الخميس، 11 نوفمبر 2010

ماذا لو سلط الله عليك

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تقل : أنا عصيت ولكن قل إن الحافظ أعرض ..
فهذه مقولة حكيم تشبع من القرآن حتي وعاه .
فمع كل نفَس وفي كل لحظة أنت علي خطر ..
في أي مكان وعلي أي أرض لا تنفك عنك مصيبة أو كدر ..
من داخلك وفي دمك يسري الشيطان .. وكائنات فاتكة لا تراها العيون ..
حولك جنود إبليس أجمعون .. الحاقد والمعتدي والظالم والمنتظر
" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين" " لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن " .. فالكل مسلط عليك .. " ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم "
" وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ؟" ..

بقدر الله كان ..إماعقوبة والعياذ بالله فلتسارع إلي تضرع موسي عليه السلام " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " فقد قال الله بعدها " فغفر له إنه هو الغفور الرحيم " .. وإلي تضرع يونس عليه السلام : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قال بعدها : "فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " .. وإما ابتلاءا " ولنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " كما حدث في أحد ويوم حنين وما يحدث في البلاد الإسلامية من ظلم واعتداء واحتلال .. فعليك بالصبر عند البلاء ومدافعته ما استطعت إلي ذلك سبيلا .. وإما تمحيصا للذنوب كما قال تعالي " وليمحص الله الذين آمنوا " ..
ولله أن يفعل ما يشاء ويسلط من يشاء علي من يشاء إذا شاء ولا يقبح من الله تعالي تسليط الكافر علي المؤمن وتقويته عليه .. تفسير مفاتيح الغيب للرازي..

قد يكون المسلط شيطانا .. هذا هو الأصل .. فما أُنظِر الشيطان إلا لذلك .. لم يسلم منه أحد .. إن يأس من الإضلال لم ييأس من الإضرار .. قال أيوب عليه السلام : رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب .. أو بتجييش شياطين الإنس كما ذكرنا الآية آنفا .. وقد يكون المسلط قريبا وأحب إليك من كل شيء .. قال تعالي : " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا " وهؤلاء إخوة وأبناء أنبياء سلطوا علي يوسف وأبيه .. وهذه امرأة قد شغفها يوسف حبا لكنها قالت : " ليسجنن وليكونا من الصاغرين " سلطت عليه حتي سجنته سنين عددا .. وقد يكون زوجا وخليلا أو زوجة وخليلة .. كهذه التي يعذبها زوجها ويضربها ويقذفها ويشهد بزناه وخيانته أمامها ويطلقها الطلاق العاشر وهو لا يلقي لقوله أو فعله بالا .. وهي لا تجد أو لا تعرف حيلة للخلاص .. كذلك فما أقسي أن تسلط امرأة علي رجل..

إذن نحن في بحر متلاطم الأمواج من الشرور والمخاطر وجيوش من المسلطين الماكرين .. وماجعل القلب لايزال نابضا بالحياة إلي هذه اللحظة هو الحافظ سبحانه فقط لاغير .. فإذا أعرض جاء الموت أو الضلال أو أي شر آخر " وهو الذي يرسل عليكم حفظة حتي إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " " وأن عليكم لحافظين " " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله"

1- كيف ندفع عنا هؤلاء المسلطين علينا ؟
أولا : الحافظ سبحانه هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين فلنسأله قطعا المعونة علي الحفظ .. فكلما قل السؤال كلما زاد التخلي ووقع المحظور .. ففي كل يوم بل كل ركعة نقول مستمدين العون " اهدنا الصراط المستقيم " ولقد جاء الأمر بهذه الصيغة العجيبة " حافظوا علي الصلوات الوسطي وقوموا لله قانتين " حافظوا أنتم لتحفظوا عليكم دينكم وحياتكم ومقدراتكم .. والنبي عليه السلام يبتهل ويقول " والسلامة من كل إثم "

ثانيا : بعد سؤال المعونة احفظ ما أمرالله وما نهي عنه .. احفظ الله يحفظك .. احفظ الله تجده أمامك .. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله .. تعرف علي الله في الرخاء يعرفك في الشدة .. وقال تعالي " حافظات للغيب بما حفظ الله " وذكر الرازي في تفسيره : أن تكون «ما» مصدرية، والتقدير: بحفظ الله، وعلى هذا التقدير فيه وجهان: الأول: أنهن حافظات للغيب بما حفظ الله إياهن، أي لا يتيسر لهن حفظ إلا بتوفيق الله، فيكون هذا من باب إضافة المصدر إلى الفاعل.... والثاني: أن المعنى: هو أن المرأة إنما تكون حافظة للغيب بسبب حفظهن الله أي بسبب حفظهن حدود الله وأوامره، فإن المرأة لولا أنها تحاول رعاية تكاليف الله وتجتهد في حفظ أوامره لما أطاعت زوجها، وهذا الوجه يكون من باب إضافة المصدر إلى المفعول.. بيد أن إضافة المصدر للفاعل والمفعول أجدر بعموم المعني واللفظ فلما حفظت هي حفظ الله .. أو حفظت بحفظ الله وسبحان من يعلم بما في القلوب فيعطي ويمنح ويمنع علي قدر ما في هذه الاوعية (القلوب) وقال سبحانه " ويحفظن
فروجهن " وقد أخبر الحبيب عن خير النساء" حفظتك في نفسها ومالك .

ثالثا :الصبر .. الله لا يؤوده حفظك أو حفظ هذا العالم كله .. أما أنت فيؤودك حفظ نفسك علي صراطه .. ويؤودك حفظ نفسك من شياطين الجن والإنس .. وأنت كذلك يؤودك حفظ بدنك حال يقظتك او نومك .. فلا بد من أن تساعد نفسك بالصبر لعجزك الظاهر هذا.. قال الحافظ سبحانه " واصبر لحكم ربك فإنك بأعييننا وسبح بحمد ربك " .. فصلي عليك الله يا من رأيت نفسك تحت عين الرقيب فصبرت وصابرت حتي فزت ونجحت ونجوت .. كنت وحدك في قريش تسفه احلامهم وتهدم بدعوتك اصنامهم فآواك وأيدك بنصره .. أخرجوك وظاهروا علي إخراجك وعين الله حفظتك بصبرك وجهدك ومعاناتك .. تآلف عليك كل من في الأرض أنت وقليل من أتباعك فنصرك علي الأحزاب وحده .. وبلغت دعوتك كل مكان وقلت كلمة بمداد الذهب : اللهم بلغت اللهم فاشهد .. ورحم الله عائشة المظلومة بافتراء المنافقين المسلطين لصبرها نزل الوحي بعفتها وجلالة قدرها ولم تستطع هي ولا رسول الله دفع البلاء..

2- هل أنت من المسلطين علي عباد الله؟
من أدراك أنك لست مسلطا .. وأنك لم تجعل نفسك بلاء علي واحد من خلق الله أو احد من أولياء الله؟ .. ما الضمان إذن وما المقياس ؟ .. أنت مسلط إذا تمنيت شرا لأحد .. تكون مسلطا إذا آذيت بقول أو فعل أحدا من المسلمين .. تكون مسلطا إذا تركت الصلاة .. وأول من سُلطت عليه هو أنت .. تكون مسلطا إذا لم تعفو عمن ظلمك أو منعت من حرمك ولم تغفر عمن أساء إليك .. تكون مسلطا إذا تتبعت عورة امريء وانتهكت أسراره وذكرته بسوء .. تكون مسلطا إذا كنت حاكما أو أميرا لجماعة من المؤمنين فزاد بك عناؤهم وبلاؤهم .. تكون مسلطا إذا لم توقر استاذك ومن يعلمك الخير ولم تعرف قدركل كبير له فضل عليك .. تكون مسلطا إذا كنت مؤمنا طائعا .. تدفع عدو الله " والله يسلط رسله علي من يشاء" ... والأمثلة كثيرة .. والأخيرةهي المحمودة وحدها وهي المأمولة لكل تقي .. وهي أن يرد عدوان من المعتدين " .. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا .. والله أعلم وهو الموفق والحافظ
*****
إذا العناية لاحظتك عيونها نم فالمخاوف كلهن أمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق