الأحد، 1 يناير 2012

هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟



هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟
السؤال :
سمعت من يقول : إن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة ، لأنها تفيد الظن ، ولا تفيد اليقين . فما هو جوابكم على هذا؟


الجواب :

الحمد لله

"جوابنا على من يرى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها العقيدة لأنها تفيد الظن والظن لا
تبنى عليه العقيدة . أن نقول : هذا رأي غير صواب ؛ لأنه مبني على غير صواب ، وذلك من عدة وجوه :

1-القول بِأَن حديث الآحاد لا يفيد إلا الظن ليس على إطلاقه ، بل في أخبار الآحاد
ما يفيد اليقين إذا دلت القرائن على صِدْقه ، كما إذا تلقته الأمة بالقبول ، مثل
حديث عمر بين الخطاب رضي الله عنه : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) فإنه
خبر آحاد ، ومع ذلك فإننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، وهذا ما حققه
شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر وغيرهما .

2-أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الآحاد بأصول العقيدة ـ شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمداً رسول الله ـ وإرساله حُجَّة مُلْزِمة ، كما بعث مُعَاذاً إلى
اليمن ، واعتبر بَعْثَه حُجَّةً مُلْزِمَةً لأهل اليمن بقبوله .

3-إذا قلنا بأن العقيدة لا تثبت بأخبار الآحاد ، أمكن أن يُقال : والأحكام العملية
لا تثبت بأخبار الآحاد ، لأن الأحكام العملية يصحبها عقيدة أن الله تعالى أمر بهذا
أو نهى عن هذا ، وإذا قُبل هذا القول تعطَل كثير من أحكام الشريعة ، وإذا رُدّ هذا
القول فليردّ القول بأن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد إذ لا فرق كما بيّنا .

والحاصل : أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صِدْقه أفاد العلمَ ، وثبت به الأحكام
العَملية والعِلمية ، ولا دليل على التفريق بينهما ، ومَنْ نَسَبَ إلى أحدٍ من
الأئمِة التفريقَ بينهما فعليه إثباتُ ذلك بالسند الصحيح عنه . ثم بيان دليله
المستَند إليه .

4- أن الله تعالى أمر بالرجوع إلى قول أهل العلم لمن كان جاهلاً فيما هو من أعظم مسائل
العقيدة وهي الرسالة : فقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ
رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) النحل/43 ، 44 .

وهذا يشمل سؤال الواحد والمتعدّد" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله


"فتاوى العقيدة" (صـ 18) .


فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله "فتاوى العقيدة" (صـ 18) .

================================ اذهب الى الأسفل

جاء في "نخبة الفكر" للحافظ ابن حجر: «الخبر إما أن يكون له طرق بلا عدد معين، أو مع حصر بما فوق الإثنين، أو بهما، أو بواحد... وكلها سوى الأول آحاد» .
وعلى
هذا فالحديث -وهو أخص من الخبر عند الجمهور - إما متواتر وإما آحاد،
وتقسيم العلماء، الحديث إلى هذين القسمين ليس عبثا منهم، ولا ترفا عندهم،
ولكنه تقسيم له قيمته وعنده أهميته، وأهم شيء يعنينا في هذا التقسيم أن
المتواتر بلغنا من طرق تفيدنا ما لا نستفيده من القسم الأول، من هنا قرر
العلماء أنه يفيد العلم، وإن اختلفوا في أي العلمين هو المستفاد: الضروري
وهو
«الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه" أم النظري وهو الذي "يتحصل بطريق النظر» لكنهم اختلفوا في الآحاد فزعم البعض أنه يفيد العلم وذهب الأكثرون إلى أنه إنما يفيد غلبة الظن، وهذا هو الصواب -إن شاء الله تعالى-.


*أحاديث الآحاد لا تفيد العلم.

هذا الذي ندين الله به، ونعتقده وهو قول الأكثرين، قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته بعدما عـرف الـحديث الصحيـح: «ومتـى قالـوا: هـذا حـديث صحيـح فمعنـاه أنه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر» وذلك -كما قال الحافظ العراقي -في شرح ألفيته في الحديث- «لجواز الخطأ والنسيان على الثقة هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم» لأن «القطع إنما يستفاد من التواتر» وهو الذي «ذهب إليه جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء والأصوليين».
وهذا
الذي رجحه الجمهور من العلماء، خالف فيه إمامان بارزان وعلمان مشهوران لا
بأس من الوقوف عند حججهما ومناقشتها، الأول هو أبو محمد علي بن حزم إمام
الظاهرية -رحمه الله تعالى- والثاني الإمام العلامة أبو بكر شمس الدين ابن
قيم الجوزية شيخ الإسلام وتلميذ شيخ الإسلام الوفي -رحمهما الله تعالى
جميعا-.


*مناقشة ابن حزم في دعواه أن الآحاد تفيد العلم.
رغم أن ابن القيم وافق مذهبه مذهب ابن حزم في هذه المسألة، فإن ابن حزم تميز عن ابن القيم من ناحيتين:
الأولى: جرأته وشجاعته في تحمل تبعات مذهبه ولوازم قوله.
والثانية:
شدته وغلظته في القول على مخالفيه، وإذا كانت الميزة الثانية أشهر من نار
على علم في حقه، ولا تحتاج إلى مثال يدل عليها. فإن ابن حزم أدرك أن قوله
أن الآحاد تفيد العلم يقتضي أن يعتقد العصمة في الرواة مع أنك قد علمت أنهم
عللوا عدم إفادة الآحاد العلم بجواز الخطأ والنسيان على الثقة، لذلك قال
بكل شجاعة:
«فإن قالوا: يلزمكم أن تقولوا إن نقلة الأخبار الشرعية التي قالها رسول الله
e
معصومون في نقلها، وأن كل واحد منهم معصوم في نقله من تعمد الكذب ووقوع
الوهم منه، قلنا لهم: نعم، هكذا نقول، وبهذا نقطع ونبت، وكل عدل روى خبرا
عن رسول الله
e
في الدين أو فعله عليه السلام، فذلك الراوي معصـوم من تعمـد الكـذب -مقطوع
بذلك عند الله تعالى- ومن جواز الوهم فيه عليه إلا ببيان وارد -ولابد- من
الله تعالى ببيان ما وهم فيه، كما فعل تعالى بنبيه عليه السلام، إذ سلم من
ركعتين ومن ثلاث واهما، لقيام البراهين التي قدمنا من حفظ جميع الشريعة
وبيانها مما ليس منها، وقد علمنا ضرورة أن كل من صدق في خبر ما فإنه معصوم
في ذلك الخبر من الكذب والوهم بلا شك فأي نكرة في هذا
» اهـ.


*أحاديث الآحاد حجة في كل شيء:


"قـال الحافظ ابـن عبـد البـر -رحمه الله تعالى- بعدما حكى اختلاف العلماء فيما يوجبه حديث الآحاد العلم أم العمل": الذي نقول به: «إنه
يوجب العمل دون العلم وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر، وكلهم يدين بخبر
الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها ويجعلها شرعا، ودينا في
معتقده على ذلك جماعة أهل السنة
»
[1] وهذا
الذي تطمئن إليه النفس أنه متى صح الخبر نقول به ونأخذ بمضمونه سواء كان
موضوعه الأصول أو الفروع وسواء تعلق الأمر بالعقيدة في أصولها أم كان في
فروعها وجزئياتها، وإن كنا نرى أن أصول العقيدة لم يثبت فيها شيء بمجرد
الآحاد، فبقي على هذا الخلاف نظريا لا ثمرة له في الواقع
!

*اعتراض شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن عبد البر ورده.


علق شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- على كلام ابن عبد البر فقال: قلت: «هذا
الإجماع الذي ذكره في خبر الواحد العدل في الاعتقادات يؤيد قول من يقول:
إنه يوجب العلم، وإلا فما لا يفيد علما ولا عملا كيف يجعل شرعا ودينا يوالى
ويعادى عليه
؟»
[2] واعتراض
ابن تيمية هذا، ألزم فيه ابن عبد البر ما لا يلزمه. نعم يكون الاعتراض
مقبولا لو كان ابن عبد البر يقول: إن العقيدة لا نقبل فيها إلا ما أفاد
العلم، كما هو مذهب الأشاعرة، فلو رأينا أشعريا قال في العقيدة بمقتضى حديث
الآحاد
لاغير- اعتبرنا هذا نقدا ونقضا لقوله، لأن الأصل أن لا يقبل إلا ما كان مقطوعا بصحته، فإنهم يستظهرون بمثل قوله تعالى: ]إن يتبعون إلا الظن[[3] الذي
فيه ذم لمنهج الكفار في اعتقادهم الذي لا يبنى على العلم، فأرادوا
الاحتراز من هذا المعنى الذي استنبطوه، وقرروا أن لا يقبل في أمور العقيدة
التي لا بد من الجزم فيها إلا ما كان متواترا، ويبدو أن شيخ الإسلام أقر
هذا غير ما مرة، فإنه قال كما في "المسودة"
[4]: "ذهب أصحابنا[5] أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات" وعليه فالآحاد دون هذه القرينة
وهي
تلقي الأمة لها بالقبول- لا تصلح لإثبات أصول الديانات، وبناء عليه،
فاعتراض شيخ الإسلام ابن تيمية على ابن عبد البر إنما هو بناء على مذهبه
هو، أو ما ظنه أنه مذهب ابن عبد البر، وهو اشتراط التواتر في أصول العقائد،
ولكن ابن عبد البر لا يقول بذلك، فسقط الاعتراض.

ثم
إننا نقول إن الحديث حجة في كل شيء، ضمن القواعد الاستدلالية التي تقررت في
أصول الفقه، ولهذا فنحن نخالف كل من يشترط التواتر لقبول الآحاد في أصول
العقيدة.


ونحن إذا ما اعتبرنا ما اشترطه البعض في الخبر -كي يأخذوا به في أصول الاعتقاد-
خطأ، فإنا لا نلومهم ولا نعنفهم، لاسيما والذي ذهبوا إليه هو قول الأشاعرة
عموما، قال القرافي -رحمه الله تعالى- في اعتراضه على من منع التعبد بخبر
الواحد بدعوى إفادته الظن:
«إن ذلك مخصوص بقواعد الديانات وأصول العبادات القطعيات» أي: إن أصول العبادات والديانات هو الذي يشترط فيه التواتر الذي يفيد العلم.

وقال الخطيب البغدادي حافظ المشرق في عصره: «خبر
الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها
والقطع عليها...ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن
الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة وكل دليل مقطوع به
وإنما يقبل به فيما لا يقطع به مما يجوز ورود التعبد به كالأحكام
..»

فهذا كلام الخطيب "الحافظ الكبير محدث الشام والعراق" يشترط التواتر في المسائل التي هي...من أبواب الدين ونحوها.
وهذا الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يقول في كتاب التوحيد من صحيحه: «باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام "ولم يزد على الأحكام» ولم يذكر الاعتقاد فضلا عن أصوله، وفسر الحافظ هذا الباب، فقال: «وقوله
الفرائض بعد قوله: في الأذان والصلاة والصوم من عطف العام على الخاص،
وأفرد الثلاثة بالذكر للاهتمام بها، قال الكرماني: ليعلم إنما هو في
العمليات لا في الاعتقادات
».


*شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- وخبر الآحاد.


رأينا
في الباب الأول أن ابن تيمية لا يقبل الآحاد في أصول الدين أيضا ولا يجرؤ
أحد أن يتطاول عليه، لأن من طال لسانه، افتضح أمره. ونزيد هنا من كلام شيخ
الإسلام -رحمه الله تعالى- ما يجعل الأخ الفاضل المحترم يقف أمام حقائق لا
بد له من معرفتها:


*جاء في "مجموع الفتاوى":


"فصل":



-وأما
"نسخ القرآن بالسنة" فهذا لا يجوزه الشافعي، ولا أحمد في المشهور عنه
ويجوزه في الرواية الأخرى، وهو قول أصحاب أبي حنيفة وغيرهم
«ثم ذكر ابن تيمية رأي من زعم وقوع ذلك وضرب بعض الأمثلة للأحاديث التي زعم أنها ناسخة للقرآن منها حديث» إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه «فتعقبه شيخ الإسلام وقال: «هذا
الحديث إنما رواه أبو داود ونحوه من أهل السنة، ليس في الصحيحين، ولو كان
من أخبار الآحاد لم يجز أن يجعل مجرد خبر غير معلوم الصحة ناسخا للقرآن
» لأن الذي يجوز أن ينسخ القرآن هو الخبر المعلوم الصحة لا المظنون الصحة، ثم ختم كلامه فقال:

«وبالجملة فلم يثبت أن شيئا من القرآن نسخ بسنة بلا قرآن» وسبق شيخ الإسلام إلى هـذا الإمـام الشافعي -رحمه الله تعالى-، وكـذلك فإن الشيـخ العثيمين -رحمه الله تعالى- الذي ذكرته، قال: «لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى لأن محل النسخ الحكم ولا يشترط في ثبوته التواتر»لكن حين أراد أن يضرب مثالا لما نسخ من القرآن بالسنة قال: «ولم أجد له مثالا سليما».

*أحاديث الآحاد التي تلقتها الأمة بالقبول كأحاديث الصحيحين ونحوها.

عرفنا
أن أحاديث الآحاد لا تفيد على الراجح سوى غلبة الظن، ومع ذلك نعمل بها
ونؤمن بها، إلا أن يبدو فيها ما يجعلنا نتوقف فيها، وهذا هو الذي نعتقده
وندين الله تعالى به، وإن كنا لا نعنـف من بالـغ في الاحتياط وغـالى في
الـحذر فلم يقبـل الآحـاد في أصول الاعتقاد كالأشاعـرة وغيرهم، وكذلك من
تبعهم وارتضى قولهم.


*وأما قولك: الحاصل أن خبر الآحاد إذا دلت القرائن على صِدْقه أفاد العلمَ.

وجوابا
على هذا نقول لك أخي الفاضل المحترم: إن هذه القاعدة هي نظرية أكثر منها
عملية، وتصرف القائلين بها مع أحاديث الصحيحين -الغير منتقدة، لا من
الغساني ولا من الدارقطني- تؤيد كلام الإمام النووي -رحمه الله تعالى- ومن
ذهب مذهبه الذي قال
: «وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه؟» وكم هي الأحاديث التي في الصحيحين وردها من ردها.


*ابن تيمية –رحمه الله تعالى-:

ذكر الحافظ عند شرحه حديث السبعين ألفا، الذين يدخلون الجنة بغير حساب: وهو في مسلم بلفظ: «لا يرقون» بدل «لا يكتوون» ثم قال:
«وقد
أنكر الشيخ تقي الدين ابن تيمية هذه الرواية، وزعم أنها غلط من راويها،
واعتل بأن الراقي يحسن إلى الذي يرقيه فكيف يكون ذلك مطلوب الترك
»
فأنت ترى تعليل شيخ الإسلام ابن تيمية لحديث بناء على اجتهاده، الذي رأى
به أن الذي يستحق المزية الواردة في الحديث يناسبه أن يكون ممن
«لا يسترقي» ولكن لا يناسبه «ألا يرقي» غيره،
مع أن الحديث في صحيح مسلم وهو من الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبـول
و... الخ تلك النظـرية. وابـن تيميـة -رحمـه الله تعالى- من القائلين بها
ومع ذلك لم يلتفت إليها. وحتى الحافظ ابن حجـر وقد حـاول تأييدهـا، لم
يعترض بها على شيخ الإسلام ابن تيمية، ولم يسرد عليه تلك القائمة من
الأقوال وإنما نقده نقدا حديثيا صرفا فقال:


«وأجاب
غيره أن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ وقد اعتمده البخاري
ومسلم واعتمد مسلم على روايته هذه وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح
الزيادة لا يصار إليه
...» ثم بعد ذلك نقد
المعنى الذي لأجله رجح شيخ الإسلام خطأ الزيادة. ولا يعنينا هنا من المصيب
بقدر ما يعنينا أن كلا من الحافظ وابن تيمية لم يحتج بقاعدة التلقي بالقبول
التي يحظى بها كل من الصحيحين، ولم يقل إن هذا حديث تلقته الأمة بالقبول
وهو يفيد العلم، لأنه لو كان مفيدا للعلم عند شيخ الإسلام ابن تيمية مثلا
لما رده باجتهاد من عنده -رحمه الله تعالى- فتأمل!


*الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- يضعف ما يفيد العلم على الصحيح.

قال
الشيخ الألباني –رحمه الله- في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2/406-407) عن
حديث هناك: ضعيف مرفوعا أخرجه مسلم (4/37 بشرح النووي)...والخ ثم بين علة
ضعفه في نظره فقال: "وهذا سند ضعيف وله علتان:

الأولى: عنعنة أبي الزبير فقد كان مدلساً...
الثانية: ضعف عياض بن عبد الله (أحد الرواة)..."
فهل
تصرف الشيخ الألباني هنا أخي الفاضل تصرف من يرى أن أحاديث الصحيحين تفيد
العلم إذا تلقتها الأمة بالقبول؟! وهل هذا الحديث من الأحاديث التي انتقدها
الدارقطني؟! كلا! ولا انتقدها الغساني، ومع ذلك لم يصححها فضلا عن أن تفيد
العلم عنده -الشيخ الألباني-

قال
شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكر الاعتقاد الذي دافع عنه في المناظرات التي
عقدت له -رحمه الله تعالى- "ثم قلت لهم: وليس كل من خالف في شيء من هذا
الاعتقاد يجب أن يكون هالكا، فإن المنازع:

(1) قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه.
(2) وقد يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة.
(3) وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته".
لكن
نوافق أخانا الفاضل في وجوب قبول الخبر في العقيدة والعبادة وسائر
الأحكام، خلافا للذين اشترطوا ما اشترطه أهل العلم المنتسبين إلى المذهب
الأشعري.

والله المستعان.
----------------------

[1] "التمهيد" (8/1).
[2] "المسودة" (ص: 245).
[3] (النجم/23)
[4] "نفسه" (ص: 248).
[5] يعنى الحنابلة.

================================اذهب الى الأسفل

حجيَّة أحاديثِ الآحاد في العقائد والأحكام
د. علاء بكر
المصدر: من كتاب "ملامح رئيسية للمنهج السلفي"
--------------------------------------------------------------------------------


حجيَّة أحاديثِ الآحاد في العقائد والأحكام




من أساليب المتكلِّمين الَّتي يُبَرِّرونَ لأَنْفُسِهم بها نَبْذَ الكتاب
والسُّنة زَعْمُهُم أنَّ حديثَ الآحاد لا يُحْتَجُّ به في العقائد،
فيُسقِطون السنَّة النبويَّة من حساباتهم في إثبات أمور العقيدة والتوحيد؛
إذ إنَّ أكْثَرَ السُّنَّة النبوية آحاد، والمتواتِر منها بالنسبة إلى
الآحاد قليل.
وحُجَّتُهم: أنَّ الأحاديثَ المُتَواتِرة تُفِيد القَطْع واليقين؛ فيُحتجُّ
بها، وأحاديثَ الآحاد – على كثرتها – ظنيَّةٌ تفيد العلم الظنِّيَّ لا
اليقينيَّ؛ فيُعمَل بها في الأحكام لا في العقائد؛ إذ إن الشرع نهى عنِ
اتِّباع الظنِّ والأخْذِ به.




وحديث الآحاد هو: كلُّ حديث لم يَبلُغْ حدَّ التَّواتُر، حتَّى وإن كان
مستفيضًا، حتَّى وإن كان صحيحًا مِمَّا اتَّفق عليه البخاريُّ ومسلمٌ،
وتلقَّتْهُ الأُمَّةُ عنهما بالقَبول.
والمحصّلة: نَبْذ أكثر السّنَّة النبويَّة، وقَصْر الاحتجاج في أغلب مسائل
العقيدة والتوحيد على القرآن وَحْدَهُ، مع تقديم أقوالِ المُتَكلِّمين
وآرائهم على الآيات عند تعارِضُهما في الأذهان، مستخدمينَ التأويلَ لصرف
المعاني عن ظاهرها لتُوافِق مذاهب المتكلمين.




والصواب: أنَّ أحاديثَ الآحادِ الصحيحةَ حُجَّةٌ بِنَفْسِها في العقائد
والأحكام، لا يُفَرَّقُ بينها وبين الأحاديث المتواترة، وعلى هذا جرى علماء
الأمَّة جِيلاً بعد جِيل[1]، والتفريق بين الأحاديث المتواترة والآحاد في
الاحتجاج في العقائد باطل من وجوه، منها:
1- أنَّ هذا القول قول مُبتدَع مُحْدَث، لا أصل له في الشريعة، لم يعرفه
السلف الصالح - رضوان الله عليهم - ولم ينقل عن أحد منهم، ولا خطر لهم على
بال[2]، وفي الحديث: ((من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))؛ متفق
عليه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم ومُحْدثات الأمور، فإن كل
محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))؛ رواه أحمد، وأصحاب
السنن، والبيهقي، والجملة الأخيرة منه عند النسائي، والبيهقي، بإسناد صحيح.




وإنما قال هذه المقالة جماعة من علماء الكلام، وأخذ بها من تأثَّر بهم من
علماء الأصول من المتأخرين، وتلقَّاها عنهم بعض المُعاصرين بالتسليم دون
مناقشة أو برهان.
وما هَكَذَا شَأْنُ العَقِيدة خاصَّةً مِمَّن يَشْتَرِطُون لِثُبوتِ
مَسائِلِها بثبوتها بأدلَّة قطعيَّة عندهم. وأعجب من ذلك وأَغْرب ادّعاء
اتّفاق الأُصُولِيّين على الأخْذ بذلك، وهي دعوى باطلة، وجُرْأة زائدة،
فكيف يكون الاتّفاق على ذلك وقد نصَّ على أنَّ خبر الآحاد يُفيد العلم -
كما يفيد العمل - الإمامُ مالك، والشافعي، وأصحابُ أبي حنيفة، وداودُ بن
علي، وابنُ حزم[3]، والحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي،
وغيرهم[4].




قال ابن خويز منداد في كتاب "أصول الفقه" وقد ذكر خبر الواحد الذي لم
يَرْوِهِ إلاَّ الواحد والاثنان: ويقع بهذا الضرْبِ أيضًا العِلْم الضروري،
نص على ذلك مالك، وقال أحمد في حديث الرؤية: "نعلم أنها حق، ونقطع على
العلم بها"، وقال القاضي أبو يَعْلَى في أوَّل "المخبر": "خبر الواحد
يُوجِب العلم إذا صحَّ سَنَدُه، ولم تختَلِفِ الرواية فيه، وتلقَّتْهُ
الأُمَّة بالقَبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه، وأنه يوجب العلم، وإن لم
تتلقَّهُ الأُمَّةُ بِالقبول".
قال: "والمذهب على ما حكيت لا غير".




وقال بذلك أبو إسحاق الشيرازي في كتبه في الأصول؛ كـ"التبصرة"، و"شرح
اللمع" وغيرهما، ولفظه في "الشرح": "وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول
يوجب العلم والعمل، سواء عمل به الكل أو البعض"، ولم يحك فيه نزاعًا بين
أصحاب الشافعي، وحكى هذا القول القاضي عبدالوهاب من المالكيَّة عن جماعة من
الفقهاء، وذكره أبو بكر الرازي في كتابه "أصول الفقه"[5].
2– أنَّ الشَّرْعَ دَلَّ على أخْذِ العِلْمِ من الأفراد والجماعات الناقلين
له قال – تعالى -: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً
فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا
فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ
لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، والطائفة تقع على الواحد فما
فوقه، والإنذار إعلام بما يُفيد العلم، والتبليغ لأمور الشرع من عقيدة
وغيرها بلا فرق.




وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وفي قراءة: {فَتَثَبَّتُوا}، ومفهوم
الآية قَبول خَبَر الوَاحِد الثقة.
وفي الأحاديث الحث على تبليغ ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فلازم ذلك قبول خبره من الواحد، طالما أنه من طريق صحيح[6].




فإن قيل: أحاديث الآحاد تفيد الظن والشرع نهى عن اتباع الظن[7]، فجوابه:
هذا في الظن المَرْجُوح الذي لا يُفيد عِلْمًا، فيكون قائمًا على الهَوَى،
مُخَالِفًا للشرع، وليست أحاديث الآحاد من ذلك في شيء؛ بل هي من الشرع.
ولازم ذلك رد العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام والمعاملات، إذا اعتبرناها
من الظن المنهِيّ عن الأخذ به شرعًا. وهذا باطل غاية البُطلان.




وعلى هذا نقول:
أين الدليل الذي يُعْتَدّ به على تَرْك العمل بحديث الآحاد في العقائد والتوحيد؟! هل ثبت ذلك بآية قرآنية أو حديث نبوي صحيح؟!
وهل ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - العمل بذلك أو التصريح به؟!
وهل ثبت عن أحدٍ من الصحابة ردُّ ما أخبره به أحدُهم من أحاديثَ نبوية،
تضمن أمورًا عقائدية؟ وهل فعل ذلك أحد من أئمة التابعين ومن بعدهم؟




إننا نجزم - بلا شك - أنه ما من أحدٍ من الصحابة أو التابعين، أو أئمة
الهدى رَدَّ خبر الواحد الذي يتضمَّن أمورًا عقائدية؛ بل كانوا يتقبلون
الخبر بالقَبول واليقين، طالما ثبتَتْ صحته؛ كما في أحاديث الرؤية، وتكليم
الله، وندائه، ونزوله في ثلث الليل الأخير كل ليلة... إلخ.




3 – أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((بَلِّغُوا عني))؛ متفق عليه،
ومن بَلَّغ عنه فقد أقام الحجَّة على المبلغ، وحصل له بذلك العلم، وادّعاء
أنَّ العلم والحجة لا تقوم بإخبار المبلِّغ، ما كان للأمر بذلك معنى.
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرْسِل الوَاحِد من أصحابه؛ يبلغ عنه، فتقوم الحجة بذلك على مَنْ بَلّغه[8].
وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم – عليًّا، ومعاذًا، وأبا موسى - رضي الله
عنهم - في أوقات مختلفة إلى اليمن؛ يُبلّغُون عنه؛ ويُعلِّمُون الناس
الدين، وأهمُّ شيء في الدين إنما هو العقيدة.




وهذا دليلٌ قاطِع على أنَّ العقيدة تَثْبُت بخبر الواحد، وتقوم به الحجَّة
على الناس، وإلا ما اكتفى - صلى الله عليه وسلم – بِمُفْرَدِه، ولأرسل معه
من يَتواتر به النقل.
4 – أنَّ القول المذكور يستلزم اختلاف المسلمين فيما يجب عليهم اعتقاده،
فيكون الحديث حجة في حقِّ الصحابي، باطلاً مردودًا في حق من بعده، فالصحابي
الذي سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - حَصَل له اليقين بما سَمِع،
واعتقد ذلك عن يقين.
ومن جاء بعده فلم يقبل قول هذا الصحابي؛ لكونه حديث آحاد لا يرى هذا
الاعتقاد ويرده، وما ثبت تواتُرًا في زمن التابعين، ولم يثبت بعدهم
متواترًا اختلف الاعتقاد بين الزمنين.. وهكذا.




ومن لوازم ذلك أن حديث الصحابي كان صدقًا وحجة في حق الصحابي، ويعد باطلاً ومردودًا في أزمان بعده.
ومِن لوَازِم ذلك رَدّ كلِّ ما رواه الصحابة مباشرة عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - في أمور الاعتقاد، إذا لم ينقل عنهم متواترًا، ويبقى إثبات ما
كان فيها من اعتقادات أخَذَهَا الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم -
كأفراد على وصول عقول المتكلمين إلى إدراكها وإثباتها.




5 – أن القول المذكور من لوازمه أن لا يُكْتَفَى بإخبار الوَاحِد من علماء
الحديث، بأن هذا الحديث مُتواتِر، إذ إنه خبره عن تواتر الحديث خبر آحاد لا
يُحْتَجّ به؛ أي أنه لا يحتج إلا بما شَهِد بتواتره جميع الناس، لا واحد
أو قِلة من أهل الاختصاص، ومثل هذا لا يتيسر لكل أحد أن يثبت شهادة الجميع
بتواتر الحديث، إما لنقص العلم عنده، أو لعدم الاطلاع على كتب أكثر أهل
الحديث.
ويزيد الأمر غرابةً أنَّ هؤلاء المتكلمينَ أبعد الناس عن تعلم الحديث،
ومُطَالَعة كُتُبِ علمائه، وبضاعتهم فيه مزجاة، ويفوتهم من أقوال المحدثين
الكثير والكثير[9].




وأعجب من ذلك: ذمهم للتقليد في أمور العقيدة، وهم في علم الحديث لا يملكون إلا التقليد فيه.
6 – فإن قيل: حديث الآحاد يفيد الظن، ويحتمل الخطأ فيه، عمدًا أو سهوًا، أو
بعدم ضبط في النقل ونحوه، وما كان هذا صفته لا تؤخذ منه عقائد. فوجب ترك
العمل بحديث الآحاد لذلك. والجواب: هذا مردود من وجهينِ:
الأول: إجْمَاع السلف على قَبول أحاديث الآحاد في العقائد، وإثبات صفات الرب تعالى، والأمور الغيبية العلمية بها.
الثاني: هذا الادِّعاء يُوجِب أيضًا طَرح العمل بأحاديث الآحاد في الأحكام،
والفرعيات لنفس العلة، وهذا باطل؛ فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا
هذا، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها، جاز عليهم ذلك في نقل غيرها،
وحينئذ فلا وثوق بشيء نُقِل لنا عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهذا
انسلاخ من الدين.




قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها؛ كما لا
يمتنع إثبات الأحكام الطَّلَبِيَّة بها، فما الفرق بين باب الطَّلَب وباب
الخبر، بحيث يحتج بها في أحدهما دون الآخر، وهذا التفريق باطل بإجماع
الأمة، فإنها لم تَزَل تحتج بهذه الأحاديث في الخَبَرِيَّات، كما تحتج بها
في الطلبيات العمليات، ولا سيما الأحكام العملية: تتضمَّن الخبر عن الله
بأنه شَرَّع كذا، وأوجبه ورضيه دينًا، فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته،
ولم تزل الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأهل الحديث، والسنة، يحتجون بهذه
الأخبار في مسائل الصفات، والقدر، والأسماء، والأحكام، ولم ينقل عن أحد
منهم ألبتة أنه جَوَّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار عن الله
وأسمائه وصفاته، فأين سلف المفرقين بين البابين؟




نعم سلفهم بعض مُتأخِّري المتكلمين، الذين لا عناية لهم بما جاء عن الله
ورسوله وأصحابه؛ بل يصدون القلوب عن الاهتداء في هذا الباب بالكتاب،
والسنة، وأقوال الصحابة، ويحيلون على آراء المتكلمين، وقواعد المتكلفين،
فهم الذين يعرف عنهم التفريق بين الأمرينِ، وادعوا الإجماع على هذا
التفريق، ولا يحفظ ما جعلوه إجماعًا عن إمام من أئمة المسلمين، ولا عن أحد
من الصحابة والتابعين، وهذا عادة أهل الكلام، يحكون الإجماع على ما لم يقله
أحد من أئمة المسلمين؛ بل أئمة المسلمين على خلافه. اهـ[10].




7 – أن مآل الأَخْذ بهذا القول، هو الاقْتِصار في العقيدة على ما جاء به
القرآن، وترك العمل في العقائد بالأحاديث النبوية، وعدم الاعْتِداد بما جاء
فيها من الأمور الغَيْبِيَّة.
فإن أكثر الأحاديث النبوية آحادٌ، والمتواتر منها قليل بالنسبة إلى الآحاد،
والمُتواتِر اللفظي منها أقل، والمتواتر المعنوي إنما تختلف ألفاظه
وتتفاوت، والناس يختلفون في إثبات هذا المُتواتِر ويتفاوتون.




ويشهد لذلك أنَّ هؤلاء المتكلمينَ لا تجدهم يثبتون أمرًا عقائديًّا
مستدلينَ بثبوته متواترًا عند علماء الحديث، فَهُم أبعد الناس عن الأخْذ
بذلك؛ لأنهم أجهل الناس بالأحاديث وطُرُقها، وأزْهَد الناس في الاشتغال بها
وطلبها، ولذلك تراهُم يحكمون على أحاديث أنها من الآحاد، وهي عند أهل
العلم بالحديث من المتواتر.




وأغْرب من ذلك وأَعْجَبُ ادّعاء بعضهم أنه لا حاجة إلى السنة في أمور
العقيدة، وأنه لم يثبت في أحاديث الآحاد ما تنفرد السنة به في أمور
العقيدة، والأعْجَب تصديق البعض ذلك والأخذ به، يقول أحدهم: "وليس في
العقائد ما انفرد الحديث بإثباته"[11]. ويقول في موضع آخر: "وقد قرر مؤلف
"المقاصد": أن جميع أحاديث أشراط الساعة آحادية"[12]. فهذا بوضوح ما انتهى
به الأمر بالنسبة لهؤلاء القائلينَ بعدم الأخذ بأحاديث في العقائد أن نبذوا
السنة النبوية كلها من الناحية العملية.




8 – أنَّ كثيرًا من العقائد الإسلامية التي تَلَقَّتْها الأُمَّة عن
السَّلَف، وتلقت أحاديثها بالقبول، هي من الآحاد، وتَرْكُ العمل بأحاديث
الآحاد تَرْكٌ لهذه العقائد الإسلامية الثابتة، وتخطئة للسلف في اعتقادها،
واتخاذها دينًا، وأن يكون إسلامنا غير إسلامهم، وعقائدنا غير عقائدهم[13].




ومن أمثلة هذه العقائد السلفية:
1- أفضليَّة نبيّنا مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - على جميع الأنبياء والرسل.
2- إثبات الشفاعة للنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - العُظْمَى في المحشر، وشفاعته لأهل الكبائر من أمته.
3- مُعْجزاته - صلى الله عليه وسلم – المادية، ما عدا القرآن الكريم.
4- ما ورد في الأحاديث عن بدء الخلق، وصفة الملائكة والجن، وصفة الجنة والنار، وأنَّهما مخلوقتان الآن.
5- القَطْع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهل الجنة.
6- الإيمان بالميزان ذي الكِفَّتينِ يوم القيامة.
7- الإيمان بحَوْضِه - صلى الله عليه وسلم – الكوثر، وأن من شَرِب منه لم يظمأ أبدًا.
8- الإيمان بالقلم، وأنه كتب كل شيء.
9- الإيمان بأن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
10- الإيمان بأشراط الساعة: كخروج المهدِي، وظهور الدجال، ونزول عيسى عليه السلام... إلخ.
11- الإيمان بعروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات العُلَى، ورؤيته لآيات الله – تعالى - الكُبْرَى فيها.




وكما كان السَّلَف الصالح لا يُقَدّمون الاجتهادات العقليَّة على الأدلة
الشرعية في مسائل العقيدة والتوحيد، فقد كانوا كذلك لا يُقَدّمون
الاجتهادات الفقهيَّة على الأدلة الشرعية في مسائل الفقه وقضاياه، لذا فقد
كان منهجهم في ذلك اتباع الأحكام الفقهية المبنية على الكتاب والسنة،
وتَرْك ما عداها من آراء الفقهاء المخالفة للكتاب والسنة، وهم في ذلك كله
يرَوْن العذر للمجتهدين المخالفينَ، لا يجعلون ردَّ أقوالِهم قَدْحًا في
إمامتهم وعلْمِهم وصلاحهم[14]، ولكن لا يرَوْن عُذْرًا لمن قَلَّد الأئمة
في آرائهم التي اتَّضَحَ بِجَلاءٍ مُخالَفَتُها للكتاب والسنة، ولم يكن من
منهج السلف التقيُّد بإمام معين في كل فتاويه، والاجتهاد عندهم واجب على من
قدر عليه واستكمل أدواته. "فالعامي له أن يُقَلِّد مَنْ غلب على ظنه أنه
من أهل العلم والدين، أما العالم فعليه أن يأخذ بالأرجح"، لذا ينبغي "أن
يدرس ما دَوَّنَهُ الأئمة الأربعة وغيرهم دون تعصُّب لرأي أحد منهم"[15].




والأئمة أنفسهم حثوا تلاميذهم وأتباعهم على تقديم الكتاب والسنة على اجتهاداتهم وآرائهم إذا تبينت المخالفة.
فعن الشافعي قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث، واضربوا بكلامي الحائط".
وعن الإمام أحمد: "ليس لأحد مع الله ورسوله كلام".




وعن الإمام مالك: "ما من أحد إلا ومأخوذ من كلامه ومردود عليه، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وعن أبي حنيفة: "لا ينبغي لمن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي".




فائدة:
تنقسم الأحكام الشرعية إلى:
1- أحكام قطعيَّة يقينية، وهي بدورها تنقسم إلى:
أ – أحكامٌ قطعيَّة لا يجهلها أحد من المسلمين: لاستفاضة العلم بها بين
العامة والخاصة، كوجوب صوم رمضان؛ ووُجُوبِ الصلوات الخمس؛ وحُرْمَة الخمر؛
وحُرْمة الزنا؛ ووجوب الغُسْلِ من الجنابة، وهذه الأحكام تسمى: المعلوم من
الدين بالضرورة، فمن خالف هذا المعلوم من الدين يكفر كفر عين.
ب – أحكام قطعيَّة لا يعلَمُها إلا الخاصَّة من العلماء، ويجهَلُهَا الكثير
من العامة: كحرمة زواج المرأة وخالتها؛ أو المرأة وعمتها؛ وأن للجدة
السُّدس في الميراث؛ وأنَّ القاتل عمدًا لا يرث؛ وهذه الأحكام مع كونِها
قطعية فمن يخالفها لا يكفر؛ حتى تُقام عليه الحجة التي يكفر مخالفُها.



نقل الإمام النووي في شرحِه على "صحيح مسلم" عن الإمام الخطَّابي أنه قال
بعد ذكره أن مانِعِي الزَّكاة في عَهْدِ أَبِي بكر - رضِيَ الله عنه - هم
أهل بغي: "فإن قيل كيف تأوَّلْتَ أمر الطائفة التي منعت الزكاة على الوجه
الذي ذكرت، وجعلتهم أهل بغي؟ وهل إذا أنكرَتْ طائفة من المسلمين في زماننا
فرض الزكاة، وامتنعوا عن أدائِها، يكون حكمهم حكم أهل البغي؟ قلنا: لا،
فإنَّ مَنْ أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرًا بإجماع المسلمينَ،
والفَرْق بين هؤلاءِ وأولئك أنَّهم إنما عُذِروا لأسباب وأمور لا يحدث
مثلُها في هذا الزمان، منها: قُرْبُ ا

================================
http://dc10.arabsh.com/i/01896/a56n05o58d7d.gif
http://aladhami.ahlamountada.com
ابن الاسلام
مكتبي مشارك
مكتبي مشارك




اخي السلام عليكم
هناك خلط عندك في خبر الاحاد
فهناك من ياخذ خبر الاحد في العمل وهناك من لايأخذ بخبر الاحاد بالعلمي والعمل وهذا قول
المعتزله


آراء بعض العلماء في خبر الواحد




• رأي الإمام ابن تيمية




قال
الإمام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية, المولود عام
661ﻫ والمتوفى عام 728ﻫ في كتابه ( الفتاوى الكبرى ) الصادر عن دارالمعرفة ـ بيروت ج1 ص 484 ما نصه:


[ معنى الإجماع أن تجتمع علماء
على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولكن كثيرا من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعا، ولكن لا يكون الأمر كذالك، بل يكون القول الآخر أرجح في الكتاب والسنة . وأما أقوال بعض الأمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم فليس حجة لازمة ولا إجماعا باتفاق المسلمين.....] أﻫ


وأضاف الإمام ابن تيمية في نفس المصدر ج1 ص487 ما نصه:
[خبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبوحنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالاسفرائنى وابن فورك، فإنه ـ أي خبر الواحد ـ وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن، لكن لما اقترن به إجماع أهل العلم بالحديث على تلقيه بالتصديق، كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالفقه على حكم، مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد، فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور، وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي،
لأن الإجماع معصوم.....] أﻫ




• رأي الإمام سعد الدين مسعود ابن عمر التفتا زاني
قالالإمام سعد الدين التفتا زاني، الشافعي المذهب،المتوفى عام 792ﻫ في كتابه ( شرح التلويح على التوضيح لمتن كتاب التنقيح في أصول الفقه ) الجزء 2 ، ص423 ما نصه:


[ المشهور يفيد علم الطمأنينة، و الطمأنينة زيادة
توطين وتسكين يحصل للنفس على ما أدركته وإن كان ظنيا، فاطمئنانها رجحان جانب الظن. وخبر الواحد في اتصاله شبهة صورة، وهو ظاهر.... ومعنى حيث لا تتلقاه الأمة بالقبول. والمشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه آحاد الأصل، ولأن الأمة قد تلقته بالقبول فأفاد حكما دون اليقين.....] أﻫ






وأضاف الإمام التفتا زاني في نفس المصدر ج2 ص429 ما نصه:


[الخبر المتواتر يوجب علم اليقين ولا خلاف فيه، والخبر المشهور يفيد العمل وعلم الطمأنينة وإن كان ظنيا في ثبوته، أما اطمئنانها فهو رجحان جانب الظن بحيث يكاد يدخل في حد اليقين وهو المراد وحاصله سكون النفس عن الاضطراب مع ملاحظة كونه آحاد الأصل] أﻫ وأضاف الإمام التفتا زاني في نفس المصدر ص431 ما نصه:
[خبر الواحد وإن كان ظنيا يوجب العمل دون علم اليقين، وقيل لا يوجب شيئا منهما، وقيل بوجوبهما جميعا. ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب العمل دون العلم، وقد دل على ذلك ظاهر قوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم
[ الإسراء : 36]،  إن يتبعون إلا الظن [ النجم : 23] .....والعقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب اليقين وإن احتمال الكذب قائم ] أﻫ
وأضاف الإمام التفتا زاني في نفس المصدر ص432 ما نصه:
[والأخبار في أحكام الآخرة مثل عذاب القبر وتفاصيل الحشر والصراط والحساب والعقاب إلى غير ذلك والتي لا توجب إلا الاعتقاد ـ أي التي لا تتطلب منا إلا التصديق الجازم ـ قد يقول قائل فيها ـ أي في هذه الأخبار ـ أن خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب، وبالعدالة ـ أي عدالة الراوي ـ يترجح الصدق بحيث لا يبقى احتمال الكذب وهو معنى العلم. وجوابه أنا لا نسلم ترجح جانب الصدق إلى حيث لا يحتمل الكذب أصلا بل العقل شاهد بان خبر الواحد العدل لا يوجب علم اليقين وان احتمال الكذب قائم وان كان مرجوحا، والإلزام القطع بالنقيضين عند أخبار العدلين بهما، وجواب الأول وجهان : احدها أن الأحاديث
في باب الآخرة فيها ما اشتهر فيوجب علم الطمأنينة وفيها ما هو خبر الواحد فيفيد الظن وذلك في التفاصيل والفروع ومنها ما تواتر فيفيد القطع واليقين ] أﻫ




• رأي الإمام عبد القاهر البغدادي
قال الإمام عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الاسفرائنى التميمي المتوفى عام 429ﻫ في كتابه ( أصول الدين ) الطبعة الأولى 1928 الصادرة في استنابول ص 12 ما نصه
[ وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم ] أﻫ


وقال الإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه ( الفرق بين الفرق ) طبعة دار المعرفة ص 325 ـ 326 ما نصه :
أما أخبار الآحاد فمتى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم، وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في أن يلزم الحكم بها في الظاهر وان لم يعلم صدقهم في الشهادة. وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام، وضللوا من اسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة..... ] أﻫ .




• رأي الشيخ حسن العطار
قال الشيخ حسن العطار في شرحه على شرح الجلال المحلي، ج2 ص 157 ما نصه : [قال الجلال المحلي " نهى الله عن إتباع غير العلم" .... والنهي للتحريم، فلا يكون واجبا، وقوله " ذم على إتباع الظن يدل على حرمته " أي أن إتباع الظن في العقائد حرام شرعا، لان النهي ورد من الله تبارك وتعالى عن إتباع الظن في العقائد كما سبق وان وضحت ] أﻫ .


وقال الشيخ الشربيني في هامشه على حاشية العطار، ج2 ص 157 ما نصه : [ أن المتواتر يفيد العلم الضروري ..... وأما خبر الواحد فلا يفيده مضطردا ] أﻫ .




• رأي الإمام عبد الرحمن الجزيري
قال الإمام عبد الرحمن الجزيري، رحمه الله، في كتابه ( الفقه على المذاهب الأربعة ) طبعة مكتبة الثقافة الدينية والناشر دار الإرشاد للتأليف والطبع ج5 ص 391 و 392 في معرض حديثه عن حقيقة السحر وعن ما قيل في سحر النبي  ما نصه :


[ ولم يبقى للقائلين بان السحر له اثر حقيقي إلا الاستدلال بحديث البخاري الذي رواه عن عائشة رضي الله عنها من أن النبي  قد سحر، وانه كان يخيل إليه انه يفعل الشيء ولم يفعله، وهذا حديث صحيح لم يتعرض احد للقدح في احد من رواته، ومن الحسن أن يقال : أن مثل هذه الأحاديث تجزئ في المسائل الفرعية لا في المسائل الاعتقادية ، فان العقائد لا تبنى إلا على الأدلة اليقينية ، وهذه الأحاديث مهما كانت صحيحة فهي أحاديث آحاد لا تفيد إلا الظن ، لان الأحاديث الصحيحة يجب أن يكون لها قيمتها في الإثبات. فهي معضدة للبراهين العقلية ] أﻫ






• رأي الأستاذ زكي الدين شعبان
قال الأستاذ زكي الدين شعبان ـ أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق ـ جامعة عين شمس في القاهرة ، في كتابه ( أصول الفقه ) الطبعة الثالثة سنة 1964 ، مطبعة دار التأليف بمصر ما نصه :


[ حكم سنة الآحاد : أنها لا تفيد
العلم وإنما تفيد الظن ولهذا لا يصلح الاعتماد عليها في الأحكام
الاعتقادية، وإنما يعمل بها في الأحكام العملية إذا تحققت الشروط المعتبرة فيها ] أﻫ .




• رأي الإمام النووي


قال شيخ الإسلام
الإمام محي الدين النووي ، الشافعي المذهب ، المتوفى عام 676 ﻫ في شرحه لصحيح مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري إمام أهل الحديث والمتوفى عام 261 ﻫ المطبعة المصرية ـ القاهرة ـ ج1 ص 20 ردا على المحدث ابن الصلاح من إفادة أحاديث البخاري و مسلم للعلم النظري ما نصه : وهذا الذي ذكره الشيخ في هذه المواضع خلاف ما قاله المحققون والاكثرون فإنهم قالوا أن أحاديث الصحيحين ، البخاري و مسلم التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن فإنها أحاد ، والآحاد إنما يفيد الظن على ما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرها في ذلك ، وتلقي الأمة بالقبول لها إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما وهذا متفق عليه ، فان أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد إلا الظن فكذا لصحيحان ، وإنما يفترق الصحيحان عن غيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه بل يجب العمل به مطلقا ، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحيح ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على انه مقطوع بأنه كلام النبي  وقد اشتد نكار ابن برهان الإمام ، على من قال بما قاله الشيخ ـ أي ابن الصلاح ـ وبالغ في تغليطه ] أﻫ .


وجاء في نفس المصدر ، طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، ج1 ص 130 ـ 131 ، قول للإمام مسلم ، في معرض رده على من طعن في خبر الواحد الثقة واشترط لذلك شروطا للعمل به أي ليقبله في الأحكام الشرعية العملية ما نصه :


[ قال الإمام مسلم : فيقال لمخترع هذا القول قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة حجة يلزم به العمل ] أﻫ . وقد شرح كلامه الإمام النووي في نفس الصفحة ، بما نصه : [ هذا الذي قاله مسلم رحمه الله تنبيه على القاعدة العظيمة التي ينبني عليها معظم أحكام الشرع ، وهو وجوب العمل بخبر الواحد ، فينبغي الاهتمام بها والاعتناء بتحقيقها وقد أطنب العلماء رحمهم الله في الاحتجاج لها وإيضاحها وافردها جماعة من السلف بالتصنيف واعتنى بها أئمة المحدثين وأصول الفقه وأول من بلغنا تصنيفه فيها الإمام الشافعي رحمه الله وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية في كتب أصول الفقه ونذكر هنا طرفا في بيان خبر الواحد والمذاهب فيه مختصرا. قال العلماء الخبر ضربان متواتر وآحاد .
فالمتواتر ما نقله عدد لا يمكن مواطأتهم على الكذب عن مثلهم ويستوي طرفاه والوسط و يخبرون عن حسي لا مظنون ويحصل العلم بقولهم، ثم المختار الذي عليه المحققون والاكثرون أن ذلك لا يضبط بعدد مخصوص ولا يشترط في المخبرين الإسلام ولا العدالة وفيه مذاهب أخرى ضعيفة وتفريعات معروفة مستقصاة في كتب الأصول . وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء أكان الراوي له واحد أو أكثر، واختلف في حكمه ، فالذي عليه جماهير المسلمين من
الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم ، وان وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل ، وذهبت القدرية ـ المعتزلة ـ والرافضة وبعض أهل الظاهر إلى انه لا يجب العمل به . ثم منهم من يقول : منع من العمل به دليل العقل ، ومنهم من يقول : منع من العمل به دليل الشرع ، وذهبت طائفة إلى انه يجب العمل به من جهة دليل العقل ، وقال الجبائي من المعتزلة : لا يجب العمل إلا بما رواه اثنان عن اثنين ، وقال غيره : لا يجب العمل إلا بما رواه أربعة عن أربعة ، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى انه يوجب العلم ، وقال بعضهم يوجب العلم الظاهر دون الباطن ، وذهب بعض المحدثين إلى أن الآحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم تفيد العلم دون غيرها من الآحاد. وقد قدمنا هذا القول وإبطاله في الفصول ، وهذه الأقاويل كلها سوى قول الجمهور باطلة ، وإبطال من قال لا حجة فيه ظاهر ، فلم تزل كتب النبي  وآحاد رسله يعمل بها ويلزمهم النبي  العمل بذلك واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم ولم تزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا اخبرهم بسنة وقضائهم
به ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا به على خلافه وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده ، واحتجاجهم بذلك عند من خالفهم ، وهذا كله معروف لا شك في شيء منه والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه. وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس ، وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه
والله اعلم ] أﻫ .




• رأي الإمام الشافعي
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة ص 478 المسألة رقم 1328 ، ما نصه [المسألة 1328: فقلت له : العلم من وجوه : منه إحاطة في الظاهر والباطن ، ومنه حق في الظاهر .
المسألة 1329 : فالإحاطة منه ما كان نص حكم لله أو سنة لرسول الله نقلها العامة عن العامة . فهذان السبيلان اللذان يشهد بهما فيما احل انه حلال وفيما حرم انه حرام . وهذا الذي لا يسع احد عندنا جهله ولا الشك فيه . المسألة 1330 : وعلم الخاصة سنة من خبر الخاصة يعرفها العلماء ولم يكلفها غيرهم . وهى موجودة فيهم أو في بعضهم بصدق الخاص المخبر عن رسول الله بها . وهذا اللازم لأهل العلم أن يصيروا إليه ، وهو الحق في الظاهر ] أﻫ .


وللإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة ص 357 / ص 358 و 359 ما نصه : المسألة 961 : قال لي قائل : ما العلم ؟ وما يجب على الناس في العلم ؟ فقلت له : العلم علمان علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله . المسألة 964 : وهذا الصنف كله من العلم موجودا نصا في كتاب الله وموجودا عاما عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عن من مضى من عوامهم ، يحكونه عن رسول الله ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم . وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع .... المسألة 966
: قال فما الوجه الثاني : قلت له : ما ينوب العباد من فروع الفرائض وما يخص به من الأحكام وغيرها ، مما ليس فيه نص كتاب ، ولا في أكثره نص سنة ، وان كانت في شيء منه سنة فإنما هي من أخبار الخاصة لا أخبار العامة وما كان منه يحتمل التأويل ويستدرك قياسا.... ] أﻫ .




• رأي الداعية سيد قطب
قال الداعية سيد قطب رحمه الله في كتابه ( في ظلال القرآن ) طبعة دار الشروق ج6 ص 4008 , عند تفسيره لقوله تعالى في سورة الفلق " ومن شر النفاثات في العقد " ما نصه : [ وقد وردت روايات بعضها صحيح ولكنه غير متواتر ـ أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي  في المدينة قيل أياما وقيل أشهراً... حتى كان يخيل إليه أنه كان يأتي النساء وهو لا يأتيهن في رواية , و حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله في رواية , وأن السورتين ـ أي الناس و الفلق ـ نزلتا رقية لرسول الله  فلما استحضر السحر المقصود ـ كما أخبر في رؤياه ـ وقرأ السورتين انحلت العقد وذهب عنه السوء. ولكن هذه الروايات تخالف أصل العصمة النبوية في الفعل والتبليغ , ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله  وكل قول من أقواله سنة وشريعة , كما أنها
تصطدم بنفي القرآن عن الرسول  أنه مسحور , وتكذيب المشركين بما كانوا يدعونه من هذا الإفك , ون ثم تستبعد هذه الروايات . وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة . والمرجع هو القرآن والتواتر شرطاً للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد وهذه الروايات ليست من المتواتر ] أﻫ .








رأي شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي
قال شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي ـ الشافعي المذهب ـ المتوفى عام 911ﻫ في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن ) طبعة المكتبة الثقافية ـ بيروت ج1 ص 77 , ما نصه : [ لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه وأما في محله ووضعه وترتيبه , فكذلك عند محققي أهل السنة للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله . فما نقل آحادا ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن قطعا ] أﻫ .


وأضاف الإمام السيوطي في نفس المصدر ج2 ص5 ـ باب القراءات الآحاد والشاذة والتي غير متواترة , ما نصه : [ والموقوف على المظنون مظنون والظني لا يكتفي به في الأصول..... والظن لا يعول عليه في المسائل الأصولية القطعية ] أﻫ .


اذهب الى الأسفل
ابن الاسلام
مكتبي مشارك
مكتبي مشارك




رأي الإمام الشوكاني


قال الإمام الشوكاني المتوفى 1255ﻫ في كتابه ( نيل الأوطار ) ج2 ص 108 ، ما نصه : 
[عن ابن مسعود قال : قال رسول الله  لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر , فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمص الناس . رواه أحمد ومسلم ] أﻫ .
وقد علق الإمام الشوكاني على هذا الحديث ساردا أقوال بعض العلماء فيه , بما نصه :
[ قوله  " إن الله جميل " .... قال الإمام النووي : واعلم أن هذا الاسم ورد في هذا الحديث الصحيح ولكنه من أخبار الآحاد وقد ورد أيضا في حديث الأسماء الحسنى وفي إسناده مقال والمختار جواز إطلاقه على الله ومن العلماء من منعه قال إمام الحرمين : ما ورد الشرع بإطلاقه في أسماء الله تعالى وصفاته أطلقناه وما منع الشرع من إطلاقه منعناه وما لم يرد فيه إذن ولا منع لم نقض فيه بتحليل ولا تحريم فإن الأحكام الشرعية تتلقى من موارد الشرع ولو قضينا بتحليل أو تحريم لكنا مثبتين حكما بغير الشرع .... ] أﻫ .




وأضاف الإمام الشوكاني , ما نصه :
[ وقد وقع الخلاف في تسمية الله ووصفه من أوصاف الكمال والجلال والمدح بما لم يرد به الشرع ولا منعه فأجازه طائفة ومنعه آخرون إلا أن يرد به شرع مقطوع به من نص كتاب أو سنة متواترة أو إجماع على إطلاقه فإن ورد خبر واحد فاختلفوا فيه فأجازه طائفة وقالوا الدعاء به والثناء من باب العمل وهو جائز بخبر الواحد ومنعه آخرون لكونه راجعا إلى اعتقاد ما يجوز أو يستحيل على الله تعالى وطريق هذا القطع قال القاضي : عياض والصواب جوازه لاشتماله على العمل ولقول الله تعالى  ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [لأعراف : 180 ] ـ فادعوه طلب عمل ـ ] أﻫ .




• رأي الأمام الجويني
قال إمام الحرمين , أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني , الشافعي المذهب , المولود سنة 419ﻫ المتوفى سنة 478ﻫ في كتابه ( الورقات في أصول الفقه ) , باب الأخبار , ص 45 ، ما نصه :


[وأما الأخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب , والخبر ينقسم إلى قسمين آحاد ومتواتر , فالمتواتر ما يوجب العلم وهو أن يروى جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب من مثلهم إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه ويكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد , والآحاد هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم ] أﻫ .




• رأي الدكتور شعبان محمد إسماعيل
قال الدكتور شعبان محمد إسماعيل ، رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية بالمدينة المنورة , في كتابه ( المدخل لدراسة القرآن والسنة والعلوم الإسلامية ) ج1 ص 231 , ما نصه :


[ بعد أن أتم عثمان نسخ المصاحف عمل على إرسالها وإنفاذها إلى الأقطار , وأمر أن يحرق كل ما عداها مما يخالفها , سواء كانت صحفا أم مصاحف , وذلك ليقطع عرق النزاع من ناحية , وليحمل المسلمين على الجادة في كتاب الله من ناحية أخرى , فلا يأخذوا إلا بتلك المصاحف التي توافر فيها من المزايا ما لم يتوافر في غيرها . وهذه المزايا هي : الاقتصار على ما يثبت بالتواتر دون ما كانت روايته آحادا...... ] أﻫ .








• رأي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
قال الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي , مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض , في كتابه ( أصول الإمام أحمد ) الصادر عن مكتبة الرياض , ص 255 , أثناء استعراض ومناقشة حجية خبر الواحد عند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله , ما نصه :


[ ومن هذا الاستعراض لما كتبه الأصوليون في مذهب أحمد نخلص إلى النقاط التالية في مذهب أحمد :
1) أن الإمام أحمد قد روي عنه روايتان : أحداهما أنه يفيد العلم , والأخرى أنه لا يفيد العلم ـ أي خبر الواحد ـ .
2) أن الأصحاب ـ أي أصحاب الإمام أحمد ـ اختلفوا على قولين أيضا تبعا لما روي عن أحمد : فمنهم من قال أن خبر الواحد يفيد العلم , ومنهم من قال أنه يفيد الظن .
3) أن أكثرهم ـ أي أصحاب الإمام أحمد ـ وخاصة من اشتهرت كتبه في الأصول يختار القول بأنه لا يفيد العلم لذاته , ويحمل ما روي عن أحمد من أنه يفيد العلم على انضمام قرائن له .
4) وعلى هذا يكون خبر الآحاد عندهم إذا احتفت به القرائن مفيدا للعلم , وبناءا عليه لا يكون كل خبر واحد مفيدا للعلم . ] أﻫ .


وأضاف الدكتور التركي في نفس المصدر ص 260 , تحت عنوان رأي الجمهور , ما نصه : [ أن جمهور الأمة يقولون بوجوب العمل بخبر الواحد سواء منهم من قال أنه يفيد العلم , أو من قال أنه يفيد الظن ] أﻫ .




• رأي الإمام مجد الدين ابن الأثير الجزري


قال الإمام مجد الدين ابن الأثير الجزري , المتوفى 606 ﻫ , في كتابه ( جامع الأصول في أحاديث الرسول ) طبعة الرابطة , ج1 ص 120 , ما نصه : [ إن وصول الحديث إلينا لا يخلو من أحد طريقين , إما بطريق التواتر , و إما بطريق الآحاد , ولكل واحد منهما شرح وبيان وأحكام ..... والكلام في ذكرهما ينقسم إلى قسمين : أخبار المتواتر وأخبار الآحاد . وحد الخبر : ما دخله الصدق أو الكذب أو تطرق إليه التصديق والتكذيب ....... والتواتر يفيد العلم وذلك ظاهر لا خلاف فيه ] أﻫ



وأضاف الإمام الجزري في نفس المصدر ج1 ص 124 , ما نصه :
[ أما أخبار الآحاد فهي ما لا ينتهي إلى حد خبر التواتر المفيد للعلم , فما نقله جماعة من خمسة أو دون ذلك فهو خبر واحد.... ولا سبيل إلى القطع بصدقه ولا إلى القطع بكذبه... فهو خبر الواحد وخبر الآحاد , سواء نقله واحد أو جمع منحصرون , وخبر الواحد لا يفيد العلم ولكننا متعبدون به . وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يورث العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل به أو سموا الظن علما . ولهذا قال بعضهم يورث العلم الظاهر , والعلم ليس له ظاهر وباطن , وإنما هو الظن ] أﻫ.




• رأي الإمام الخطيب البغدادي


قال الإمام الخطيب البغدادي , الشافعي المذهب , المتوفى 463ﻫ في كتابه ( الفقيه والمتفقه ) ج1 ص 96 ، ما نصه : [ أن أخبار الآحاد المروية في كتب السنن الصحاح فإنها توجب العمل ولا توجب العلم ] أﻫ.


وقال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه ( الكفاية في علم الرواية ) , دار الكتب الحديثة , ص 65 ـ 66 , تحت باب (ذكر شبهة من زعم أن خبر الواحد يوجب العلم وإبطالها ) , ما نصه : [ أما الرد على شبهة من زعم أن خبر الواحد يوجب العلم , مستشهدا , بأن الله تعالى لما أوجب العمل به وجب العلم بصدقه وصحته لقوله تعالى  ولا تقف ما ليس لك به علم [ الإسراء : 36] وقوله وان تقولوا على الله مالا تعلمون [البقرة : 69 , الأعراف : 33 ] فإنه أيضا بعيد لأنه إنما عنى بذلك أن لا تقولوا في دين الله ما لا تعلمون إيجابه والقول والحكم به عليكم ولا تقولوا سمعنا ورأينا وشهدنا وأنتم لم تسمعوا وتروا وتشاهدوا وقد ثبت إيجابه تعالى علينا العمل بخبر الواحد وتحريم القطع على انه صدق أو كذب . فالحكم به معلوم من أمر الدين وشهادة بما يعلم ويقطع به ولو كان ما تعلقوا به من ذلك دليلا على صدق خبر الواحد لدل على صدق الشاهدين أو صدق يمين الطالب للحق وأوجب القطع بإيمان الإمام والقاضي والمفتى إذ ألزمنا المصير إلى أحكامهم وفتواهم لأنه لا يجوز القول في الدين بغير علم وهذا عجز ممن تعلق به فبطل ما قالوه ] أﻫ.


• رأي الإمام السرخسي


قال الإمام السرخسي , الحنفي المذهب , المتوفى 490ﻫ في كتابه ( نهاية السؤل في علم الأصول ) ج1 ص 112، تحقيق أبو الوفا الأفغاني , ما نصه :
[ فإن خبر الواحد لا يوجب علم اليقين لاحتمال الغلط من الراوي وهو دليل موجب للعمل بحسن الظن بالراوي وترجح جانب الصدق بظهور عدالته ] أﻫ.


وأضاف الإمام السرخسي في نفس المصدر ج1 ص 329 , ما نصه :
[ ثم قد يثبت بالآحاد من الأخبار ما يكون الحكم فيه العلم فقط نحو عذاب القبر وسؤال منكر ونكير ورؤية الله تعالى بالأبصار في الآخرة فبهذا ونحوه يتبين أن خبر الواحد موجب للعلم ولكنا نقول هذا القائل كأنه خفي عليه الفرق بين سكون النفس وطمأنينة القلب وبين علم اليقين فإن بقاء احتمال الكذب في غير المعصوم معاين لا يمكن إنكاره ومع الشبهة والاحتمال لا يثبت اليقين وإنما يثبت سكون النفس وطمأنينة القلب بترجح جانب الصدق ببعض الأسباب وقد بينا فيما سبق أن علم اليقين لا يثبت بالمشهور من الأخبار بهذا المعنى فكيف يثبت بخبر الواحد وطمأنينة القلب نوع علم من حيث الظاهر ] أﻫ.


وأضاف الإمام السرخسي في نفس المصدر ج1 ص 367 , ما نصه :
[ فإن أصل البدع والأهواء إنما ظهر من قبل ترك عرض أخبار الآحاد على الكتاب والسنة المشهورة فإن قوما جعلوها أصلا مع الشبهة في اتصالها برسول الله عليه السلام ومع أنها لا توجب علم اليقين ثم تأولوا عليها الكتاب والسنة المشهورة فجعلوا التبع متبوعا وجعلوا الأساس ما هو غير متيقن به فوقعوا في الأهواء والبدع ] أﻫ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل





رأي الإمام الغزالي


قال الإمام الغزالي , المتوفى 505ﻫ في كتابه ( المستصفى من علم الأصول ) ما نصه :


[ اعلم أنا نريد بخبر الواحد في هذا المقام ما لا ينتهي من الأخبار إلى حد التواتر المفيد للعلم فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلا فهو خبر الواحد وأما قول الرسول عليه السلام مما علم صحته فلا يسمى خبر الواحد وإذا عرفت هذا فنقول خبر الواحد لا يفيد العلم وهو معلوم بالضرورة إنا لا نصدق بكل ما نسمع ولو صدقنا وقدرنا تعارض خبرين فكيف نصدق بالضدين وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما ولهذا قال بعضهم يورث العلم الظاهر والعلم ليس له ظاهر وباطن وإنما هو الظن ] أﻫ.




• رأي الإمام عبد الوهاب خلاف
قال الإمام عبد الوهاب خلاف , في كتابه ( علم أصول الفقه ) الصادر عن دار القلم , الطبعة الأولى 1942 , ص 42 , ما نصه :
[ إن نصوص القرآن الكريم كلها قطعية الورود ومنها ما هو قطعي الدلالة ومنها ما هو ظني الدلالة , وأما السنة فمنها ما هو قطعي الورود ومنها ما هو ظني الورود . وكل منهما قد يكون قطعي الدلالة وقد يكون ظني الدلالة . وكل سنة من أقسام السنن الثلاثة المتواترة والمشهور وسنن الآحاد حجة واجب إتباعها والعمل بها . أما المتواترة فلأنها مقطوع بصدورها وورودها عن رسول الله  , وأما المشهورة أو سنة الآحاد فلأنها وإن كانت ظنية الورود عن رسول الله  إلا أن هذا الظن ترجح بما توافر في الرواة من العدالة وتمام الضبط والإتقان ورجحان الظن كاف في وجوب العمل . لهذا يقضي القاضي بشهادة الشاهد وهي وإنما تفيد رجحان الظن بالمشهور به . وتصح الصلاة بالتحري في استقبال الكعبة وهو إنما يفيد غلبة الظن . وكثير من الإحكام مبنية على الظن ولو التزم القطع واليقين في كل أمر عملي لنال الناس الحرج ] أﻫ.




• رأي الإمام علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني
قال ملك العلماء , الإمام علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني , الحنفي المذهب , المتوفى 587ﻫ في كتابه ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ) الطبعة الثانية الصادرة عن دار الكتاب العربي , باب المسح على الجبائر هل هو واجب أم لا ؟ , ج1 ص14, ما نصه : [ لأبي حنيفة أن الفرضية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به . وحديث علي رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أمر عليا رضي الله عنه بالمسح على الجبائر بقوله : امسح عليها } ـ من أخبار الآحاد , فلا تثبت الفرضية به , وقال بعض مشايخنا : إذا كان المسح لا يضره يجب بلا خلاف ويمكن التوفيق بين حكاية القولين , وهو أن من قال : " إن المسح على الجبائر ليس بواجب عند أبي حنيفة " عنى به أنه ليس بفرض عنده لما ذكرنا أن المفروض اسم لما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به , ووجوب المسح على الجبائر ثبت بحديث علي رضي الله عنه وأنه من الآحاد فيوجب العمل دون العلم ] أﻫ.




• رأي الإمام عبد الوهاب النجار
قال الإمام عبد الوهاب النجار في كتابه ( قصص الأنبياء ) , الطبعة السابعة , إصدار دار إحياء التراث العربي , في مقدمة الكتاب الصفحة ( س) النقطة 4 , ما نصه :
[ الخبر إذا كان روايته آحاداً فلا يصلح أن يكون دليلا على ثبوت الأمور الاعتقادية , لأن الأمور الاعتقادية الغرض منها القطع , والخبر الظني الثبوت أو الدلالة لا يفيد القطع ] أﻫ.


وأضاف الإمام النجار في نفس المصدر النقطة 7 , ما نصه :
[ المعجزات لا تثبت بخبر الآحاد , لأن المطلوب فيها اليقين . وخبر الآحاد لا يقين فيه ] أﻫ.
وأضاف الإمام النجار في نفس المصدر النقطة 8 , ما نصه :
[ إنكار المعجزة الثابتة بنص قطعي الثبوت والدلالة كفر ] أﻫ.




• رأي الإمام محمد أبو زهرة
قال الإمام محمد أبو زهرة في كتابه ( أصول الفقه ) , طبعة دار الفكر العربي , ص 108 و 109, ما نصه :
[ خبر الآحاد , ويسميه الشافعي رضي الله عنه خبر الخاصة , وهو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان أو أكثر عن الرسول  ولا يتوافر فيه شروط المشهور , وحديث الآحاد يفيد العلم الظني الراجح , ولا يفيد العلم القطعي , إذ الاتصال بالنبي فيه شبهة , ويقول صاحب كشف الأسرار ج3 ص 990 " إن اتصال خبر الآحاد بالنبي  فيه شبهت صورة ومعنى , أما ثبوت الشبهة فيه صورة فلأن الاتصال بالرسول  لم يثبت قطعا , وأما معنى فلأن الأمة تلقته بالقبول ـ أي في الطبقة التي تلي التابعين . ولهذه الشبهة في إسناد الحديث بالرسول  قالوا أنه يوجب العمل به إن لم يعارضه معارض , ولكن لا يؤخذ به في الاعتقاد , لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الظن ولو كان راجحا , لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئا ] أﻫ.


• رأي الدكتور محمد سلام مدكور
قال الدكتور محمد سلام مدكور , أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق والشريعة بجامعتي القاهرة والكويت , والخبير بالموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف في الكويت , في كتابه ( منهاج الاجتهاد في الإسلام في الأحكام الفقهية والعقائدية ) الطبعة الأولى ص 219 , ما نصه :


[ ومعظم السنة وخاصة القولية من قبيل أخبار الآحاد وهي لا تفيد اليقين وإنما تفيد الظن ] أﻫ.


وأضاف الدكتور مدكور في نفس المصدر ص 508 , في معرض كلامه عن منهج السلفيين , ما نصه :
[ وقد بالغ بعضهم في ذلك فالدعى أن السنة نفسها تصلح مصدرا من مصادر العقائد , وأن الحديث النبوي إذا صح يكفي في إثبات عقيدة من العقائد وإضافة جديدة إلى ما يقتضيه العقل أو يفيده القرآن الكريم من العقائد..... وأننا نرجح العقيدة بوصفها عقيدة أن يكون دعامتها ما ينتهي إليه العقل بحكم جازم لا مجال فيه للتردد ] أﻫ.


ثم سرد الدكتور أسماء طائفة [ من العلماء لا يرون في إثبات العقائد إلا الأدلة العقلية والقرآن الكريم والسنة المتواترة ومنهم الأئمة : الغزالي والرازي والأموي والبيضاوي والكمال بن الهمام والشيعة والزيدية ... ] أﻫ.




• رأي الشيخ بدران أبو العنين بدران


قال الشيخ بدران أبو العنين بدران , أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق ـ جامعة الإسكندرية ـ في كتابه ( أصول الفقه ) طبعة دار المعارف 1965 , ص 83 , ما نصه :
[ لا تفيد السنة الآحادية يقينا إنما تفيد الظن عند جمهور العلماء ] أﻫ.
وأضاف الشيخ بدران في نفس المصدر ص 87 , ما نصه :
[ ذهب جمهور المالكية والحنابلة والشافعية والحنفية إلى أن خبر الواحد يوجب العمل دون العلم لأنه لا تلازم بين وجوب العمل وثبوت العلم لأن الظن الراجح كاف في الأمور العملية رحمة بالعباد وتيسيرا عليهم والظن الذي ورد في الكتاب أنه لا يغني من الحق شيئا هو الظن في أمور العقيدة لا في كل الأمور] أﻫ.


وأضاف الشيخ بدران في نفس المصدر ما نصه :
[ والاختلاف في الاحتجاج بالسنة الآحادية منذ عصر الصحابة , فإنهم ما كانوا يقبلون ا لسنة الآحادية إلا ما اطمأنت نفوسهم إليه وعرفوا أنه صادر عن الرسول  وكان سبيلهم إلى هذا مختلفا واحتياطهم متنوعا ] أﻫ.


وضرب الشيخ بدران أمثلة على ذلك في نفس المصدر , ما نصه :
[ فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه , لا يقبل حديثا آحاديا حتى يشهد شاهدان أنهما سمعاه . وكذلك كان يفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري في حديث الاستئذان . وكان بعض الصحابة يستحلف الراوي . وكانت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لا تحتج بحديث آحاد إلا إذا استوثقت من عدم معارضته بما هو أقوى منه ولهذا لم تعمل بحديث : إذا استيقظ أحدكم من نومه ... . ومن الصحابة من كان يرد الحديث لعدم ثقته براويه , فقد رد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حديث معقل بن سنان الأشجعي بقوله : لا ندع كتاب ربنا بقول أعرابي بوال على عقبيه ] أﻫ.


• رأي الأستاذ عمر عبد الله
قال الأستاذ عمر عبد الله , أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق ـ جامعة الإسكندرية ـ في كتابه ( سلم الوصول لعلم الأصول ) الطبعة الأولى 1965, دار المعارف بمصر , ص 192 , ما نصه :
[ خبر الآحاد : هو ما ليس بمتواتر ولا مشهور سواء رواه واحد أو أكثر , وهو ما يفيد ظنا لا علما لاحتمال كذب الراوي . ومذهب جمهور العلماء أنه يجب العمل به فيما دل عليه , وقد يحصل به العلم إذا اقترنت به قرائن تنفي احتمال كذب الراوي وحينئذ يكون العلم مستفادا من القرائن لا من نفس الخبر ] أﻫ.




• رأي الدكتور محمد عجاج الخطيب
قال الدكتور محمد عجاج الخطيب , مدرس الحديث وعلومه بكلية الشريعة ـ جامعة دمشق ـ في كتابه ( أصول الحديث وعلوم مصطلحه ) الطبعة الأولى 1967, دار الفكر الحديث ـ لبنان , ص 302 و 303 , ما نصه :
[ خبر الآحاد : وقد اختلف في إفادته علم اليقين أو عدم أفادته .... فذهب جمهور الحنفية والشافعية وجمهور المالكية وغيرهم إلى أنه يفيد الظن ويوجب العمل , وأنه لا تلازم بين وجوب العمل وإفادة علم اليقين , بل يكفي لوجوب العمل الزن الراجح ] أﻫ.


• رأي الشيخ محمد جمال الدين القاسمي
قال الشيخ محمد جمال الدين القاسمي , في كتابه ( قواعد التحديث ) الطبعة الثانية , دار إحياء الكتب العربية , ص 147 و 148 , ما نصه :
[ الذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم . وهذا كله لا شك في شيء منه والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد , وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه . وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس , وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه ] أﻫ



• رأي الدكتور مصطفى السباعي


قال الدكتور مصطفى السباعي , الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفقه والأصول من جامعة الأزهر عام 1949 في كتابه ( السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ) ص 150 , ما نصه :
[ يقسم علماء الحديث الأخبار إلى قسمين :
المتواترة : وهي ما يرويها جمع من العدول الثقات عن جمع من العدول الثقات وهكذا حتى تصل إلى النبي  .
الآحاد : وهي ما يرويه الواحد أو الاثنان عن الواحد أو الاثنين حتى تصل إلى النبي  , أو ما يرويه عدد دون المتواتر . واتفق العلماء على أن المتواتر يفيد العمل والعلم معا وهو عندهم حجة لا نزاع فيها . أما خبر الآحاد فالجمهور على أنها حجة يجب العمل بها وإن أفادة الظن ] أﻫ.




• رأي الشيخ محمد الخضري بك
قال الشيخ محمد الخضري بك , في كتابه ( أصول الفقه ) الطبعة الخامسة 1965 , المكتبة التجارية بمصر , ص252 , ما نصه :
[ قد يفيد خبر الواحد العلم بواسطة القرائن ولا يفيده مجردا عنها ] أﻫ.








• رأي الإمام ابن قدامة المقدسي
قال الإمام ابن قدامة المقدسي , الحنبلي المذهب , المتوفى 620ﻫ في كتابه ( روضة الناظر وجنة المناظر ) في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله , طبعة دار الكتاب العربي ـ بيروت , باب أخبار الآحاد وهي ما عدا المتواتر , ص 91 , ما نصه :
[ اختلفت الرواية عن إمامنا رحمه الله في حصول العلم بخبر الواحد فروى أنه لا يحصل به وهو قول الأكثرين والمتأخرين من أصحابنا لأنا نعلم ضرورة أنا لا نصدق كل خبر نسمعه ولو كان مفيدا للعلم لما صح ورود خبرين متعارضين لاستحالة اجتماع الضدين ولجاز نسخ القرآن والأخبار المتواترة به لكونه بمنزلتها في إفادة العلم ولوجب الحكم بالشاهد الواحد ولاستوى في ذلك العدل والفاسق كما في المتواتر ] أﻫ.


وأضاف الإمام ابن قدامة المقدسي في نفس المصدر والصفحة , ما نصه :
[ ويحتمل أن يكون خبر الواحد عنده مفيدا للعلم وهو قول جماعة من أصحاب الحديث وأهل الظاهر قال بعض العلماء إنما يقول أحمد بحصول العلم بخبر الواحد فيما نقله الأئمة الذين حصل الاتفاق على عدالتهم وثقتهم وإتقانهم ونقل من طرق متساوية وتلقته الأمة بالقبول ولم ينكره منهم منكر... ] أﻫ.
وأضاف الإمام ابن قدامة المقدسي في نفس المصدر ص 91 و 92 , ما نصه :
[ولذلك اتفق السلف في نقل أخبار الصفات وليس فيها عمل وإنما فائدتها وجوب تصديقها واعتقاد ما فيها لأن اتفاق الأمة على قبولها إجماع منهم على صحتها , والإجماع حجة قاطعة فأما التعارض فيما هذا سبيله فلا يسوغ إلا كما يسوغ في الأخبار المتواترة وآي الكتاب .
وقولهم إنا لا نصدق كل خبر نسمعه فلأننا جعلناه مفيدا للعلم لما اقترن به من قرائن زيادة الثقة وتلقي الأمة له بالقبول ولذلك اختلف خبر العدل والفاسق وأما الحكم بشاهد لازم فإن الحاكم لا يحكم بعلمه وإنما يحكم بالبينة التي هي مظنة الصدق والله أعلم ] أﻫ.




• رأي الإمام علي بن أبي محمد الآمدي
قال الإمام علي بن أبي محمد بن سالم الثعلبي , الأصولي الملقب سيف الدين الآمدي , المتوفى 631ﻫ في كتابه ( الإحكام في أصول الأحكام ) , طبعة دار الكتاب العربي ـ بيروت , في معرض حديثه عن حقيقة خبر الواحد , ج2 , ص 48 , ما نصه :
[ اختلفوا في الواحد العدل إذا أخبر بخبر هل يفيد خبره العلم , فذهب قوم إلى أنه يفيد العلم ثم اختلف هؤلاء فمنهم من قال إنه يفيد العلم بمعنى الظن لا بمعنى اليقين فإن العلم قد يطلق ويراد به الظن كما في قوله تعالى  فإن علمتموهن مؤمنات [ الممتحنة : 10] , أي ظننتموهن .
ومنهم من قال إنه يفيد العلم اليقيني من غير قرينة , لكن من هؤلاء من قال ذلك مطرد في خبر كل واحد كبعض أهل الظاهر وهو مذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه .
ومنهم من قال إنما يوجد ذلك في بعض أخبار الآحاد لا في الكل , وإليه ذهب بعض أصحاب الحديث . ومنهم من قال إنه يفيد العلم إذا اقترنت به قرينة كالنظام ومن تابعه في مقالته .
وذهب الباقون إلى أنه لا يفيد العلم اليقيني مطلقا , لا بقرينة ولا بغير قرينة .
والمختار حصول العلم بخبره إذا احتفت به القرائن . ويمتنع ذلك عادة دون القرائن.... ] أﻫ.




• رأي الإمام ابن عابدين
قال الإمام محمد أمين الشهير بابن عابدين , المتوفى 1252ﻫ , الحنفي المذهب , في كتابه ( رد المحتار على الدر المختار ) , طبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت , ج1 , ص 64 , ما نصه :
[ أقول : بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة :
الأول قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي . الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة . الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي . الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني ] أﻫ.


وأضاف الإمام ابن عابدين في نفس المصدر ج1 , ص 354 , ما نصه :
[ مطلب في عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ( قوله كالإيمان بالأنبياء ) لأن عددهم ليس بمعلوم قطعا , فينبغي أن يقال آمنت بجميع الأنبياء أولهم آدم وآخرهم محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام , فلا يجب اعتقاد أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا , وأن الرسل منهم ثلثمائة وثلاثة وعشرون لأنه خبر آحاد ] أﻫ.






• رأي شيخ الإسلام أبو يحي زكريا الأنصاري
قال شيخ الإسلام أبو يحي زكريا الأنصاري ـ من أعلام فقهاء الشافعية ـ في كتابه ( غاية الوصول ) , ص 97 , ما نصه :
[ مسألة : الأصح أن خبر الواحد يفيد العلم بقرينة كما في إخبار رجل يموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن والنعش .... وقيل لا يفيد العلم مطلقا وعليه الأكثر .... وقيل يفيد مطلقا بشرط العدالة ... ] أﻫ.
ثم يقول الشيخ الأنصاري , في كون الذم قد ترتب على الأخذ بالظن والآحاد ظني .... ص 97 , ما نصه :
[ إن الذم إنما هو في أصول الدين كوحدانية الله تعالى ] أﻫ.


• رأي الشيخ شهاب الدين أبو العباس الحنبلي
قال الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الغني الحراني الدمشقي , المعروف بشهاب الدين أبو العباس , المتوفى 745ﻫ , في كتابه ( المسودة في أصول الفقه ) , دار الكتاب العربي , ص 240 , ما نصه :
[ مسألة : خبر الواحد يوجب العمل وغلبة الظن دون القطع في قول الجمهور ] أﻫ.
ونقل الشيخ شهاب الدين أبو العباس عن شيخه الإمام ابن تيمية , في نفس المصدر , ص 244 , ما نصه :
[إن أحدا من العقلاء لم يقل أن خبر كل واحد يفيد العلم , وبحث كثير من الناس إنما هو في رد هذا القول . قال ابن عبد البر : اختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد العدل هل يوجب العلم والعمل جميعا أم يوجب العمل دون العلم ؟ قال : والذي عليه أكثر أهل الحذق منهم أنه يوجب العمل دون العلم وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به الله وقطع العذر لمجيئه مجيئا لا اختلاف فيه , قال : وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر انه يوجب العلم والعمل جميعا , منهم الحسين الكرابيسي وغيره وذكر ابن خواز منداد أن هذا القول يخرج على مذهب الإمام مالك ] أﻫ.
الشيخ شهاب الدين أبو العباس عن شيخه الإمام ابن تيمية , في نفس المصدر , ص 244 و 245, ما نصه :
[قال ابن عبد البر : الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والأربعة سواء , قال وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والنظر والأثر ] أﻫ.
وقد جاء في كتاب ( الصواعق ) ج2 , ص 482 عن ابن تيمية أنه قال :
[ أن حديث الآحاد لا يفيد العلم واليقين مطلقا بل هو حديث ظني ] وقال ابن تيمية : [ هذا القول قول طائفة من أهل الكلام مثل أبي المعالي والإمام الغزالي وابن عقيل ] أﻫ.
• رأي الشيخ أبو الحسن محمد ابن علي الطيب


قال الشيخ أبو الحسن محمد ابن علي الطيب , المتوفى 436ﻫ , في كتابه ( المعتمد في أصول الفقه ) , طبعة دمشق 1965, ج 2 ص 566 , باب في أن خبر الواحد لا يقتضي العلم , ما نصه :
[ قال أكثر الناس إنه لا يقتضي العلم وقال آخرون يقتضيه واختلف هؤلاء , فلم يشرط قوم من أهل الظاهر اقتران قرينة بالخبر . وشرط أبو إسحاق النظام في اقتضاء الخبر العلم اقتران قرائن به وقيل إنه شرط ذلك في التواتر أيضا ومثل ذلك بأن نخبر بموت زيد ونسمع في داره الناعية ونرى الجنازة على بابه مع علمنا بأنه ليس في داره مريض سواه وحكي عن قوم أنه يقتضي العلم الظاهر وعنوا بذلك الظن ] أﻫ.


وعلق الإمام أبو الحسن الطيب على هذا المثال بقوله في نفس المصدر ص 566 ـ 568 , ما نصه :
[ ... إن الجنازة قد تكون كاذبة لإيهام السلطان بأن المطلوب قد مات لينجو من الهلكة ... ] أﻫ.
• رأي الإمام الجلال شمس الدين محمد بن أحمد المحلي
قال الإمام الجلال شمس الدين محمد بن أحمد المحلي , المتوفى 436ﻫ , في شرحه على متن جمع الجوامع , ج 2 ص 130 ـ 133 , ما نصه :
[ وقالت الظاهرية لا يجب العمل به ( مطلقا ) ـ أي خبر الواحد ـ أي عن التفصيل الآتي ; لأنه على تقدير حجيته إنما يفيد الظن , وقد نهى عن إتباعه وذم عليه في قوله تعالى :  إن يتبعون إلا الظن [ النجم : 23] ..... وإنما يجب العمل بما يفيد العلم لقوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم [ الإسراء : 36] , نهى سبحانه وتعالى عن إتباع غير العلم وذم على إتباع الظن .
وأجيب : بأن ذلك في المطلوب فيه العلم من أصول الدين كوحدانية الله تعالى ] أﻫ.




• رأي العلامة عبد الرحمن بن جاد المغربي البناني
قال العلامة عبد الرحمن بن جاد المغربي البناني , في كتابه ( حاشية على شرح الجلال لمتن جمع الجوامع ) , مكتبة الحلبي , عام 1932 , ج2 ص 130 , ما نصه :
[ وقال الأكثر لا يفيد العلم مطلقا , أي ولو وجدت قرينة ] أﻫ.
• رأي الإمام التهانوي
قال الإمام التهانوي , في كتابه ( قواعد في علوم الحديث ) طبعة عام 1972 , ص 56 , وفي كتابه ( تدريب الراوي ) ص 30 , تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة , ما نصه :
[ وإذا قيل : هذا حديث صحيح فهذا معناه أي ما اتصل سنده مع الأوصاف المذكورة فقبلناه عملا بظاهر الإسناد لا أنه مقطوع به في نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة خلافا لمن قال : أن خبر الواحد يوجب القطع ] أﻫ.




