الخميس، 29 ديسمبر 2011

لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

 قال أهل اللغة (العوج) في المعاني كالعوج في الأعيان، والمراد منه نفي التناقض 
عن آياته كما قال: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفاً كَثِيراً }.. وكذلك كل ما ذكر الله من التوحيد والنبوة والأحكام والتكاليف فهو حق وصدق ولا خلل في شيء منها ألبتة .. والإنسان كذلك كأنه خرج من عالم الغيب متوجهاً إلى عالم الآخرة .. ففي سفره هذا احتاج إلي هذا الرباط الذي بني على طريق عالم القيامة فثبت أنه { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا }.

وكما ينتفي العوج عن المصدر -  بسباحة منصفة في بحره - وينتفي كلك عن الطرق الموصل لابد في المقابل أن ينتفي أو يقل إلي أقصي المستطاع عند القابل لهذا المصدر .. وسالك هذا الطريق وهوالإنسان المؤمن .. فإذا وجد العوج بحث الإنسان في نفسه لا في المصدر .. وفي عقله لا في المحفوظات المتراكمة في ذاكرته ..

أما (قيما) قال ابن عباس يريد مستقيماً وهذا عند فخر الدين الرازي مشكل لأنه لا معنى لنفي الإعوجاج إلا حصول الاستقامة فتفسير القيم بالمستقيم يوجب التكرار وأنه باطل، بل الحق ما ذكرناه وأن المراد من كونه: { قَيِّماً } أنه سبب لهداية الخلق وأنه يجري مجرى من يكون قيماً للأطفال، فالأرواح البشرية كالأطفال، والقرآن كالقيم الشفيق القائم بمصالحهم. المكمل لهم .. مع ملاحظة ألا يميل المؤمن إلي غيره حتي ولو كانت السنة النبوية .. التي هي من الوحي .. أو حكم الرجال عن هذا المصدر الأساسي والأهم عند الله وعند المؤمنين ..

 فقوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } إشارة إلى كونه في نفسه بالغاً في الصحة وعدم الإخلال إلى حيث يجب على العاقل أن لا يرتاب فيه وقوله: { هُدًى لّلْمُتَّقِينَ } إشارة إلى كونه سبباً لهداية الخلق وإكمال حالهم فقوله: { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } قائم مقام قوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } وقوله: { قَيِّماً } قائم مقام قوله: { هُدًى لّلْمُتَّقِينَ }. فسبحان من كانت هذه آياته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق