قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم )).. رواه البخاري .. فما بالك بأن تفشي أسرار زوجتك .. وتكشف للعالم ما ستر الله!!
للمسرحي الكبير يوسف بك وهبي كلمة مشهورة هي : الدنيا مسرح كبير ينتحل كل من الناس شخصية يتلبس بها يجد فيها راحته أمام الناس !! الدنيا هي ملعب كبير كذلك "اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو لماذا لا نقرأ الملعب - مكان اللعب - وربما نتعلم منه لأجل دنيانا .. أولا : أوجه التشابه : للملعب جمهور مفتون مجنون , كذلك الدنيا.. للملعب رونقه ومتعته وجماله ,وكذلك الدنيا زينت للناس فهي زينة وتفاخر..للملعب حدود وقوانين , كذلك الدنيا "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه".. للملعب وقت وينتهي دوره وتسجل النتائج , وكذلك الدنيا لها وقتها وتظهر النتائج - يوم الدين .. للملعب فريقان يتنافسان يفوز منهما الأكثر إعدادا وتنظيما وصبرا , وكذلك الدنيا فريق الإيمان وفريق الكفروالنفاق "فريق في الجنة وفريق في السعير".. للملعب قادة ومدربون يقودون الفريق إلي النصر , وكذلك الدنيا لكل فريق من الفريقين قائد وذلك في كل زمان.. للملعب حكام يشرفون علي نظام الملعب ينذرون المخالف وقد يطردونه,وكذلك الدنيا فالملائكة تنظم وتنذر وقد تطرد - فأما ثمود فأهلكوابالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرعاتية. فهل تري لهم من باقية .. للملعب روح الفريق , الكل ينسي نفسه ومكانه في الملعب لينتصر الفريق,وكذلك الدنيا ينتصر فيها من يتجاهل نفسه ومكانته.. للملعب حارس يصد ومدافع يمنع وصول المنافس وقائد ميدان ومهاجم , وفي الدنيا لكل فريق ذلك , لكن إذا ترك الحارس أو المدافع مكانه أصيب الفريق بأهداف ثم تأتي الهزيمة , ولو لم تجد مهاجما فمن يسجل ليأتي النصر.. الملعب ينتهي دوره بنفخه (صفارة) كما بدأ , كذلك الدنيا "ونفخ في الصور" وذلك آخر أيام الدنيا وبداية أيام الآخرة "ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلي ربهم ينسلون".
ثانيا : العبر : وهي خاصة بفريق الجنة.
- ليأتي النصر لا بد أن تستلهم روح الفريق "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" وهذا الكلام وجه لمحمد صلي الله عليه وسلم وأصحابه فما بال غيرهم فكيف لا يذهب النزاع ريحهم. - ولكي تستلهم روح الفريق لا بد من إنكار الذات والعمل للمصلحة العامة والكل يؤدي دوره بإخلاص وهو في مكانه , المدافع يدافع والمهاجم يهاجم والحارس يحرس , ولا بد من طاعة القائد فهو يستطيع توحيد الصفوف ولكن بشرط الطاعة - استغلال الفرص فكم من فرص ضاعت مع كثيرالجهد لكنها أتت بالهزيمة لأنها ضاعت ولم تأت بهدف - الحذر من التسلل الناتج عن الحماسة الزائدة فهو وإن كان يسهل التهديف غير أن أهدافه لا تحتسب فلا يأتي لنصر , فكم ممن تسللوا لفرط حماستهم وهم يظنون أنهم ينتصرون ولكنهم يفشلون وينخدعون بأهداف ملغية لا يمكن أن ينتصر صاحبها, وفي النهاية الخاسر هو الفريق كله لا المتسلل وحده. - قد ينذر أحد أعضاء الفريق وقد يطرد , وليس معني ذلك الإستسلام للهزيمة فقد يأتي النصر بالباقين الذين لم يفقدوا فلسفة النصر ولم يفقدوا حماسهم بموت أو عصيان أحد الأعضاء. - النظر للأبعد وهو إحراز الكأس الذهبية علامة النصر , فكم من الأموال والهدايا تغدق علي أعضاء الفريق ولكن أعظم ما يجتهدون من أجله هو حمل الكأس ولا يحلو النصر إلا بذلك,كم من المؤمنين ينصرف نظرهم عن الهدف الأسمي وهو قربهم من الله ورؤيتهم له وإخلاصهم له ببعض زخرف الدنيا وبهرجة انتصارات الدنيا ولو حددوا المقصد الأعظم وجعلوه هدفا لخلصت النيات وتحقق الهدف. - استغلال الأخطاء هي سبب الإنتصار , لأن المنافس متأهب حذر يبحث مثلك عن انتصار ويستغل أخطاءك , فلم لا تستغل أخطاءه لتنتصر , وكم من أخطاء لم يستغلها فريق الإيمان ضاعت عليه وتعلم منافسه ألا يكرر خطأه. - المؤازرة والتشجيع لمن يؤدي الواجب ويقوم بدوره وعدم التثبيط , فالتشجيع خير معين علي بلوغ الهدف , لكن انظر كيف يثبط بعضهم بعضا "كل حزب بما لديهم فرحون" - الإستعداد الجيد والتحضير وأخذ الأسباب التي تؤدي إلي الفوزأوالنصر "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ولا نصر يأتي بغير تأهب واستعداد وتدريب (تربية) ... وغير ذلك الكثير , لكن في ما قدمنا الكفاية والإفادة
هذا ما جاد به القلم عسانا نتعلم ولو من ملعب الكرة.
أتذكرأخي يوم أن برزت من مقلتيك مقدار رأس الدبوس من عطر الحياة فكبرت ونمت وشقت علي خديك طريقها حتي وصلت إلي باب فمك فدخلته وهيجت أخواتها فتبعنها وأنت تغرف من خدك وتمسح وجهك بهذا العطر الزكي وتقول إن وجها مسته هذه الدموع لن تمسه النار, أتذكر تلك الدموع ماذا فعلت لقلبك ونفسك وأي راحة وجدتها ,أتذكرالفرحة التي تغمر قلبك بها , وتكاد تزهو بين الخلائق ,وتقول لهم : عيني لن تمسها النار وجسمي أخذ صك الظلال يوم لا ظل إلا ظله وتقول لهم : بذلك جاء الخبر ونقل الصادق.
أخي...
كم بكينا كثيرا حزنا وهما وسخطا وغيظا وكذلك حبا , جربنا كل أنواع البكاء وذرفنا مدرارا من الدموع كانت علينا ثقيلة كئيبة وندمنا علي ذرفها وأثقلتنا بالهموم والأمراض , فهلا جربنا دموع الخشية من الله. دموع النجاة أو كما شئت فسمها
أسألك بالله : كم مرة بكيت لله؟ أجب في نفسك واصدقها , وقل لنفسك : لماذا جفت دموعي وقحطت عيني؟ إذا احتاجت صلاة الاستسقاء فصلها , فما يرفع القحط إلا الدعاء والصلاة والندم , استسقاء من نوع خاص قوامه ندم القلب علي ما فات و التدبر الذي تغيرت وجهته إلي مفاتن الحبيبة وكيفية الاتصال بها وكيفية إغاظة الغير , تدبر في كون الله وفي المآل والمعاد وفي القرآن , وأكل الطيبات والصلاة والزكاة
بهذا الاستسقاء تتجمع سحب الدموع وتتلقح زفرة شوق إلي الحبيب الأوحد في هذا الوجود, واسأل الأحبة كيف أن زفرة الشوق إلي الحبيب تدر الدموع وتهيج القلوب فإن لم يجد كل ذلك في ذرف حتي ولو دمعة , فتباكي إلي أن تبكي , ثم ابك علي نفسك وتذكر ما سأذكره لك الآن:
اسمعت أن الله أعتق رجلا من النار بشعرة !!
حكي ذلك القشيري وسماه (عتيق الله بشعرة)
نعم بشعرة قال : إن عبدا شهد عليه أعضاؤه بالزلل , فتطايرت شعرة من عينه فتستأذن بالشهادة , فيقول الحق : تكلمي يا شعرة جفن عبدي واحتجي عن عبدي , فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادي المناد : هذا عتيق الله بشعرة. فانظر كيف قامت الشعرة والجفن بالواجب وبرأت صاحبها من النار وغضب الجبار
هي الدموع المباركة , بركة علي صاحبها وأمته ومن في الأرض جميعا قال الحسن البصري إمام التابعين: لوبكي عبد من خشية الله لرحم من حوله ولو كانواعشرين ألفا .. ولكم مني ملخص الرائعة الرافعية:-السمكة- نسبة إلي مصطفي صادق الرافعي رحمه الله
مرت برجل بغدادي سنة ثلاثين ومائتين ضائقة حتي ما يجد ما يقيم به أوده هو وأولاده وزوجته فأراد أن يبيع بيته ليأكل به بدل أن يأكل خشبه وحجارته فقابله أحد الصالحين وأعطاه منديلا به رقاقتان بينهما حلوي وقال له خذ بركة الشيخ وكانت لتلك قصة
فمضي لأهله بالرقاقتين والحلوي بركة الشيخ وفي طريقه لإطعام أهله قابلته امرأة معها يتيم جائع فقالت له: هذا طفل يتيم جائع ولا صبر له علي الجوع فأطعمه شيئا يرحمك الله ونظر الطفل إليه نظرة قاتله حسب فيها خشوع ألف عابد يعبدون الله وخيل إليه أن الجنة نزلت إلي الأرض تعرض نفسها عليه
وذكر امرأته وأولادها الجياع لكنه ذكر أنه معها وأن هذه بيتيمها أحوج فدفعها إلي المرأة وقال لها: خذي هذه وأطعمي ولدك ووالله لا أملك غيرها وفي داري من هو أحوج إليها وقال في نفسه أطوي وأهلي كما كان يفعل الصحابة .ومشي منكسرا لكنه تفكر وقال: لوأني أشبعت ثلاثة بجوع اثنين لحرمت خمس فضائل ونحن نحتاج ولو إلي فضيلة ( جوعه وأولاده ثلاثة أجور وإشباع المرأة وولدها أجران فهذه خمسة)
ومضي في طريقه وناداه مناد يسأل عنه فأعطاه دينا لأبيه فتاجر واغتني وبحث عن المرأة فأشبعها وآواها وعمل الخير الكثير حتي أعجبته نفسه وظن الفوز والنجاة فنام فرأي كأن الساعة قائمة والهول العظيم باد ورأي الناس يحملون أوزارهم علي ظهورهم وكأنها مدن علي الظهور
ووضعت الموازين وجيء به فقال:
طاشت سجلات حسناتي ورجحت السيئات وذهبت حجتي حتي سمعت قائلا يقول: ألم يبق له شيء ؟ فقيل بقي هذا فإذا الرقاقتان فأيقنت الهلاك فقد وزنت أعمال بآلاف الدنانير فما كان لها وزن
ووضعت الرقاقتان علي الميزان فسمعت القائل يقول ذهب نصف أجرها لمن أعطاها له فانخذلت كأني انكسرت نصفين . فقيل ألم يتبق له شيء فقيل بقي هذا , فإذا جوع امرأتي وولدي فوضع في الكفة فاعتدلت الكفتان فقيل : ألم يبق له شيء فقيل بقي هذا ونظرت فإذا دموع المرأة المسكيبة التي بكت للمعروف فوضعت الدمعة في الميزان ففارت فطمت كأنها لجة من تحت اللجة بحر وإذا سمكة هائلة قد خرجت من اللجة وقع في نفسي أنها روح هذه الدموع وجعلت تعظم وتعظم والكفة ترجح وترجح حتي سمعت الصوت يقول قد نجا قد نجا .. وصحت صيحة أيقظتني أقول فيها لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة!
دمعة لله عباد الله تنفع يوم لا ينفع مال ولا بنون