• رأي الإمام الآسنوي
قال الإمام الآسنوي , الشافعي المذهب , المتوفى 772ﻫ , والذي صنف في كلية الشريعة ـ جامعة الأزهر , منذ زمن بعيد وحتى الآن , بأنه مقرر دراسة أصول الفقه لجميع المذاهب عدا الأحناف , قال في كتابه ( نهاية السؤل شرح منهاج الوصول في علم الأصول ) مطبعة صبيح ـ القاهرة 1953 ج1 ص 10 , ما نصه :
[ إن رواية الآحاد إن أفادة فإنما تفيد الظن والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية وهي الفروع دون العلمية كقواعد أصول الفقه ] أﻫ.


وأضاف الإمام الآسنوي في نفس المصدر ج2 , ص 239 , الفصل الثالث , تحت عنوان : 
[ مما ظن صدقه وهو خبر الواحد ] أﻫ.
وها هو الإمام الآسنوي يقول عن شرحه لمنهاج الوصول إلى علم الأصول , ما نصه :
[ فصار هذا الشرح عمدة في الفن عموما , وعمدة في معرفة مذهب الشافعي فيه خصوصا ـ أي أن هذا هو مذهب الإمام الشافعي في خبر الواحد ] أﻫ.


ويقول الإمام الأسنوي في نفس المصدر ما نصه :
[ ضابط خبر المتواتر هو حصول العلم , فمتى أفاد الخبر بمجرده العلم تحققنا أنه متواتر وإن لم يفده بينا عدم التواتر ] أﻫ.


• رأي الإمام ابن حزم
قال الإمام ابن حزم , في كتابه ( الإحكام في أصول الأحكام ), ج1, ص 107, ما نصه :
[ قال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكية وجميع المعتزلة والخوارج أن خبلا الواحد لا يوجب العلم ] أﻫ.




• رأي الأستاذ علي حسب الله


قال الأستاذ علي حسب الله , أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق , جامعة القاهرة والخرطوم والكويت ـ في كتابه ( أصول التشريع الإسلامي ) الطبعة الثالثة دار المعارف 1964, ص 40 , ما نصه :
[ ويمتاز المتواتر بأنه يفيد علما ضروريا فيكفر جاحده ] أﻫ.
ويقول الأستاذ علي حسب الله في نفس المصدر, ص 45 , ما نصه :
[ وذهبت الحنفية وجمهور المالكية والحنابلة إلى وجوب العمل بخبر الواحد ولا تلازم بين وجوب العمل وثبوت العلم لأن الظن الراجح كاف في الأمور العملية ] أﻫ.




• رأي الإمام الصنعاني والحسين الكرابيسي
قال الإمام الأمير الصنعاني , في كتابه ( توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار ) ج1, ص 24 , 25, ما نصه :
[ إن الصحيح الذي عليه أكثر العلم أن خبر الآحاد وهو حديث صحيح ولكنه ليس مقطوعا به في نفس الأمر لذلك فهو لا يكلف أحدا إلا بالعمل دون العلم ..... هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر العلم خلافا لمن قال أن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر كحسين بن علي الكرابيسي ] أﻫ.

مكتبي مشارك



مُساهمةموضوع: رد: هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟   12/08/11, 04:27 pm

رأي الأستاذ سميح عاطف الزين


قال الأستاذ سميح عاطف الزين , في كتابه ( الإسلام وثقافة الإنسان ) دار الكتاب اللبناني , ص 353 , تحت عنوان العقيدة وخبر الواحد , ما نصه :


[ العقيدة : التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل , فخبر الآحاد لا يصح أن يكون دليلا على العقيدة لأنه ظني , والعقيدة يجب أن تكون يقينية . وقد ذم الله تعالى في القرآن الكريم إتباع الظن فقال :  وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن  [ الأنعام : 116 ] , وقال تعالى :  إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس  [ النجم : 23 ] , وقال تعالى :  وما لهم به من علم إلا إتباع الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا  [ النجم : 28 ] .
وهذه الآيات قد حصرت في العقائد خاصة دون الأحكام الشرعية , لأن الله سبحانه وتعالى اعتبر إتباع الظن في العقيدة ضلالا , وأوردها في موضوع العقائد واعتبر الظن في ذلك ضلالة ] أﻫ.


وأضاف الأستاذ سميح في نفس المصدر ص 557 , ما نصه :


[ إذا ثبتت السنة صح الاستدلال بها على الأحكام الشرعية وعلى العقائد ..... إلا أن ثبوت السنة , إما أن يكون ثبوتا قطعيا ..... وهذه هي السنة المتواترة أو الخبر المتواتر ...... وإما أن يكون ثبوت السنة ثبوتا ظنيا , كأن يرويه ـ أي الخبر ـ واحدا أو آحاد متفرقون ......... وهذا هو حديث الآحاد ........ وخبر الآحاد إذا كان صحيحا أو حسنا يعتبر حجة في الأحكام الشرعية كلها , ويجب العمل به سواء كانت أحكام عبادات أو معاملات أو عقوبات ] أﻫ.




• رأي الأستاذ عطا أبو الرشتة
قال الأستاذ عطا أبو الرشتة , في كتابه ( تيسير الوصول إلى الأصول ) ج1 ص 53 , ما نصه :
[ السنة المتواترة : وهي التي يرويها جمع من تابعي التابعين عن جمع من التابعين عن جمع من الصحابة عن النبي  ..... وهذه السنة صالحة للاستدلال بها على العقائد والأحكام الشرعية لأن ثبوتها بالقطع عن الرسول 
خبر الآحاد : وهو الذي يرويه عن الرسول  واحد أو آحاد متفرقون لا يبلغون درجة التواتر ..... وثبوت هذه السنة ظني وهو يعتبر حجة في الأحكام الشرعية كلها إذا كان الحديث صحيحا أو حسنا ] أﻫ.


• رأي الأستاذ محمد حسين عبد الله
قال الأستاذ محمد حسين عبد الله , في كتابه ( الواضح في أصول الفقه ) دار الفكر المستنير ـ عمان , ص 68 , ما نصه :
[ والسنة المتواترة قطعية الثبوت عن النبي  فيجب العمل بها فيما وردت فيه , في الأحكام والعقائد ..... ] أﻫ.
وأضاف في نفس المصدر ص 69 , ما نصه :
[ والسنة المشهورة تفيد الظن , ولا تفيد اليقين , لأنها ليست قطعية الثبوت عن النبي  , وهي حجة في الأحكام الشرعية , ولا يحتج بها في العقائد ] أﻫ.
وأضاف في نفس المصدر, ما نصه :
[ أن سنة الآحاد حجة على المسلمين في وجوب العمل بها , والتقيد بأحكامها .... ] أﻫ.




• رأي الدكتور محمود الخالدي
قال الدكتور محمود الخالدي , أستاذ الثقافة الإسلامية المساعد , كلية الآداب ـ جامعة اليرموك في الأردن ـ في كتابه ( معالم الخلافة في الفكر السياسي الإسلامي ) ص 468 , ما نصه :
[ إن العقائد لا تؤخذ إلا عن يقين , أي بالدليل القطعي الثبوت , القطعي الدلالة .... وهو القرآن والسنة المتواترة فقط , وأن حديث الآحاد ليس حجة في العقائد ] أﻫ.
ثم سرد الدكتور أسماء بعض العلماء الذين قالوا بأن خبر الآحاد حجة في الأحكام الشرعية وليس في العقائد....




• رأي الشيخ محمد مصطفى شلبي
قال الشيخ محمد مصطفى شلبي , أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية في جامعة بيروت , في كتابه ( أصول الفقه الإسلامي ) الصادر عن دار النهضة العربية , ج1 ص 132 , تحت عنوان السنة , ما نصه :
[ تنقسم السنة باعتبار سندها إلى ثلاثة أقسام :
السنة المتواترة : هي التي رواه جمع يحيل العقل اتفاقهم على الكذب على الرسول  عن جمع مثلهم إلى رسول الله  . فيحكم العقل أن خبرهم يفيد العلم اليقيني بصحة النقل والنسبة لمن نقلوا عنه .


السنة المشهورة : هي ما رواه عن رسول الله  واحد أو اثنان أو أي عدد لم يبلغ حد التواتر من الصحابة , ثم يرويه عن الصحابة من التابعين جمع التواتر ثم يرويه من تابعي التابعين جمع التواتر أيضا . وهذا النوع يفيد علما يقرب من علم اليقين والمسمى علم الطمأنينة ويجب العمل به ولكن لا يكفر منكره لأنه لا يفيد القطع في ثبوته عن النبي  .....


معنى علم الطمأنينة : أنه يثبت العلم به مع بقاء توهم الغلط أو الكذب ولكن رجحان جانب الصدق تطمئن القلوب إليه فيكون ذلك علم طمأنينة مثل ما يثبت بالظاهر لا علم اليقين .... أنظر أصول السرخسي ج1 ص 384 و ص 131 ـ 132 ] أﻫ.




• رأي الدكتور محمد أبو النور زهير


قال الدكتور محمد أبو النور زهير , الأستاذ بكلية الشريعة , ووكيل جامعة الأزهر, في كتابه ( أصول الفقه ) دار الطباعة المحمدية بالأزهر في القاهرة , ص 135 , ما نصه :


[ خبر الواحد : هو خبر من لم تحل العادة كذبه , سواء كان أكثر من ثلاثة وهو ما يعرف بالمستفيض , أو ثلاثة فأقل وهو ما يعرف بغير المستفيض . وقد اتفق الأصوليون على جواز العمل بخبر الواحد في الأمور الدنيوية كالحروب وفي الفتوى والشهادة , وغيرها , لأن هذه الأمور يكتفى فيها بالظن وخبر الواحد العدل مفيد له ] أﻫ.


وفي معرض رده ـ أي الدكتور محمد أبو النور ـ على الذين قالوا أن خبر الواحد يفيد الظن وعليه لا يجب العمل به , واستدلوا بقوله تعالى : وإن الظن لا يغني من الحق شيئا  [ النجم : 28 ] , وقوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم [ الإسراء : 36] , أضاف الدكتور في نفس المصدر , ص 136 , ما نصه :


[ إن الآيات إنما تفيد عدم العمل بالظن فيما لا يكتفى فيه بالظن كالاعتقاديات , ونحن متفقون على أن الاعتقاديات لا تثبت بخبر الواحد ] أﻫ.


• رأي الدكتور محمد الزحيلي


قال الدكتور محمد الزحيلي , أستاذ كلية الشريعة الإسلامية ـ جامعة دمشق ـ في كتابه ( أصول الفقه الإسلامي ) طبعة 1975 , المطبعة الجديدة ـ دمشق , ص 163 ـ 164 , تحت باب حجية خبر الآحاد , ما نصه :


[ خبر الآحاد يفيد غالبية الظن من حيث وروده عن رسول الله حتى توافرت فيه شروط الراوي التي وضعها علماء الحديث كالثقة والعدالة والضبط وغير ذلك ولكنه يجب العمل به مع الشك في ثبوته , والآحاد حجة يجب العمل بها وإتباع ما ورد فيها , ولكن لا يؤخذ بحديث الآحاد في الاعتقاد , لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين , ولا تبنى على الظن ولو كان راجحا , لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئا ] أﻫ.




• رأي الإمام أبي إسحاق إبراهيم الفيروز أبادي الشيرازي


قال الإمام أبي إسحاق إبراهيم الفيروز أبادي الشيرازي , المتوفى 476ﻫ ، في كتابه ( التبصرة في أصول الفقه) الصادر عن دار الفكر , ص 298 ـ 300 مسألة (6) , ما نصه :


[أخبار الآحاد لا توجب العلم .
وقال بعض أهل الظاهر توجب العلم .
وقال بعض أصحاب الحديث فيها ما يوجب العلم كحديث مالك عن نافع عن ابن عمر وما أشبهه .
وقال النظام فيها ما يوجب العلم وهو ما قارنه سبب .
لنا : هو أنه لو كان خبر الواحد يوجب العلم لأوجب خبر كل واحد ولو كان كذلك لوجب أن يقع العلم بخبر من يدعي النبوة ومن يدعي مالا على غيره ولما لم يقل هذا أحد دل على أنه ليس فيه ما يوجب العلم . ولأنه لو كان خبر الواحد يوجب العلم لما اعتبر فيه صفات المخبر من العدالة والإسلام والبلوغ وغير ذلك كما لم يعتبر ذلك في أخبار التواتر . ولأنه لو كان يوجب العلم لوجب أن يقع التبري بين العلماء فيما فيه خبر واحد كما يقع التبري فيما فيه خبر متواتر . ولأنه لو كان يوجب العلم لوجب إذا عارضه خبر متواتر أن يتعارضا ولما ثبت أنه يقدم عليه المتواتر دل على أنه غير موجب للعلم . وأيضا هو أنه يجوز السهو والخطأ والكذب على الواحد فيما نقله فلا يجوز أن يقع العلم بخبرهم . واحتج أهل الظاهر بأنه لو لم يوجب العلم لما وجب العمل به إذ لا يجوز العمل بما لا يعلمه ولهذا قال الله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم [ الإسراء : 36] .
والجواب : هو أنه لا يمتنع أن يجب العمل بما لا يوجب العلم كما يقولون في شهادة الشهود وخبر المفتى وترتيب الأدلة بعضها على بعض فإنه يجب العمل بذلك كله وإن لم يوجب العلم . وأما قوله عز وجل ولا تقف ما ليس لك به علم فالجواب أن المراد به ما ليس لك به علم من طريق القطع ولا من طريق الظاهر وما يخبر به الواحد وإن لم يقطع به فهو معلوم من طريق الظاهر والعمل به عمل بالعلم .


واحتج أصحاب الحديث بأن أصحاب هذه الأخبار على كثرتها لا يجوز أن تكون كلها كذبا وإذا وجب أن يكون فيها صحيح وجب أن يكون ذلك ما اشتهر طريقه وعرفت عدالة رواته . قلنا يبطل به إذا اختلف علماء العصر في حادثة على أقوال لا يحتمل غيرها فإنا نعلم أنه لا يجوز أن تكون كلها باطلا ثم لا يمكن أن نقطع بصحة واحد منها بعينه فبطل ما قالوه . واحتج النظام بأن خبر الواحد يوجب العلم وهو إذا أقر على نفسه بما يوجب القتل والقطع فيقع العلم به لكل من سمع منه وكذلك إذا خرج الرجل من داره مخرق الثياب وذكر أن أباه مات وقع العلم لكل من سمع ذلك منه فدل على أن فيه ما يوجب العلم .
والجواب : هو أن لا نسلم أن العلم يقع بسماعه لأنه يجوز أن يظهر ذلك لغرض وجهل يحمل عليه وقد شوهد من قتل نفسه بيده وصلب نفسه وأخبر بموت أبيه لغرض يصل إليه وأمر يلتمسه فإذا احتمل ما ذكرناه لم يجز أن يقع العلم به ] أﻫ.




• رأي الدكتور محمد حسن هيتو


قال الدكتور محمد حسن هيتو , في شرحه لكتاب الإمام الفيروز أبادي ( التبصرة في أصول الفقه) الصادر عن دار الفكر ص 298, ما نصه :


[ أخبار الآحاد لا توجب العلم مطلقا , سواء احتفت به القرائن أم لم تحتف , وهذا مذهب الأكثرين كما قال الإمام الغزالي , و الآمدي وابن الحاجب . إلا أن الشيرازي يستثني من أخبار الآحاد ما تلقته الأمة بالقبول . ويذهب فيه إلى أنه يفيد علما استدلاليا , كما أشار إلى ذلك في كتابه ( اللمع ص 40 ) ، سواء عمل به الجميع أو عمل به البعض وتأوله البعض ، لأن تأويلهم له دليل على قبوله , وخالفه الجمهور في هذا , وذهبوا إلى أنه لا يفيد العلم والقطع بالصدق , سواء عمل به الجمع أو البعض وتأوله البعض وانظر : الإحكام ( 2/ ص 40 ) ، جمع الجوامع ( 2 / 152 ـ 154 ) حاشية العطار . وانظر المستصفى ( 1 / ص 145 ) بولاق والمنخول ( 1 / ص 252 ) والمنتهى لابن الحاجب ( ص 51 ) ] أﻫ.




• رأي الشيخ زكريا البري


قال الشيخ زكريا البري , , أستاذ كرسي ورئيس قسم الشريعة الإسلامية ـ كلية الحقوق جامعة القاهرة , عضو مجمع البحوث الإسلامية ولجنة الفتوى بالأزهر, في كتابه ( أصول الفقه الإسلامي ) طبعة 1981 , ص 44 ـ 45 , ما نصه :


[ السنة المتواترة قطعية الورود عن الرسول , فيجب العمل بها لأن نقلها بطريق التواتر يستلزم صحة نسبتها إلى الرسول , لأن التواتر يوجب العلم اليقيني كالعلم الناشئ عن المعاينة والمشاهدة .... ] أﻫ.


وأضاف في نقس المصدر ص 45 , ما نصه :


[ السنة المشهورة لا تفيد القطع واليقين بروايتها عن الرسول , وإنما تفيد الطمأنينة عنه , فنزلت مرتبتها عن رتبة السنة المتواترة ..... ] أﻫ.


وقال الشيخ بري في نقس المصدر ص 46 , ما نصه :


[ وسنة الآحاد : هي ما رواه عن الرسول عدد لم يبلغ حد التواتر في العصور الثلاثة , وتسمى أخبار الآحاد , أو أخبار الخاصة كما يقول الإمام الشافعي , وأغلب السنة يدخل في هذا النوع وهي تفيد الظن الراجح بنسبتها إلى الرسول , لأن رواتها , مع أنه آحاد , تحققت فيه شروط ترجح صدقهم في روايتهم , ولا تفيد العلم القطعي كالسنة المتواترة ، لأن في نسبتها إلى الرسول شبهة , ولا تفيد العلم القريب من القطعي كالمشهور , لأن الأمة ما تلقتها بالقبول والرواية في عصر التابعين وتابعي التابعين كما تلقت المشهور . ولهذا لا يجب الأخذ في الآحاد في الأمور الاعتقادية , التي تبنى على القطع واليقين ولا تبنى على الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا .
أما الأحكام الفقهية العملية فيحتج فيها بأخبار الآحاد , متى ترجح صدقها , لأن الظن كاف فيها ] أﻫ.


• رأي القاضي عبيد الله بن مسعود المحبوني البخاري


قال القاضي عبيد الله بن مسعود المحبوني البخاري , الحنفي المذهب , المتوفى 747ﻫ ، في كتابه ( تنقيح الأصول ) الصادر عن مطبعة صبيح ـ القاهرة , ج2 , ص 4 ـ 5 , ما نصه :


[ أن الخبر المتواتر يوجب علم اليقين ..... وخبر المشهور يفيد علم الطمأنينة , والطمأنينة زيادة توطين وتسكين يحصل للنفس على ما أدركته .... فاطمئنانها رجحان جانب الظن بحيث يكاد يدخل في حد اليقين وهو المراد ههنا وحاصله سكون النفس عن الاضطراب بشبهة إلا عند ملاحظة كونه آحاد الأصل , فالمتواتر لا شبهة في اتصاله صورة ولا معنى , وخبر الواحد في اتصاله شبهة صورة وهو ظاهر ومعنى حيث لا تتلقاه الأمة بالقبول , والمشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه آحاد الأصل لا معنى , لأن الأمة قد تلقته بالقبول فأفاد حكما دون اليقين وفوق أصل الظن , فإن قيل في الأصل خبر واحد ولم ينظم إليه في الاتصال بالنبي  ما يزيده عن الظن فيجب أن يكون بمنزلة خبر الواحد قلنا أصحاب النبي  تنزهوا عن وصمة الكذب أي الغالب الراجح من حالهم الصدق فيحصل الظن بمجرد أصل النقل عن النبي  ثم يحصل زيادة رجحان بدخوله في حد التواتر وتلقيه الأمة بالقبول فيوجب علم الطمأنينة , وليس المراد بتنزههم عن وصمة الكذب أن نقلهم صادق قطعا بحيث لا يحتمل الكذب و إلا لكان المشهور موجبا علم اليقين لأن القرن الثاني والثالث وإن لم يتنزها عن الكذب إلا أنه دخل في حد التواتر .... ] أﻫ.


وأضاف القاضي المحبوني في نفس المصدر , ص 6 , ما نصه :


[ والثالث : هو خبر الواحد يوجب العمل دون علم اليقين , وقيل لا يوجب شيئا منهما , وقيل يوجبهما جميعا , ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب العمل دون العلم ] أﻫ.


وقال الشيخ المحبوني في نفس المصدر , ص 7 , ما نصه :
[ ..... أن الأحاديث في باب الآخرة منها ما اشتهر فيوجب علم الطمأنينة لا علم اليقين ] أﻫ.
• رأي الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي


قال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي , في كتابه ( أصول الفقه ) مطبعة طربين , الطبعة الثانية 1980 , ص 32 , ما نصه :


[تنقسم السنة إلى قسمين : سنة متواترة وسنة آحاد .
فالسنة المتواترة : ما كان سنده متصلا إلى رسول الله  على وجه الكمال بحيث رواه جماعة يمتنع في العادة أن يتفق أفراده على الكذب لكثرة عددهم , وهذا القسم من السنة يأخذ حكم الثبوت القطعي , فيجب العمل به والاعتقاد بموجبه باتفاق العلماء جميعا .
والسنة الآحاد : ما لم يكن سنده متواترا , بأن لم تتكون حلقان سنده كلها من أعداد كثيرة بحيث يحيل العرف اتفاقهم على الكذب , وهذا القسم من السنة يفيد الظن ولا يفيد اليقين لوجود الاحتمال في صحة ثبوته . إلا أن العلماء اتفقوا على وجوب العمل به إذا توافرت شروط الصحة في سنده . أما الاعتقاد بموجبه فالجمهور على أن ما توافرت شروط الصحة في سنده , لا يكفر جاحده ولكنه يفسق ] أﻫ.


• رأي الدكتور عبد العزيز العلي النعيم


قال الدكتور عبد العزيز العلي النعيم , الأستاذ المساعد في جامعة الرياض , في كتابه ( أصول الأحكام الشرعية) الطبعة الأولى , الصادرة عن دار الإتحاد العربي , عام 1977, من الصفحة 51 ـ 52 , ما نصه :


[ حكم السنة المتواترة : أنها تفيد العلم واليقين .....
حكم السنة المشهورة : تفيد الطمأنينة والظن القريب من اليقين ......
حكم سنة الآحاد : أنها تفيد الظن ولا تفيد اليقين , ولا يعمل بها في استنباط الأحكام الشرعية إلا إذا تحققت فيها شروط اختلف الصحابة والعلماء في تحديدها , فقد كان أبو بكر وعمر لا يقبلان سنة الآحاد إلا إذا شهد اثنان أنهما سمعاه من الرسول  ] أﻫ.




• رأي الدكتور هاشم جميل عبد الله


قال الدكتور هاشم جميل عبد الله , الحائز على مرتبة الشرف الأولى في رسالة الدكتوراه ( فقه الإمام سعيد بن المسيب ) , والتي قدمها عام 1973 , تحت إشراف الشيخ عبد الغني عبد الخالق , رئيس قسم أصول الفقه بجامعة الأزهر , وقد طبعة هذه الرسالة في كتاب صادر عن مطبعة الإرشاد في العراق عام 1974 , وقد جاء في رسالة الدكتور هاشم ج1 ص 126 ـ 127, ما نصه :


[ رأي الإمام سعيد وغيره من العلماء في حجية خبر الآحاد :
الحديث الآحاد : هو الذي قصرت درجته عن درجة التواتر . وقد اختلف العلماء في حديث الآحاد ـ غير الضعيف ـ إذا رواه واحد عن واحد من أوله إلى آخره , هل يجب العمل به أو لا ؟
مذهب الإمام سعيد : وجوب العمل به في الفروع . نقله عن الإمام الشافعي ـ في كتاب اختلاف الحديث هامش الأم ج7 ص 24 ـ وبهذا قال جماهير العلماء ] أﻫ.




• رأي الدكتور نور الدين عتر


قال الدكتور نور الدين عتر , أستاذ التفسير والحديث , في كلية الشريعة بجامعة دمشق , في كتابه ( منهج النقد في علوم الحديث ) طبعة دار الفكر , ص 254 , ما نصه :


[ إن العلماء بعد أن اتفقوا على وجوب العمل بالحديث الصحيح الآحادي في أحكام الحلال و الحرام واختلفوا في إثبات العقائد ووجوبها به . فذهب أكثر العلماء إلى أن الاعتقاد لا يثبت إلا بدليل يقيني قطعي هو نص القرآن أو الحديث المتواتر .... ] أﻫ.


وأضاف الدكتور نور الدين في نفس المصدر , ص 246 , ما نصه :
[ يقسم الحديث الصحيح إلى قسمين :
1. القسم الأول : الخبر الواحد الصحيح الذي لم يحتف بما يقويه , وهذا يفيد الرجحان الغالب ويقع في القلب موقع القبول وربما يظنه بعض الناس ولا سيما العوام يقينا , لعدم تفريقهم بين الخبرين , وإنما هو علم قائم على الاستنباط القوي لصحة الخبر , وهذا يجب العمل به , والأخذ بمقتضاه في الأحكام كما سبق أن ذكرنا . أما وجوب العقيدة والإيمان بمقتضاه فلا يجب , لأن الراوي الثقة ليس معصوما عن الخطأ , فقد يخطأ ..... ] أﻫ.


وأضاف الدكتور نور الدين في نفس المصدر , ص 246 ـ 247, ما نصه :


[ القسم الثاني : من خبر الواحد الصحيح , قسم يفيد العلم اليقيني ويجب الاعتقاد به . وهو ما تتوفر فيه شروط الصحة بشكل قاطع لا مجال للاحتمال فيه , لما احتف به من المقويات , ومن ذلك أن يكون الحديث موضع إجماع على الاحتجاج به بين العلماء ] أﻫ.




• رأي الشيخ محمد الغزالي السقا


قال الشيخ محمد الغزالي السقا , رئيس المجلس العلمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بالقاهرة , في كتابه ( تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل ) صادر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي في هيرندن , فرجينيا , بالولايات المتحدة الأمريكية , الطبعة الثانية , ص 170 , تحت عنوان الآحاد لا تفيد اليقين , ما نصه :


[ هذا هو التواتر الذي يوجب اليقين بثبوت الخبر عن رسول الله  , أما إذا روى الخبر واحد , أو عدد يسير ولو في بعض طبقاته فإنه لا يكون متواترا مقطوعا بنسبته إلى رسول الله  , وإنما يكون آحاديا , في اتصاله بالرسول شبهة , فلا يفيد اليقين .
إلى هذا ذهب أهل العلم , ومنهم الأئمة الأربعة : مالك و أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه , وقد جاء في الرواية الأخرى خلاف ذلك , وفيها يقول شارح مسلم الثبوت ( وهذا بعيد عن مثله , فإنه مكابرة ظاهرة ) .


وقال البزدوي : وأما دعوى علم اليقين ـ يريد فيه أحاديث الآحاد ـ فباطلة بلا شبهة , لأن العيان يرده , وهذا لأن خبر الواحد محتمل لا محالة , ولا يقين مع الاحتمال , ومن أنكر هذا فقد سفه نفسه وأضل عقله .


وقال الإمام الغزالي : خبر الواحد لا يفيد العلم وهو ـ أي عدم إفادته للعلم ـ معلوم بالضرورة , وما نقل عن المحدثين من أنه يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما , ولذا قال بعضهم : خبر الآحاد يفيد العلم الظاهر , والعلم ليس له ظاهر وباطن وإنما هو الظن ـ نقول والعمل بالظن جائز بالفروع .


وقال الآسنوي : وأما السنة فالآحاد منها لا يفيد إلا الظن .


وقال البزدوي تفريعا على أن خبر الواحد لا يفيد العلم : خبر الواحد لما لم يفد اليقين لا يكون حجة فيما يرجع إلى الاعتقاد لأنه مبني على اليقين , وإنما كان حجة فيما قصد فيه العمل .


وقال الآسنوي : إن رواية الآحاد إن أفادة فإنما تفيد الظن والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية وهي الفروع دون العلمية كقواعد أصول الفقه .
وهكذا نجد نصوص العلماء من أصوليين ومتكلمين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين , فلا تثبت به العقيدة , ونجد المحققين من العلماء يصفون بأن ذلك ضروري , لا يصح أن ينازع أحد في شيء منه , ويحملون قول من قال : إن خبر الواحد يفيد العلم , على أن العلم بمعنى الظن .... ] أﻫ.




• رأي الإمام محمد بن عمر بن الحسين الرازي


قال الإمام محمد بن عمر بن الحسين الرازي , المتوفى 606ﻫ في كتابه ( المحصول ) , طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , في الكلام في اللغات , الباب الأول , النظر الخامس : فيما به يعرف كون اللفظ موضوعا لمعناه , ج1 ص 276 , ما نصه :


[ وأما النقل فهو إما تواتر أو آحاد والأول يفيد العلم والثاني يفيد الظن ] أﻫ.


وأضاف لإمام الرازي في نفس المصدر , ج5 ص 147, في معرض رده عن مانعي الأخذ بالقياس , ما نصه :


[ ..... ولا شك أن خبر الواحد يفيد الظن , فإذا ورد في المنع من القياس أفاد ظن أن التمسك به سبب الضرر وذلك يوجب الاحتراز عنه ] أﻫ.اذهب الى الأسفل

هل يؤخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق