الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

ماذا لو عرجت إلي السماء؟

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



هل صعدت إلي السماء ؟ ربما راودك كثيرا ذلك الحلم الذي ينقلك إليها .. فتنتقل بين بروجها ونجومها وتسرح في فضائها , وأنوارها وظلمتها , وصقيعها ولهيبها .. وتنتقل بين أطياف ألوانها ..


رائعة هي السماء .. والله إنها لمن أروع وأجل وأعظم ما خلق الله ..(والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ) (والسماء وما بناها ) ( أم السماء بناها ) ( والسماء بناءا ) فلم يقل سبحانه خلقناها , خلقها , صنعها , سواها, بل استخدم لفظا واحدا وهو البناء .. لأن البناء لا يتغير .. فكل مخلوق حتي الأرض تتغير أحوالها عبر مراحل من الطفولة إلي الهرم .. لكن السماء المبنية ظلت صامدة كما خلقها أول مرة بجبروتها وعظمتها وإن تغيرت أو تبدلت نجوم ومجرات ..فهي السبع الشداد .. المستعصية عن أي تغيير إلا عندما تنشق وتنفطر بأمر الله في آخر ساعة من الدنيا .

لقد عرجت إلي السماء !! .. وهل في ذلك ريب لذي حجر ؟ .. لم أتصور روعة العروج إلا بعد أن عرجت .. إنك تمر علي النجوم .. أو بالأحري تمر عليك النجوم عن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك .. وأنت تسبح في الملأ .. وربما تدخل النجم ذاته وتقتحمه وتدور حوله وتكاد أن تلمسه بيديك .. وتنتقل إلي المجرات ( مليارات من النجوم وكواكبها ) فتقترب منها وتصل إلي قلبها فتجد من جلال العظمة وعظمة الجلال ما لا يصدقه عقل ..
هذا ما رأته عيناي في مشاهدة لعرض حقيقي وربما خيالي بما حواه من خلال شاشة عملاقة ونظارة ثلاثية الأبعاد انتقلت من خلالها إلي السماء وصاحبت روادا ودخلت مكوكا .. وخرجت معهم لأصلح المسبار أو المنظار هابل الذي يبعد عنا بستمائة كيلو متر .. ونظرت من عند ذلك التليسكوب إلي الأرض فإذا هي كياقوتة زرقاء يبرقشها بياض السحب كأروع ما خلق الله في كونه .. ولكن ساكنيها لا يشعرون .. يفسدون ولا يصلحون .. ويكفرون ولا يشكرون .. 

والعروج غاية أماني البشر .. التي ربما لا تدرك .. ولن تدرك .. إلا لقليل من البشر .. ( ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب .. أسباب السموات ..) ثم ذكر الأسباب ثانية ( فليرتقوا في الأسباب ) و { أَسْبَـٰبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ } طرقها، فإن قيل ما فائدة هذا التكرير .. ولو قيل: لعلي أبلغ أسباب السموات ، كان كافياً ؟ أجاب صاحب الكشاف» عنه فقال : إذا أبهم الشيء ثم أوضح كان تفخيماً لشأنه ، فلما أراد تفخيم أسباب السموات أبهمها ثم أوضحها.. وأنشد الأخفش عند تفسيره للآية بيت زهير:
من هاب أسباب المنايا ينلنه ولو رام أسباب السماء بسلم


ماذا لو استطاع الإنسان أن يطوي السموات ويتغلب علي معجزة التنقل عبر الأزمان ليطوي المسافات .. ويتفوق علي أعلي سرعة تنقل المادة .. فهل ذلك ممكن ؟ .. المشكلة هي في كيفية نقل الأجسام أو المادة في التو واللحظة .. لقد نجح الإنسان في نقل الصوت والصورة .. ونجح نسبيا في زيادة سرعة الأجسام لكنه لم يصل بعد لنقل الاجسام كما ينقل الصوت .. فهل هذا مستحيل أو من الممكنات ؟ . إن قطر مجرة درب التبانة 80 ألف سنة ضوئية .. يعني لو سار جسم من طرفها للطرف الآخر بأعلي سرعة ممكنة وهي سرعة الضوء سيصل بعد 80 ألف سنة .. والتقطت التليسكوبات مجرة تبعد عنا 10 مليار سنة ضوئية .. يعني نحتاج إلي عشرة مليارات من السنين لنصل إليها أو يأتينا خبر عنها .. ( وإنا لموسعون ) والسماء مع كل هذا تتسع حتي القمر يبعد عنا كل 100 سنة ثلاثة أمتار ..

لقد حدث ذلك علي الأرض من قبل ( نقل الجسم في نفس اللحظة ) .. ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك .. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) .. والعرش في سبأ وملك سليمان في الأرض المباركة .. وانتقل العرش ( فلما رآه مستقرا عنده ) وذلك في لمحة بصر كما قال ( قبل أن يرتد إليك طرفك ) .. واختلفوا في هذا الذي استطاع أن يفعل ذلك وهو ( الذي عنده علم من الكتاب ) - هل هو جني أم إنسي ام ملك أم سليمان نفسه .. الله دلنا عليه بوصفين : عنده علم .. وهذا العلم من الكتاب .. فأي كتاب هو؟ الله أعلم ..

يحتمل أن يكون كتاب المقادير والغيب .. ويحتمل أن يكون كلمات الله المنزلة .. فعلم الكتاب هو السبيل لإحداث هذه الثورة إن قدرها الله تعالي .. فقد قال الله سبحانه ( يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) قال ٱبن عباس : إن ٱستطعتم أن تعلموا ما في السموات وما في الأرض فٱعلموه ، ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله تعالى .. لكن كيف نعلم السماء إذا لم نقترب منها .. والله سبحانه ذكر لفظة النفوذ .. وكل ما فاؤه نون وعينه فاء يدل علي الخروج نفذ , نفق , نفر .. والنفاذ هنا متعلق بالسلطان , والسلطان القوة والحجة والبرهان .. فهل يتعاون الجن والإنس يوما ما علي الوصول إلي هذا السلطان .. والنفوذ في أو من أقطار السموات .. ربما ..

واقرأ أخي هذه الآيات : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق .. ) لأن ذلك يذكر بالمصير ( ثم الله ينشيء النشأة الآخرة ) كما بدأنا أول خلق نعيده .. ويقول سبحانه أيضا : ( أولم ينظروا إلي السماء كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) ويقول سبحانه ( قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) ويقول سبحانه ( ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور .. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) ويقول سبحانه ( وإلي السماء كيف رفعت ) ويقول سبحانه ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) ( قد نري تقلب وجهك في السماء ).. آيات وآيات كلها تحث علي النظر والبحث والتفكر .. ويل لمن قرأها ولم يتدبرها ( إن في خلق السموات والأرض لآيات لأولي الألباب )

الوجوه المتألقة بصفحة السماء .. وبسجدة علي التراب لرب الأرض والسماء .. أرقي وأطيب من الوجوه المنتكسة إلي التراب وإلي الأرض .. والحمار لا يرفع رأسه إلا إذا نهق بأنكر الأصوات .. والحمار حتي لو عرج إلي السماء فلن يرفع وجهه , ولا يزال وجهه مجخيا ..  كذلك من فقد  العروج الحقيقي .. ( لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ) .. جاجارين وأرمسترونج والسابق واللاحق وغيرهم كمثل الحمار يحمل أسفارا .. ما أغنت عنهم الآيات ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم ل يؤمنون )

هناك تعليق واحد: