوج أو الزوجة والإكتفاء بالزواج الأول

ـالسفر الكثير مما يترتب عليه بقاء الأزواج بلا زواج

والعزوبة المقنعة تتضاعف مشاكلها لسبق التزوج ووجود الأولاد

وكل هذه المشاكل لم نرها في العهد الأول للمسلمين لعدم وجود عزوبة من أي نوع

ألا فليتق الله المسلمون ويعالجوا هذا الجرح النازف

وللشرق تقاليده

وللغرب كذلك

والعزوبة لا وجود لها عندهم والكل يعرف أسباب ذلك!!!

زيدوا في إيمانكم

زادتهم إيمانا
ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم
زادهم هدي وآتاهم تقواهم
لا يوجدمؤمن
يقف
إما أن يتقدم أو يتأخر
لا ثبات عند المؤمن
الكافر يقف وقد يزداد انحدارا
كأنما خر من السماء - أو تهوي به الريح
في مكان سحيق
المنافق يتأخر حتي يصل إلي الدرك الأسفل
من النار

أنت لا
أنت غير
أنت قلق وجل
حتي تري الحوض وتشرب
أنت في كربة الخوف
حتي تبلغ الأمان وتري باب الجنة
والملائكة ينتظرونك ليحتفلوا بك
أنت في كمد الحياة
ما دمت مشلول اليدين
عن نصرة دينك وكتابك ونبيك وأرضك
حتي تصل إلي باب النصر
والملائكة يفتحونه لك ويحتفلون معك
بنصر الله
أنت في طريق النصر المعبد بالأشواك
والأشلاء
أنت لا تأمن الكفر والنفاق لحظة واحدة
فالقلوب تتقلب كماء القدر
تتقلب بيد الرحمن
يقلبها كيف يشاء
أنت في حرارة
أشد من حرارة جهنم
تقيك جهنم
وبئست المصير

فمن أين لك هذه الثقة؟
ثقة تؤخرك وتطيل عمر الباطل وهوزهزق
ثقة تهزمك والنصر علي بعد خطوة من الوجل
ثقة تذلك وأنت لا تري العزة إلا في أمنك وسلامتك
بعض العبادات المتقطعات
أغرتك بالتوقف
ظننت أنك وصلت!
إنك تتهم الجميع بالنفاق
لأنك بكيت مرة
أو دعوت مرات
أو تلوت آيات
أو فعلت قليل أو كثير من الطاعات
أو رجوت التوبة مع السيئات
رجاء مع التسويف
كل ذلك أوقفك
وثبت خطاك
إذا وقفت فتيقن
أنك لا بد وأن تتأخر
العالم
الداعية
الفقيه
المثقف
الأمي
الرجل
المرأة
الجندي
كلهم أمنوا في لحظة تحتاج
إلي القلق والخوف بل الفزع
علي نفس ودين ووطن
معرضة جميعها للهلاك
لا أحد منا يقول : ماذا أجرمت؟
ولا ماذا جنت يداي؟
الكل مطمئن لأعمال مثقالها ذرات
كلنا يتأخر
والوطن مقياس التقدم أو التأخر
الوطن يقتطع
وتنسلب إرادته
وتمَحي هويته
وتتمايع عقيدته
إذن نحن نتأخر

تأخرتذوقناه وشربناه وارتويناه
تأخر ما كان ينبغي أن يكون
لو لم نتوقف
ونظن أننا وصلنا
ولم يزل الطريق في بدايته
ألقينا الراحلة ونمنا وسط الطريق
وإذا عزمنا المسير
مشينا بطريق
لا ندري أيصل بنا أم هي المتاهه
وافتراس الوحوش
التي لبست ثوب الأليف
تعاميناها ونكسنا الرؤوس
لنمضي وكأننا لا نراها وكأنها ليست بطريقنا
تعاميناها
لربما يشفع لنا عندها لنمضي
وهيهات أن يعقل مفترس جشع
وههيهات أن يتركك والمسير
وقد اخترت أن تأتيه
باختيارك

أراض أنت؟
فأنا غير راض عني
قد تقول: نعم
أنا راض علي الأقل
معي أضعف الإيمان!!
حقيقة واقعة
لا نقنع إلا بالأضعف
والأقل في كل شيء
حتي في الإيمان
وإذا دعونا سألنا الفردوس الأعلي
أي خداع نخدع به نفوسنا ونحن نعلم
وأي جرأة هذي التي رضيت بمعادلة
لا نجد لها موقعا إلا في الخيال
أضعف الإيمان = الفردس الأعلي
أليس هذا هو التأخر بعينه
أضعف الإيمان
وأقل الضررين
والضرورات المبيحة
للمحظورات
والأصل في الأشياء الإباحة
والسماح والجواز
والسلام
مع كل من أهانن
ويمتنع مع كل من أكرمن

أراض أنت؟
والله أنا غير راض عني
فجيلنا سيدخل التاريخ بعاره
وربما تحصلنا علي لعنة الأحفاد
وتحمانا وزر الأجداد
ولم يشفع لنا تعدادنا الهائل الغثاء
ولن ينجو في هذه الكربة
إلا ماض لا يتوقف
ساع لا يتأخر
قلق لا ينخدع بعمل
مهما كان ثقله
ووزنه عندالله
مضي زمن النوم يا خديجة؟
كيف أنام؟
والنافخ في الصور قد التقم الصور
وينظر ينتظر الإذن بالنفخة
والصعقة والنشور
صلي الله علي استاذ الوجود
ورحمة الدنيا والآخرة
وسلم تسليما كثيرا

أنت من أعني : لا عذر

نعم أنت..
أنت من أعني
أنت يا منتحرا لم يجد أطيب وألذ من الفناء
مضيت قبل أن توجد , وذهبت ولم تأت بعد
لم تأت الحياة بعد وأنت في العقد الثالث
أو الثاني أو الرابع أو الخامس أو السادس!!
سكبت عمرك في وحل العطب
أنفاسك دثرتها بغطاء الأمل
وليته غطاء أمل يدفئك فتحلم فيه بحوراتك المطهرات
وجناتك المنعمات ووديانك الممهدات وجواهرك المرصعات
لكنه سراب أرعدك وكابوس أزعجك
بل لم يزعجك! , بل كابوس اعتدته فما عاد يزعجك

ضجيج الحياة حولك وأنت لا تسمع
ضياء الشمس عم الكون فأبيته وما تفتح عينك إلا في ظلام
ثورة الحياة في جسدك كمنت , فحكمت عليها بالسجن أو الإعدام
سجنت بناتنا الأبكار في قفص العنوسة انتظارا لك وعودة الحياة إليك
فقأت عين حيائهن وصبرهن وسترهن باستسلام قلبك للبيات
أبيت إلا أن تكون من المستضعفين الذين قال لهم رب البريات
ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها
ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة
جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه
الرزق ينزل وفي كل يوم
وأنت ويحك أين؟
الرزق كالمطر ويحك
يصيب كل شيء وكل مكان أفلا تعرضت له
لماذا قبلت أعير الأسماء وأحقر الصفات؟
رضيت باسم العاطل
وقبلت أن تكون باطلا في زمرة أهل البطالة
قبلت أن تأخذ ولم تفكر كيف تعطي
قبلت أن تكون يدك السفلي ولم تستح من سفالتها
قبلت أن تكون عالة وعبئا ثقيلا علي ذويك وأمتك
كل ذلك ليس عيبا عندك
فقبلُ قد قبلت الفناء
أبيت قبلة النبوة علي يديك لو رسمت عليها علامات العمل

أطيار السماء , ودواب الأرض فوقها وتحتها , كلها أبت إلاالسعي
توكلت بالحق وعلي الحق اعتمدت وخرجت في بكورها
وعادت ممتلئة البطون شاكرة للمنان فضله
النمل تحت الصخور والنحل في خلاياه يبنون الحياة
يبذلون الجهد الجهيد وربما الحياة نفسها لتعيش أممهم
وتدوم أجناسهم
وأنت لم تكن ولم تحرص علي فطرة البقاء
فطرة "من لم يعمل ويجتهد" لا يأكل!!
فمادمت تأكل وتشرب وتلبس وتركب وتتنعم وأنت لا تعمل
فكيف توجد فيك فطرة البقاء التي تذوقتها الحشرات!!

رجل سأل الناس
أغضب سؤاله النبي عليه الصلاة والسلام‏وعن ‏ ‏أنس بن مالك ‏
أن رجلا من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يسأله فقال أما في بيتك شيء قال بلى ‏ ‏حلس ‏ ‏نلبس بعضه ونبسط بعضه ‏ ‏وقعب ‏ ‏نشرب فيه من الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيده وقال من يشتري هذين قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين ‏ ‏أو ثلاثا ‏ ‏قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما ‏ ‏فانبذه ‏ ‏إلى أهلك واشتر بالآخر ‏ ‏قدوما ‏ ‏فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هذا خير لك من أن تجيء المسألة ‏ ‏نكتة ‏ ‏في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر ‏ ‏مدقع ‏ ‏أو لذي ‏ ‏غرم ‏ ‏مفظع ‏ ‏أو لذي دم موجع ‏
‏وعن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏
سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏لأن ‏ ‏يغدو ‏ ‏أحدكم فيحطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به من الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ذلك فإن ‏ ‏اليد العليا ‏ ‏أفضل من ‏ ‏اليد السفلى ‏ ‏وابدأ بمن ‏ ‏تعول.

أما سمعت!
إن كان ذلك التوجيه الإسلامي النبوي لا يحملك علي أن تتحرك وأنت تملك ذلك
فغر من الأمم حولنا فلا أحد ينتظر , في أي مجال يعمل بل ينافس . بل ولا يكتفي بالعمل بل يسعي لتسلق الجبال الوعرة والقفز من الطائرات والتسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية!
فما الذي يجعل شابا يعبر المحيط الهادي علي قارب بمجدافين فيلاقي الأهوال لكي يصل إلي الشاطيء الآخر في تسعة أشهروحيدا فتقابله حاملات النفط وهي لا تراه وهونائم و يقفز عليه حوت يفاجئه في ليله أو نهاؤه ؟!
وما الذي يجعل هذا العجوز يقفز من طائرة علي ارتفاع آلاف الأقدام؟! وما الذي يجعل هذا الشاب يخرج من غلاف الأرض ليقفز قفزة قد تكون فيها نهاية حياته
لكنه أراد ان ينفع رواد الفضاء إذا قفزوا لطاريء؟!
إنها عزائم من حديد هناك
وعزائم من ورق هنا
ونحن لا نريدك أن تحطم أرقام جينيس لكننا نريد أن تحطم قيودك وأغلالك وأنت تسابق الطير والنمل لا البشر
نريدك أن تحس بأهلك وبلدك وأمتك , نريدك أن تعيش الحياة التي أولانا بها الله وهي فرصة واحدة لا تتكرر.
لا عذر والله لك لا عذر لك أيها العاطل علي بطالتك
لا عذر لك
هذا هو الرسول الكريم قد جمع الحطب ورعي الغنم وعلي الإمام عمل أجيرا عند مستأجر وهذا نوح عمل نجارا وداوود عمل حدادا وهذا سلمان
عمل بتأبير النخيل وغيرهم كثير.
"ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش
قلبلا ما تشكرون "
لا تتحجج بعدم وجود فرصة أو بتضييق البشر أفرادا وحكومات لا تتحجج بالروتين والتعقيدات لا لا.
وإذا أراد شعب أن يعيش الحياة فلا بد وأن يستجيب القدر
اللهم بلغت اللهم فاشهد.

سجن

سجن

سجن اختاره الرجل..

بني أسواره بيديه..

أسوار تكفي لاعتقاله إلي الأبد...

سجن عجيب خانق قاتل

فالرجل مسروق لكنه لا يشعر

مسروق العمر والأمل والمستقبل

سُجن سجنا متعدد الأسوار

سور أول - جميل رقيق

مطلي الجناب .. مرضي المساس

سور أنثي.....

يظن أنه هو الذي يدور حوله..

بيد أن سورها هو الذي يدور حوله

يحتويه ..ويسجنه..

سور جعل الحياة عنده امرأة

امرأة يسعي لرضاها ولن ترضي

امرأة يقضي العمر كله ليزيدها ...

لكنها دوما تقول هل من مزيد !! ..

هي الوطن .. هي الدين .. هي العمر كله

لها يموت ومن أجلها يحيا .. وعليها ولها يبعث

كما تحب هي .. لا كما يحب هو

فهو إما أن يقضي العمر باحثا عنها

أو يقضي العمر , منشغلا بها
هذا السجن..وهذاالسور..تحرر منه الرجال..فهذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف الصديق ولا أدري ما علاقة الصديقية والكرم بهذا النبي الفائق الجمال بالذات..فلبث عليه السلام في سجن الحجارة بضع سنين ..تحت الأرض وخلف أبواب الحديد..وبقبضة السجانة الغلاظ .. ومع المجرمين من كل شكل من أن يسجن سجن امرأة..امرأة بارعة في كل شيء عشقته إلي حد الجنون ..لكن يوسف عشق العفة..وكذلك فعل صاحب النبي..غسيل الملائكة..من أول ليلة مع امرأته.. وبعد لحظة من ذوق عسيلتها , فضل أن يتذوق لذة الإيمان ولذة اللقاء بالله تعالي!!..
تعددت النساء عند النبي ..لكنه ما حبس نفسه في سجنهن..بل كان يقوم الليل إلا قليلا ويخرج داعيا ومجاهدا..صابرا ومصابرا..ويظل الشهر أو يزيد معتكفا في جبل وعر..في وحدة قاتلة..لكنه في لذة أنس كاملة مع الله.حتي فجأه الوحي في غار..هذا الجبل ولا تزال ثورة شبابه في أوجها..لكن النفوس الكاملة لا ترضي بغير الحق بديلا..تتفقده عائشة في ليله..فتجده عند المقبرة أو قائم يصلي!! ..
أتعلم أيها المؤمن..أن من العلماء من لم يجد وقتا للمرأة..فانصرف عنها لعلمه.. وقال : لا يجتمع العلم وأفخاذ النساء!!..منهم الإمام النووي رحمه الله أكثرعلماء الأمة قبولا وعلما..ولمدة ألف عام يتصدر علماء الأمة جميعا..لم يكن لديه وقت حتي للأكل والنوم..فكان لمدة سنتين لم يضع جنبه علي أرض..وكان ينام علي كتبه يغلبه النوم وقتا..فإذا أفاق..قال : إنا لله..لقد أضعنا زمانا طويلا!!..
وللمرأة أيضا سجن من الرجل..سجن صنعته هي عم الإسلام بظلامه..عبدت سي السد حتي قالوا : هذا هو الإسلام الذي استعبد المرأة !..والحقيقة أنها هي التي استعبدت نفسها لغير الله وألصقت بيديها تهمة للإسلام لابد أن تزيلها هي.وأن تجعل سيدها وولي نعمتها واحد هوالله سبحانه..دون الإساءة للآخر أو استعباده.. ألا فليحطم كل منهما هذا السور
فالحرية أغلي الكنوز...

وهناك أسوار وأسوار..

المال..التفاخر..العيلة..الأولاد..المناصب..الشهرة.. الدنيا كلها..فهي سجن..لا يفلت منها إلا من اخترق أسوارها وثقب بنور إيمانه جدرانها..وياللعجب.. أصحاب الكهف كانوا مستشارين وقادة وأثرياء ضحوا بها ودقوا هذا السور..وذاقوا التعذيب..ثم فروا إلي الله..ولما احتواهم كهف مئات السنين..عادت لهم الدنيا وقد ظنوا أنهم نجوا منها وأفلتوا.. تتهيأ لهم ثانية..و الناس يقدسونهم..وتعرض عليهم المناصب والهدايا والكنوز..لكنهم يقولون : منها كان الفرار فهي سجن تحررنا منه..فدعوا ربهم بالعودة إليه فعادوا إليه بعد يوم واحد من يقظتهم..!!

ملحوظة ...
لا يعني هذا الكلام ترك الدنيا وترك عمارتها والتزود منها للعاجل والآجل والمعاد لكنها كلمة تحررنا من أسوار لا تليق بمن أراد الآخرة وسعي لها سعيها..
فلنتأمل هذه الآية قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )

إلي أمي وأمك

إلي أمي وأمك

 
المنافق لا أم له إلا الهاوية

مدح ابن بهيج الأندلسي أم المؤمنين عائشة .. منافحا عنها وكل له دور بعد الله وعليه حق في الدفاع عنها قال رحمه الله في قصيدة رائعة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

ما شأن أم المؤمنين وشــــــــــاني *** هُدي المُحب وضل الشــــــــاني

إني أقـــول مبينا عن فضــــــــلها *** ومترجما عن قولها بلســـــــاني

يا مبغضي لا تأت قبر محـــــــمد *** فالبيت بيتي والمكان مكـــــــاني

مرِض النبي ومــــات بين ترائبي *** فاليوم يومي والزمـــــان زماني

زوجي رســـــــول الله لم أرغيره *** الله زوَجنــــــــــــــي به وحباني

وتكلم الله العظــــــــــــــيم بحجتي *** وبراءتي في محــــــــــكم القرآنِ

والله في القــــــــرآن قد لعن الذي *** بعد البراءة بالقبيح رمـــــــــاني

والله وبَـــــــــــخ من أراد تنقصي *** إفكا وسبح نفسه في شــــــــــاني

والله أحصــــــــــنني بخاتم رسله *** وأذل أهل الإفك والبهــــــــــتانِ

من ذا يفاخرني ويُنـــــكر صُحبتي *** ومحمد في حجره ربــــــــــاني؟

وأخذت عن أبوي دين محــــــــمد *** وهما علي الإســــلام مصطحبانِ

وأنا ابنة الصديق صاحب أحـــــمد *** وحبيبه في الســـــــــر والإعلانِ

نصر النبي بمــــــــــــــاله وفعاله *** وخروجه معه من الأوطـــــــــانِ

ثانيه في الغار الذي ســــــد الكوي *** بردائه أكـــــــــــــــرم به من ثان

سبق الصحابة والقرابة للهُــــــدي *** هو شيخهم في الفضل والإحسان

ويل لعبد خان آل محـــــــــــــــمد *** بعداوة الأزواج والأختـــــــــــان

طوبي لمن والي جمـــاعة صحبه *** ويكون من أحبابه الحســـــــــنانِ

بين الصحــــــــــــــــــابة والقرابة *** أُلفة لا تستحيل بنــزغة الشيطان

هم كالأصـابع في اليدين تواصلا *** هل يستوي كفَ بغير بنــــــــان؟

حُب البتـــــــــول وبعلها لم يختلف *** من ملة الإســــــــــــلام فيه اثنان

أكرم بأربـــــــــــــعة أئمة شرعنا *** فهُمُ لبيت الدِين كالأركــــــــــــان

فدخولهم بين الأحـــــــــــــبة كلفة *** وسبابهم سببٌ إلي الحرمــــــــان

جمع الإله المسلمــــــين علي أبي *** واستُبدلوا من خوفهم بأمــــــــــانِ

من حبَني فليجتنب من ســـــــبني *** ان كان صـــــان محبَتي ورعاني

إني لطيـــــــــــــــبة خُلقت لطيب *** ونساء أحمد أطيب النســـــــــوان

إني لأم المؤمنـــــــــــين فمن أبي *** حبي فسوف يبوء بالخســــــــران

الله حببني لقلب نبـــــــــــــــــــيه *** إلي الصراط المســـــــتقيم هداني

والله يكرم من أراد كرامـــــــــتي *** ويُهـــــــــــــــين من أراد هـــواني

يا من يلوذُ بأهل بيت محــــــــمد *** يرجو بذلك رحمة الرحــــــــــمان

صلْ أمَهات المؤمنين ولا تــــحد *** عنَا فتُسلب حلَة الإيمــــــــــــــــان

من ذا يفاخرني وينــــكر صحبتي *** ومحمد في حجره ربــــــــــــاني؟

إني لصادقة المقال كريــــــــــمة *** إي والذي ذلت له الثقـــــــــــــلان

صلي الإلـــــــــهُ علي النبيِ وآله *** فبهم تُشمُ أزاهر البُســــــــــــــــتان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

صور الندامة

صور ومقاطع لا غني لأحد عن رؤيتها , صورها رب البريات لأهمية عرضها حتي قبل وقوعها فيتحصل منها المؤمن موعظة بليغة يجل منها قلبه ويقشعر منها جلده وتتغير بها أحواله ولا تزيد الظالمين إلا خسارا .. الندم بسكون الدال كما ذكره الزمخشري هوالغم اللازم إذ يندم صاحبه لما يعثر عليه من سوء آثاره , ويقال : التقدم قبل التندم , وهذا يروي عن أكثم بن صيفي أنه قال : إن أردت المحاجزة فقبل المناجزة , قال أبوعبيد : معناه . انج بنفسك قبل لقاء من لا قوام لك به , هو التحسر :" أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله " .. والندم في الدنيا محاسبة فهو من التوبة كما قال النبي عليه السلام : الندم توبة .. ولا يتحصل المرء علي ندم التوبة إلا إذا رأي بعينيه في عالم الغيب صور الندم التي صورها لنا عالم الغيب سبحانه ..
فالصورة الأولي من الندم عند الفراق
حين تلتف الساق بالساق " إلي ربك يومئذ المساق " .. في لحظة فارقة , فاصلة لا بين ليل ونهار أو بين مشرق ومغرب بل بين الدنيا والآخرة .. حينها يأتيه شريط اللحظات والساعات والأيام والأعوام فيجد أن أكثرها فراغ , فراغ مع عافية نعمتا الغبن " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" حينها يتمني الرجوع ليستدرك ما فات " حتي إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت " فهذه أول أمنية نتجت عن اول ندم في أول غيب تراه عينه .. لكن هيهات أن ينطلي ذلك علي علام الغيوب الذي قال " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" لذا يقال لهذا النادم المتمني " كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون".
الصورة الثانية للندم - عض الأيدي
في أرض القيامة وهو يري أن أهون أهل النار عذابا في هذا اليوم لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان , يغلي منهما دماغه , وفي رواية : له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه - كما يغلي المرجل - ما يري أن أحدا أشد منه عذابا , وإنه لأهونهم عذابا " حينها تتخايل أمامه تلك الضحكات والقهقهات والجلسات والشراب المحرم ومااقترفته يداه بسبب اصدقاء وأحباب تمني أنه ما عرفهم " ويوم يعض الظالم علي يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد اضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا" يقول سيد رحمه الله : فلا تكفيه يد واحدة يعض عليها إنما هو يداول بين هذه وتلك أو يجمع بينهما لشدة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضه اليدين في نتيجة طبيعية لمصاحبة أصحاب السوء ومعاداة أهل الصلاح.
الصورة الثالثة من الندم -عند عرض الأعمال
فالكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا" ينبؤ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر" وهذا الأعمال تعرض أمام الخلائق والكل ينظر " يوم تبلي السرائر فما له من قوة ولا ناصر" وهذا الكتاب لا أحد يقرأه إلا صاحبه " اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا " ويتلقاه الإنسان إما بيمينه دليل بشري , أو بشماله أو من وراء ظهره دليل مصيبة بل نكبة الأبد فإذا سارعت شماله لالتقاط الكتاب يندم ويقول : " ياليتني لم أوت كتابيه و* لم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * ما أغني عني ماليه * هلك عني سلطانيه" فلا نفعه مال ولا جاه أو سلطان فيتحسر ويندم بعد أن يقرأ الفضيحة تلو الأخري والله والملائكة والعالمين شهود فيتمني لو كان ترابا وطئته الأقدام بل إنه يتمني الموت ويكون أغلي أمانيه.
الصورة الرابعة من الندم -عند مجيء النار
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : " يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام , مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" رواه مسلم . أربعة مليارات وتسعمائة مليون ملك يجرون جهنم بعد وقفة العرض والتقاف الكتب " وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأني له الذكري " لا تنفع اليوم ذكري أو ندم ومجيء جهنم هنا مجرد إبراز وإظهار "وبرزت الجحيم للغاوين " يقول الإنسان عندذاك " ياليتني قدمت لحياتي " وما أعظم ندم من استحق العذاب ورأي بأم عينه جهنم -مقر العذاب- حتي الآمنون من العذاب يتحسرون : أخرج أحمد بسنده عن محمد بن عميرة وكان من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قال : لو أن عبدا خر علي وجهه من يوم ولد إلي أن يموت هرما في طاعة الله , لحقره يوم القيامة ولود أنه رد إلي الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب "
الصورة الخامسة من الندم - عند وقوفهم علي النار
سيقف المكذبون علي النار ويرونها ويتمنون العودة وأن يكونوا من المؤمنين الذين كانوا يضطهدونهم في الدينا " ولو تري إذ وقفوا علي النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين "لم يكن ذاك قبل الوقوف علي النار.. إنه المكر والنفاق الذي علق بقلوبهم , لكن الله يمكر بهم ويفضحهم بقوله " بل بدا لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " نعم كاذبون ولا ينفع ذلك الندم الكاذب مع الله.
الصورة السادسة من الندم - بعد دخول النار (والعياذ بالله)
" يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا "
أكثر الناس أضلهم الكبراء والسادة فرضوا بالذلة والجبن والصغار معهم فرافقوهم في النار . قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد..
ندم ثم ندم ولا يجتر النادم إلا الحسرة " أن تقول نفس ياحسرتي علي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين تري العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين -بلي قد جاءتك آياتي فاستكبرت وكنت من الكافرين .. فمن
تذكر احوال الندم هذه أفلا يسارع إلي ندم التوبة والمحاسبة كل يوم وليلة ولحظة من هذا العمر القصير الذي كتبه الله علينا ليبلونا أينا أحسن عملا , أنشكر أم نكفر .. اللهم رحمتك

ماذا لو سلط الله عليك

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تقل : أنا عصيت ولكن قل إن الحافظ أعرض ..
فهذه مقولة حكيم تشبع من القرآن حتي وعاه .
فمع كل نفَس وفي كل لحظة أنت علي خطر ..
في أي مكان وعلي أي أرض لا تنفك عنك مصيبة أو كدر ..
من داخلك وفي دمك يسري الشيطان .. وكائنات فاتكة لا تراها العيون ..
حولك جنود إبليس أجمعون .. الحاقد والمعتدي والظالم والمنتظر
" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين" " لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن " .. فالكل مسلط عليك .. " ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم "
" وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ؟" ..

بقدر الله كان ..إماعقوبة والعياذ بالله فلتسارع إلي تضرع موسي عليه السلام " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " فقد قال الله بعدها " فغفر له إنه هو الغفور الرحيم " .. وإلي تضرع يونس عليه السلام : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قال بعدها : "فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " .. وإما ابتلاءا " ولنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " كما حدث في أحد ويوم حنين وما يحدث في البلاد الإسلامية من ظلم واعتداء واحتلال .. فعليك بالصبر عند البلاء ومدافعته ما استطعت إلي ذلك سبيلا .. وإما تمحيصا للذنوب كما قال تعالي " وليمحص الله الذين آمنوا " ..
ولله أن يفعل ما يشاء ويسلط من يشاء علي من يشاء إذا شاء ولا يقبح من الله تعالي تسليط الكافر علي المؤمن وتقويته عليه .. تفسير مفاتيح الغيب للرازي..

قد يكون المسلط شيطانا .. هذا هو الأصل .. فما أُنظِر الشيطان إلا لذلك .. لم يسلم منه أحد .. إن يأس من الإضلال لم ييأس من الإضرار .. قال أيوب عليه السلام : رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب .. أو بتجييش شياطين الإنس كما ذكرنا الآية آنفا .. وقد يكون المسلط قريبا وأحب إليك من كل شيء .. قال تعالي : " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا " وهؤلاء إخوة وأبناء أنبياء سلطوا علي يوسف وأبيه .. وهذه امرأة قد شغفها يوسف حبا لكنها قالت : " ليسجنن وليكونا من الصاغرين " سلطت عليه حتي سجنته سنين عددا .. وقد يكون زوجا وخليلا أو زوجة وخليلة .. كهذه التي يعذبها زوجها ويضربها ويقذفها ويشهد بزناه وخيانته أمامها ويطلقها الطلاق العاشر وهو لا يلقي لقوله أو فعله بالا .. وهي لا تجد أو لا تعرف حيلة للخلاص .. كذلك فما أقسي أن تسلط امرأة علي رجل..

إذن نحن في بحر متلاطم الأمواج من الشرور والمخاطر وجيوش من المسلطين الماكرين .. وماجعل القلب لايزال نابضا بالحياة إلي هذه اللحظة هو الحافظ سبحانه فقط لاغير .. فإذا أعرض جاء الموت أو الضلال أو أي شر آخر " وهو الذي يرسل عليكم حفظة حتي إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " " وأن عليكم لحافظين " " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله"

1- كيف ندفع عنا هؤلاء المسلطين علينا ؟
أولا : الحافظ سبحانه هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين فلنسأله قطعا المعونة علي الحفظ .. فكلما قل السؤال كلما زاد التخلي ووقع المحظور .. ففي كل يوم بل كل ركعة نقول مستمدين العون " اهدنا الصراط المستقيم " ولقد جاء الأمر بهذه الصيغة العجيبة " حافظوا علي الصلوات الوسطي وقوموا لله قانتين " حافظوا أنتم لتحفظوا عليكم دينكم وحياتكم ومقدراتكم .. والنبي عليه السلام يبتهل ويقول " والسلامة من كل إثم "

ثانيا : بعد سؤال المعونة احفظ ما أمرالله وما نهي عنه .. احفظ الله يحفظك .. احفظ الله تجده أمامك .. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله .. تعرف علي الله في الرخاء يعرفك في الشدة .. وقال تعالي " حافظات للغيب بما حفظ الله " وذكر الرازي في تفسيره : أن تكون «ما» مصدرية، والتقدير: بحفظ الله، وعلى هذا التقدير فيه وجهان: الأول: أنهن حافظات للغيب بما حفظ الله إياهن، أي لا يتيسر لهن حفظ إلا بتوفيق الله، فيكون هذا من باب إضافة المصدر إلى الفاعل.... والثاني: أن المعنى: هو أن المرأة إنما تكون حافظة للغيب بسبب حفظهن الله أي بسبب حفظهن حدود الله وأوامره، فإن المرأة لولا أنها تحاول رعاية تكاليف الله وتجتهد في حفظ أوامره لما أطاعت زوجها، وهذا الوجه يكون من باب إضافة المصدر إلى المفعول.. بيد أن إضافة المصدر للفاعل والمفعول أجدر بعموم المعني واللفظ فلما حفظت هي حفظ الله .. أو حفظت بحفظ الله وسبحان من يعلم بما في القلوب فيعطي ويمنح ويمنع علي قدر ما في هذه الاوعية (القلوب) وقال سبحانه " ويحفظن
فروجهن " وقد أخبر الحبيب عن خير النساء" حفظتك في نفسها ومالك .

ثالثا :الصبر .. الله لا يؤوده حفظك أو حفظ هذا العالم كله .. أما أنت فيؤودك حفظ نفسك علي صراطه .. ويؤودك حفظ نفسك من شياطين الجن والإنس .. وأنت كذلك يؤودك حفظ بدنك حال يقظتك او نومك .. فلا بد من أن تساعد نفسك بالصبر لعجزك الظاهر هذا.. قال الحافظ سبحانه " واصبر لحكم ربك فإنك بأعييننا وسبح بحمد ربك " .. فصلي عليك الله يا من رأيت نفسك تحت عين الرقيب فصبرت وصابرت حتي فزت ونجحت ونجوت .. كنت وحدك في قريش تسفه احلامهم وتهدم بدعوتك اصنامهم فآواك وأيدك بنصره .. أخرجوك وظاهروا علي إخراجك وعين الله حفظتك بصبرك وجهدك ومعاناتك .. تآلف عليك كل من في الأرض أنت وقليل من أتباعك فنصرك علي الأحزاب وحده .. وبلغت دعوتك كل مكان وقلت كلمة بمداد الذهب : اللهم بلغت اللهم فاشهد .. ورحم الله عائشة المظلومة بافتراء المنافقين المسلطين لصبرها نزل الوحي بعفتها وجلالة قدرها ولم تستطع هي ولا رسول الله دفع البلاء..

2- هل أنت من المسلطين علي عباد الله؟
من أدراك أنك لست مسلطا .. وأنك لم تجعل نفسك بلاء علي واحد من خلق الله أو احد من أولياء الله؟ .. ما الضمان إذن وما المقياس ؟ .. أنت مسلط إذا تمنيت شرا لأحد .. تكون مسلطا إذا آذيت بقول أو فعل أحدا من المسلمين .. تكون مسلطا إذا تركت الصلاة .. وأول من سُلطت عليه هو أنت .. تكون مسلطا إذا لم تعفو عمن ظلمك أو منعت من حرمك ولم تغفر عمن أساء إليك .. تكون مسلطا إذا تتبعت عورة امريء وانتهكت أسراره وذكرته بسوء .. تكون مسلطا إذا كنت حاكما أو أميرا لجماعة من المؤمنين فزاد بك عناؤهم وبلاؤهم .. تكون مسلطا إذا لم توقر استاذك ومن يعلمك الخير ولم تعرف قدركل كبير له فضل عليك .. تكون مسلطا إذا كنت مؤمنا طائعا .. تدفع عدو الله " والله يسلط رسله علي من يشاء" ... والأمثلة كثيرة .. والأخيرةهي المحمودة وحدها وهي المأمولة لكل تقي .. وهي أن يرد عدوان من المعتدين " .. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا .. والله أعلم وهو الموفق والحافظ
*****
إذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان

الكذب المهذب


بسم الله الرحمن الرحيم
الكذب لا يجتمع والإيمان في قلب .. وهو أي الكذب لايختلف علي جرمه وقبحه اثنان .. ومع ذلك تمرره نفوس البعض لغفلة متغلغلة مستوطنة لا شك .. والبعض يخجل منه فيسميه بغير اسمه .. لكن الكذب هوهو لا يتغير بتغير الإسم ولا بتغير المسمي..
إن من الناس من يكذب .. ويكذب لكنه يحرص علي أن يكون كذبه سائغا ومهذبا .. وإنه قد يبغض كل الناس لكنه يحبهم بلسانه .. ويرتكب كل الجرائم لكنه يعرف ويتقن كيف يتخلص من آثار ونتائج جرائمه .. وكل ذلك تحت باب الكذب المهذب ..لأنه يعلم بخبرة أن الناس يفضلون اليد الناعمة التي تحمل خنجرا علي اليد الخشنة التي تحمل نقودا .. ويؤثرون كأس البلور المملوءة سما علي كأس الخزف المملوءة ماءا زلالا ..

هناك من جعل يعدد جرائم أحدهم التي لو مزجت بماء البحر لمزجته .. ثم يقول ومع ذلك فإني أحبه وأجله لأنه "رجل ظريف" ! .. وهناك إنسان لا يفي بوعد وعده .. لكنه يحسن الإعتذار فلا يسمونه مخلف الوعد .. وهناك من لم يره أحد يعطف علي مسكين أو فقير لكنه يعرف أن يبكي لمصاب البائسين والمنكوبين وببكائه فهو الجواد السمح الكريم .. وهذا يأكل مال اليتيم لكنه يمسح علي رأسه ويحتضنه إلي صدره أمام الناس فهو أرحم به من أبيه الراحل وامه المنكوية أو الراحلة .. وذاك يغتاب كل الخلق ويقع في أعراضهم فهذا فاشل وهذا جاهل وهذه متكبرة ومتحررة وفاجرة وهذا وهذه .. ثم يخلط كلامه بالهزار والهزل فيراه الناس ظريفا!

يأخذ الربا فيأكله ويتجشأ ويطمئن ويقوم الليل كله ويقرأ القرآن ويدفع الزكاة .. فما هذه إلا فائدة أحلها جل العلماء .. ننضرب جميعا علي أقفيتنا من عدو لا يشك في عداوته صغير ولا كبير .. رجل ولا امرأة .. مدني ولا عسكري .. حاكم ولا محكوم .. سني ولا شيعي .. مسلم ولا نصراني .. لكن الكذب المهذب يمرر كل هذا الهوان بسياسة دفن الوجوه في الرمال وغض البصر الذي هو فريضة هنا وفي هذه الحالة فقط.. ومع الغض طمس البصيرة..

ليس صحيحا أن الأرقام والصور لا تكذب .. بل هي تكذب لاننا نكذب بها ونلفقها ونفبركها علي هوانا .. أخي ليس عيبا أن تخطيء أو أن تجهل لكن المصيبة في الجهل المركب الذي يظن صاحبه انه لا يخطيء وانه لا يجهل وأنه المعصوم الأوحد فالمليونير الذي تقع منه مائة جنيه لا يكترث أما الفقير فإن فقد المئة حتما يهز كيانه .. كذلك فقير المبادئ والمعرفة .. خطأه يزعجه ويزلزله ولا يرضي بنقد واحد أبدا .. ويقتنع بكذبه علي نفسه ..

نجامل بأدب لكنه كذب مهذب ونقول : الإسلام يحترم المرأة .. الإسلام يحترم الطفل .. الإسلام يحترم الحيوانات .. ولا أحد يريد أن يصدق مرة ويقول هذه كلمة طامة .. لماذا لا تحترم المرأة الإسلام وإلا فلتذهب إلي الجحيم .. لماذا الإسلام هو الذي يحترم ولا أحد يحترمه .. ولماذا ولمصلحة من يختزل الإسلام في المرأة وكأننا خنثناه وأنثناه .. وكل ذلك يتم بالكذب المهذب من بعض العلماء وبعض ولاة الأمر وبعض المجاملين للغرب ولو علي دينهم وعرضهم .. هل هذا نفاق جديد في عصر جديد بلون جديد مقنع ولذيذ .. ربما .. اللهم أعذنا وأجرنا..

قزمان في النار

بسم الله الرحمن الرحيم
-------------
ما نفعتك يا قزمان صحبة خير البشر .. وخاتم الأنبياء .. ودرة الدنيا .. وتاج الأتقياء .. ما نفعك جهادك العظيم الذي سبقت به المهاجرين والأنصار .. ما نفعك وقوفك خلف النبي في الصلاة حيث تنزل الملائكة والروح فيها وفي كل لياليك.. ما نفعتك آيات ولا عبر .. قلب انقد من الحجر .. وإن من الحجارة لما يهبط من خشية الله .. قلت كلمة الكفر صادقا فيها : { ماقاتلت إلا عن أحساب قومي .. قاتلت قريشا حتي لا تحتل أرضنا } .. وما أشد بأسك لكنك عند الجراح ألقيت السلاح .. غير سلاحا أجهزت به علي نفسك .. وقلت : إذا كان الله يبديء فأنا أعيد .. وإذا كان الله يحيي فأنا أميت .. فقابلت الله في أول لقائك به في صورة إله .. أو نصف إله .. وقلت : وهو الذي في السماء إله وأنا في الأرض إله .. تبت يدا كل قاتل لم يجد عدوا يقتله إلا نفسه .. ولم يرحم نفسه حيث رحمها مولاه (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) ..تجرعوا وذوقوا الخلد والعذاب الأليم .. حيث بأيدكم صددتم رحمة الرحمن الرحيم ..

كان قزمان من الصحابة .. وكان أكثرهم طاعة .. فلا يُري الا راكعا أو صائما .. كان كلما ذكر اسمه أمام رسول الله صلي الله عليه وسلم أو مر أمامه قال صلي الله علية وسلم : إنه من أهل النار فيتعجب الصحابة رضوان الله عليهم .. حتى كان يوم أحد .. فكان قزمان أول من رمي من المسلمين وقاتل حتى قتل جميع حملة راية قريش من بنو عبدالدار وقد كانوا عشرة فرسان .. فلما ذكر الصحابة ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم قال إنه من أهل النار فقام أحد الصحابة رضي الله عنهم بتتبع قزمان فرآة كالأسد في مهاجمة المشركين وقتلهم فكان أن تبارز قزمان مع أحد صناديد قريش فقتله قزمان بعد أن جرحه القرشي فقام قزمان فأخذ سيفه ووضعه علي صدره وطعن نفسه ومات وقيل : عندما اشتدت الآلآم على قزمان ، أخذ سهماً من كنناته فقطع بها رواهشه [ شريان باطن الذراع ] فنزف حتى مات ..

فراح الصحابي رضي الله عنه للرسول صلي الله عليه وسلم وقال : أشهد أنك لرسول الله فقال له صلي الله عليه وسلم : لماذا؟ قال : قزمان الذي قلت إنه من أهل النار قتل نفسه.. فقال صلي عليه وسلم : إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة وهو من أهل النار ويعمل عمل أهل النار وهو من أهل الجنة .. وقال صلي الله عليه وسلم من تجرع سما ومات فهو في نار جهنم خالدا مخلدا فيها يتجرع سمه ومن تردي من جبل وقتل نفسه فهو خالدا مخلدا في نار جهنم يتردي فيها ومن ضرب نفسه بحديدة وقتل نفسه فهو خالدا مخلدا في نار جهنم يضرب نفسه بحديدته..

لا أرض ولا وطن .. ولا أهل ولا ولد .. ولا مال ولا عدد أغنت عمن لوث النية الصافية بأوثان نحتها من دون الله .. وجه وجهه شطرها .. واستبدل قبلة قلبه نحوها .. أفني عمره مجاهدا في سبيلها .. ذكرها شعاره .. وحبها دثاره .. عزلها بمكر عن الله وقال لنفسه اختاري .. إما هي أو الله .. ولو كان عاقلا منصفا لقال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين.. فالمال والولد والأرض والوطن بغير الله هي هبل واللات والعزي ومناة الثالثة الأخري .. ما أغنت عن قزمان .. ولا عن فرعون وقارون وهامان .. "ماأغني عني ماليه هلك عني سلطانيه " .. " ما أغني عنه ماله وما كسب .. سيصلي نارا ذات لهب "..

ذكر بن اسحاق قال :كان عندنا رجل غريب يقال له : قزمان ، وكان ذا بأس وقوة ، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر له يقول : " إنه من أهل النار " فلما كان يوم أحد قاتل قزمان قتالاً شديدا ً ، ويقال : إنه أول من رمي من جانب المسلمين بسهم في المعركة ، وكان يرمي بالنبال كأنها الرمال ، ثم فعل بالسيف الأفاعيل ، ولقي المشركون منه الأهوال .
ذكر ابن كثير :أن قزمان جرح جراحات كثيرة في المعركة يوم أحد فحمل إلى داره بالمدينة ، وكان المسلمون يغدون عليه ويقولن : أبشر قزمان ، فيقول لهم : بم أبشر ؟ وأنا ماقتلت إلا عن أحساب قومي ،لم أقاتل على دين ، ولكني قاتلت قريش حتى لاتطأ أرضنا وعندما اشتدت الآلآم على قزمان ، أخذ سهماً من كنناته فقطع بها رواهشه [ شريان باطن الذراع ] فنزف حتى مات .

لو لم يهبط معنا إبليس..

بسم الله الرحمن الرحيم

لو تخيلنا مثلا أن آدم عليه السلام هبط إلي الأرض وحده - هو وزوجه فقط - ولم يهبط معه إبليس .. والذي كان سببا مباشرا في خروجه من الجنة ..

إننا نفترض فقط - مجرد هلوسة - أن الإنسان هبط إلي الأرض ومعه فقط غرائزه التي تعينه علي البقاء .. وليس معه من يغويه أو يوسوس إليه .. ولا من يجري في دمه يقوده إلي شر المصير ..

هل يستطيع إذا اشتعلت شهوته أن يسيطر عليها ؟ .. وهل يغضب ؟ أم أن الغضب عجينه شيطانية بحتة .. هل يطمع في ملك غيره فتقع حادثة هابيل وقابيل ؟ ..

وهل ينزرع الكره في القلوب ونري صفات إبليس من التعالي والفخر والعجب والظلم ؟ .. هل تكون هناك صفحات للحوادث في صحفنا وإعلامنا ؟

هل إذا جلس رجل وحده إلي أنثي بغير أن يكون معهما شيطان - ثالثهما - فهل يغلب الجمال والرغبة درجة التعقل ولا يقع ما قد يحدث لو كان ثالثهما حاضرا ؟

هل تشرب الخمر التي لا معني لشربها وهل تزرع المخدرات ؟ .. وهل كان سيظهر السحر لأن ( الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) ؟ وهل كان سيظهر أبوجهل وأبو لهب وفرعون وهامان أعداء الأنبياء ؟ وهل نري يوسف في سجنه لأنه قال لا ؟ وهل تبني السجون والمعتقلات أصلا ؟

وهل كنا سنري احتكار السلع والغلاء والشح والبخل ؟ وهل كنا سنري حوادث السيارات والسفن والقطارات ؟ وهل كانت تحدث الأزمات الإقتصادية والسياسية ونري الحدود الجغرافية والتفتيش في المطارات والموانيء ؟

وهل يحمل الشباب المطاوي والسنج ؟ وهل تُعق الأبوة والأمومة أو تهان ؟ وهل يحدث الطلاق وهو من أجل أعمال إبليس ؟

هل كانت ظهرت القنابل التقليدية والذرية والمعنقدة والفرادي والطائرات المقاتلة وحاملاتها ؟ وهل كنا صنعنا الصواريخ والغواصات والمدرعات والدبابات وما نعلمه وما لا نعلمه من سلاح الفتك والدمار؟ وهل كانت الحروب قامت ؟ ..

هل كان الحاكم سيظلم شعبه ويجور ويجول ويصول ويعبث بمقدرات أمته ومصائر وطنه .. وهل نري الشعوب تستكين وترضي بالمقدور؟

هل كانت سيقان وصدور النساء تعرت ؟ وتجملت وتزخرفت وجوه الحسان وغير الحسان ؟ وبرزت واستبانت أعجاز النساء ؟ وهل كانت ظهرت الراقصات ؟ وبائعات الهوي والغانيات ؟

هل كنا تركنا الصلاة والعبادات ؟ وهل كنا فقدنا الخشوع مع عدم وجود - خنزب - شيطان الصلاة ؟

أسئلة كثيرة لابد أن نجيب عنها .. لأننا لو أثبتنا أن الشيطان هو سبب كل مصائبنا فما أسهل أن نُفقده خصائصه وصلاحياته ونضعف سلطانه وسلطاته ونعيش بدونه ولو كان بيننا ويجري في دمائنا .. لأن ذلك ممكنا ومعقولا..

لقد فعل ذلك كثير من البشر علي رأسهم الأنبياء وكذلك الأولياء .. ( إلا عبادك منهم المخلصين ) ( إنه ليس له سلطان علي الذين آمنوا وعلي ربهم يتوكلون ) (إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) ..

(إخلاص .. إيمان .. توكل .. تذكر .. استبصار .. استعاذة .. وغيرها ) .. هذه الأشياء اليسيرة بالصبر والمصابرة كفيلة بتحجيم سلطات الشيطان..عندها لن يملك الشيطان من أمرنا شيئا ولن يستطيع .. كمن يركب البحر ويتنقل بين أمواجه بسفينته المتماسكة القوية وقيادته الحكيمة .. لكن إذا أصابها خرق أو ضعُف بنيانها فإنها تتهاوي ثم تغرق .. والبحر عميق ..


حقيقة .. ليس الشيطان وحده السبب .. يقول يوم القيامة أمام ربه لكل مجرمي بني آدم ( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) بعد قوله ( فما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) وقال : ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) كل عمله هو - قول ودعوة وتزيين فقط ..

أما الشيطان الحقيقي والأشرس فهي النفوس البشرية .. وغير البشرية .. فكل نفس أيا كانت .. وُجدت فيها غرائز وأهواء وشهوات .. تفعل - لا ريب - كل مالا يحمد عقباه ..

يعني أننا لو لم يكن معنا إبليس ولم تكن هناك وساوس شيطانية خارجية .. فإننا سنفعل كل المحظورات .. ونجلب علي أنفسنا كل أسباب العذاب والمصائب .. طبعا دون أن نبريء الشيطان من جرائمه في حقنا .. ولهذا دليل والله أعلم .. بل أكثر من دليل ..

من الأدلة أن الله تعالي قد أوجد علي الأرض خلقا قبلنا .. عاثوا في الأرض فسادا وإفسادا .. ولم يكن معهم موسوس إلا النفوس .. قالت الملائكة لربها عند خلق آدم ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .. قال إني أعلم مالا تعلمون )

ومن الأدلة .. القصة المروية عن أهل الكتاب ورواها أحمد في مسنده وأبو حاتم بن حبان في صحيحه وغيرهم .. عن قصة الملكين ببابل هاروت وماروت .. " إن الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم، قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك، قال: فاختاروا ملكين منكم ، قال: فلم يألوا جهداً أن يختاروا، فاختاروا هاروت وماروت ..

المهم في نهاية القصة .. أعجبتهما امرأة جميلة فاتنة فتأبت عليهما حتي يدينا بدينها فلم يصبرا وأشركا بالله وشربا الخمر وقتلا النفس التي حرم الله .. فعاقبهما الله في الدنيا إلي حين .. والله أعلم بحقيقة هذه القصة التي ذكرتها جل التفاسير .. وأنكرها كثير .. من المفسرين وأهل الحديث .. وعدت من الإسرائيليات .. لكن العبرة واضحة فيها إن صحت ..

ومن الأدلة .. قوله تعالي : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) وذلك بعد وقوفهم علي حافة النار ورأوا ما فيها من عذاب .. أنهم لو عادوا لعادوا .. ومنها أيضا قول يوسف عليه السلام لمن مدحه علي عصمته وعفته : ( وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )..


لكل ما تقدم فطن أهل الله لهذا الأمر فانشغلوا بترويض نفوسهم عن كل ما سواها حتي عن الشيطان نفسه ووسوسته .. فمثلا عندنا الحدث الأشهر .. إبراهيم عليه السلام يري مناما .. يذبح فيه ولده الذي انتظره تسعين سنة ..

مع أنها رؤيا وليست حديثا مباشرا من ملك السماء .. لكنه استشار ابنه البار في ذلك فقال الولد - الذي باع نفسه لله أيضا "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فاستسلم الأب والإبن لله وحكمه " فلما أسلما وتله للجبين " وانظر إلي دقة التعبير القرآني " أسلما " ..

مع محاولات إبليسية حثيثة لمنعه وولده والأم الصابرة وإثنائهم عن الاستسلام لله نجحوا في ترويض نفوسهم بل رجموا الشيطان .. فكان ما فعلوه سنة وعباده لله سارية المفعول لكل بني آدم إلي قيام الساعة .. وكان جزاء الله لهم هو الفداء " وفديناه بذبح عظيم " وسلام علي عباده الذين اصطفي ..

إن التعلق بنعم الدنيا وعطايا الإله هنا وفي هذه الدنيا الفانية شغل عن الله بل إنها فتنة .. وأوثان تعبد من دون الله .. لذلك كان الأمر بذبح إسماعيل ولذلك كان ضياع يوسف من أبيه .. وهجرة الأنبياء من اوطانهم .. وفقد الأحباب الذين تعلقت بهم القلوب ..... يقول ماري آن إيفانس الإنجليزي : الشيطان لا يعيش بيننا من تلقاء نفسه .. إنما نحن نغريه بذلك ..... فما رأيك أنت أخي ؟