الاثنين، 13 فبراير 2012

الإرادة


بســـــــــــــــــــــــــــــــــــــم الله الرحمـــــــــن الرحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
من قصص القران 
موسى عليه السلام والعبد الصالح:-
تأمـــلات فـــــي الإرادات
التمهيـــــد:-
إن قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح وقصة يوسف عليه السلام من قصص القرآن العظيم التي حارت فيها عقول علماؤنا من أهل اللغة والتأويل و في تعرضي لهذه القصتان الكريمتان و ذلك من أجل الوقوف على بعض الحالات والمعاني التي قد يوحى بها النص القرآني من حيث كان تعاملي مع هذا النص القرآني من خلال :-
1-الجانب اللغوي لمعاني الكلمات العربية من حيث أن الكلمة في اللغة العربية لم تكن في كتاب الله إلا لتأدية المعنى الذي أراد جل شأنه إيصاله إلى عباده (ِ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ )(1)وقوله عز وجل(قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(2)
2- تتبع ما ورد في الأثر من أحداث وأفعال ونتائـــــــــج.
3- المنطق الذي تفرضه طبيعة الأحداث وذلـك من جانبين :-
أ- الطبيعة الاعتيادية التي يشترك فيها عباد الله.
ب- الطبيعة الموهوبة وما تستلزم من دلالات وقدرات.

بســـــــــــــــــــــــم الله الرحمـن الرحيـــــــــــــــــــــــــم
قال الله عز وجل (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً)(3)
1- الآيةفي قوله عز وجل (عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَاحاملة لدلالتها العامة التي تنساق على الخلق أجمعين منحيث القدرة.
2- الآية في قوله عز وجل (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماًحاملة لدلالتها الخاصة التي لا تنساق على الخلق أجمعين من حيث الرحمة والعلم الموهوبات.
من خلال هذا التمهيد في هذه القصة :
سوف نبدأ إن شاء الله البحث في هذه القصة وعلى الرغم من كل ما قيل عنها من المتدبرين وأهل اللغة و المفسرين فإن هناك رؤية جديدة نجد لها موضعاً صحيحا بين جميع ما قيل عنها و الاختلاف في إسناد فعل الإرادات فيــه مرة إلـى العبد الصالح في قوله عز وجل (فَأَرَدتُّ) ومرة إلـى الجمع (فَأَرَدْنَا) ومرة إلـى الله عز وجل(فَأَرَادَ رَبُّكَ)

النظر في ما آلت إليه الأفعال والنتائج في جميع الإرادات المذكورة وفي جميع الأحداث في قصة موسى عليه السلام و العبد الصالح
وقاعدة البحث: ربط النتائج مع الأسباب مع المصادر، و الآثار مع الأفعال مع المصادر للقدرة والاستطاعة 

أولا:-إرادة خـرق السفينـة
(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً(4) 
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً(5) 
نظرة إلى النتائج النهائية في إرادة خرق السفينة وهي كالأتي:-
1- نتيجة عامة للإرادة وهي نجاة السفينة من الملك الغاصب.
2- ظهور العيب على جسد السفينة .
3- انصراف عين الملك الغاصب عن السفينة لوجود العيب عليها.
ربط الأفعـال التــي أدت إلــى النتائج السـابقة وهي كــالأتي :-
1- نجاة السفينة من الملك الغاصب
ويقابله مباشرة السبب في قول الله عز وجل (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
2- ظهور العيب على جسد السفينة 
و يقابله مباشرة فعل القدرة في قوله عز وجل(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا)
3- انصراف عين الملك الغاصب لوجود العيب على جسد السفينة 
و يقابله مباشرة الاستطاعة في قوله عز وجل(وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)
مصـادر الأفعــال التي أدت إلـى ظهـــور النتـــائج:-
المصدر الأول :- السبب : ومصدره الرحمة في قوله عز وجل(فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا)(6)
المصدر الثاني:-القدرة: مصدرها العبد الصالح في قوله عز وجل (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا)
المصدر الثالث:- الاستطاعة: مصدرها العلم في قوله عز وجل (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً)
(نظرة خاصة)
فيما مدي صحة هذا التحليل وهل يؤيده المنــطق العقلي أم لا ؟ باستقرائنا لهذه الآيات نضع قاعدة وهي التطابق العقلي لكي نصل إلـى نتيجة أكيدة لا تتنافي مع المنطق العقلي والعقدي.
ميــزان قـاعدة الفعــل الإرادي :-
المصدر الأول:- وهي الرحمةفي قولهتعالي ( آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا)
وهي تتطابق عـقلاً مع السبب في قوله تعالي على لسان العبد الصالح (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) 
المصدر الثاني:- وهي القدرة في قولهتعالي (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا)
وهيتتطابق عـقلاً مع الفعل في قوله تعالي (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا)
المصدر الثالث:- وهي الاستطاعة في قول تعالي (َعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْما)ً
وهيتتطابق عـقلاً مع علم العبد الصالح بالملك الغاصب في قوله تعالي (وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)
مع انصراف عين الملك الغاصب عنها
الاستنتـاج مـن قصـة خـرق السفينـة :-
إن فعل الإرادة أسنده العبد الصالح إلى نفسه في قوله (فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا) بناء على ملكه المصدر والسبب والقدرة والاستطاعة.
ثانيا:-إرادة قتل الغلام
(فَانطَلَقــَا حَتَّـى إِذَا لَقِيَا غُلَامــاً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْســاً زَكِيَّةً بِغَيـْرِ نَفْسٍ لَّقَـدْ جِئْتَ شَيْئــاً نُّكــْراً(7)
(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً(8)
النتائج النهـائية في إرادة قتــــل الغـــــلام:-
1- النتيجة العامة للإرادة نجاة أبوي الغلام من الإرهاق طغيان و كفرا في المستقبل.
2- وجــــــــــــود الغـــــــــــــــــلام قتيــــــــــــــــــــــــــل.
3- منع الضرر الذي كان سوف يقع من الغلام على أبويه المؤمنين في المستقبل.
ربط الأفعــال التـي أدت إلى ظهــور النتــائج:-
1- نجاة أبويه المؤمنين من الإرهاق طغيان و كفرا في المستقبل
ويقابله مباشرة السبب في قوله عز وجل (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً(9)
2- وجــــــــــود الغــــــــــــــــلام قتيـــــــــــــــــــــــــــل
ويقابله مباشرة فعل القدرة في قوله عز وجل(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ
3- منع الضرر الذي كان سوف يقع من الغلام على أبويه المؤمنين في المستقبل
ويقابله مباشرة الاستطاعة في قولهعز وجل(فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً
مصـــادر الأفعـــال التي أدت إلى ظهــور النتــائج :-
المصدر الأول:-السبب مصدره الرحمة في قوله عز وجل (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا
المصدر الثاني:- القدرة مصدرها العبد الصالح في قوله عز وجل( عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا)
المصدر الثالث:- الاستطاعة مصدرها العلم في قوله عز وجل(َعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً)
ميـــــزان القاعــــدة :-
المصدر الأول:- وهي الرحمة في قوله عز وجل(آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا)
وهي تتطابق عـقلاً مع السبب في قوله عز وجل(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِفَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)
المصدر الثاني :- وهي القدرة في قوله عز وجل(عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا)
وهي تتطابق عـقلاً مع الفعل في قوله عز وجل(َفَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ)
المصدر الثالث :- وهي الاستطاعة في قوله عز وجل(وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً)
وهي تتطابق عـقلاً مع علم العبد الصالح في قوله عز وجل(َخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)

ثالثا:- إرادة استبــدال الغـــلام
النتــائج النهــــائية في إرادة الاستبـــدال:-
1- النتيجة العامة للإرادة غلام بدل الغلام الأول سوف يكون صالحاً ورحيماً بأبويه المؤمنين في المستقبل.
2- بـــداية خــلق جــديــــــد بيــــــن الأب والأم المؤمنيــــن.
3- هداية الغـــلام وصــــلاحه بمـــــا ينفع أبويه المؤمنيـــــن في المستقبل.
ربط الأفعـــال التي أدت إلى النتـــائج :-
1- غلام بدل الغلام الأول سوف يكون صالحاً ورحيماً بأبويه المؤمنين في المستقبل
و يقابله مباشرة السبب في قوله تعالي (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)(10)
2-بداية خلق جديد بين الأب والأم المؤمنين
ويقابله مباشرة فعل القدرة في قولهتعالي(فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا)
3-هداية الغلام وصالحه بما ينفع أبويه المؤمنين
ويقابله مباشرة الاستطاعة في قوله تعالي(خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً)
مصــادر الأفعــال التي أدت إلى النتــائج:-
المصدر الأول:- السبب مصدره الرحمة في قوله الله عز وجل(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) المصدر الثاني:- القدرة مصدرها الخالق في قوله عز وجل( نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً )
المصدر الثالث:- الاستطاعة مصدرها الهداية في قوله( عز وجل وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )
ميــــزان القاعــــدة :-
المصدر الأول:- وهي الرحمة في قوله عز وجل(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(11)
وهي تتطابق عـقلاً مع السبب في قوله عز وجل(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً)
المصدر الثاني :- وهي القدرة في قوله عز وجل(نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً)(12)
وهي تتطابق عـقلاً مع الفعل في قوله عز وجل(أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا)
المصدر الثالث :-وهي الاستطاعة في قوله عز وجل( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )(13)
وهي تتطابق عـقلاً مع الهداية في قوله عز وجل (أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً)
الاستنتــــاج من الإرادتيــــــن:-
نلاحظ أن الفعل الإرادي أسنده إلى فاعلين في قوله (فَأَرَدْنَاو إلـى سبب في قوله (َفَخَشِينَا) بناء على وجود فاعلين في إرادتان قتل غلام وخلق غلام ، قتل أدَّ إلـى منع ضرر عن المؤمنين وخلق أدَّ إلـى جلب نفع إلـى المؤمنيــن.
رابعاً:- إرادة بنـاء الجـدار وحفـظ الكنـز
في قوله تعالي (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (14)
(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً)(15)
النتائج النهــائية في إرادة بناء الجــــدار:-
1- النتيجة العامة للإرادة حفـظ الكنز من عوامل التعرية، إلـى أن يبلغا اليتيميـن أشدهما.
2- هـــــــدم الجـــــــــدار وإعــــــــــادة بنــــــــــائه.
3- استخـــــــراج اليتيمين الكنز بعد أن يبلغا أشدهمــا.
ربط الأفعـــال التي أدت إلـى النتــــائج:-
1- حفظ الكنز من عوامل التعرية، إلـى أن يبلغَ اليتيمين أشدهما 
ويقابله مباشرة السبب في قوله عز وجل(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحا )
2- هــــــــدم الجــــــــدار وإعـــــــــــادة بنـــــــــــــائه
ويقابله مباشرة فعل القدرة في قوله عز وجل(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنيُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)
3- استخــــراج اليتيمين الكنز بعد أن يبلغا أشدهمــــــــا
ويقابله مباشرة الاستطاعة في قوله عز وجل (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا )
مصــادر الأفعـــال التي أدت إلـى النتــائج :-
المصدر الأول:- السبب مصدره الرحمة في قوله عز وجل(رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)
المصدر الثاني:- القدرة مصدرها الفاعل في قوله عز وجل(عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا ُ)
المصدر الثالث:- الاستطاعة مصدرها الولاية في قوله عز وجل(إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ً)
ميــــزان القاعــــدة :-
المصدر الأول:- وهي الرحمة في قوله عز وجل(رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)
وهيتتطابق عـقلاً مع السبب في قوله عز وجل(وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وََكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)
المصدر الثاني:- وهي القدرة في قوله عز وجل (عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا)
وهي تتطابق عـقلاً مع الفعل في قوله عز وجل( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ)
المصدر الثالث:- وهي الاستطاعة في قوله عز وجل(إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ً)
وهي تتطابق عـقلاً مع الولاية في قوله عز وجل(وََكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاًفَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا)
الاستنتـــاج في قصـــة بناء الجـــــدار :-
ولقد اسند العبد الصالح إرادة بناء الجدار وحفظ الكنز إلى رب اليتيمين بناء على أن الرحمة كانت السبب في الفعل وكان بناء الجدار فعل وكانت الاستطاعة تولى الصالحين أي جزاء.
والمنطق التسلسلي في الفعـل الإرادي السبب والقدرة والاستطاعة ثم يأتي الأمر بتنفيذ الفعل كماً وكيفاً.
فقال العبد الصالح لسيدنا موسى عليه السلام(فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا)(رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ)(وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)ويعني بذلك بنــــاء الجــــــدار أي فعل القدرة
خـلاصـــة البحــــــث :-
نستخلص من هذا البحث :-
التسلسل المنطقي والعقلي للأفعال الإرادية على هذا الترتيب 
تتكون الإرادة من ثلاث عناصر رئيسية وهي (السبب)(القدرة)(الاستطاعةولا يطلق على أي فعل كلمة إرادة إلا بهذه العناصر الثلاثةوإذا توفرت هذه الثلاث عناصر عند إنسان عاقل أحدث شيئاً يسمى:
الأمـر:- بتنفيذ الفعل وهو عملية إدارة الفعل عقلاً كماً وكيفاً بناء على القدرة والاستطاعة ثم يأتي بعدها:
الإذن:-ويعني بالإذن السماح بمباشرة الفعل وما كان لفعل إن يقع إلا بأذن الله ثم يأتي من بعده:
الفعل:-وهو تنفيذ الأمر والشروع في الفعل بالقدرة و الاستطاعة ثم يأتي بعده :
الكسب:- وهو النتيجة النهائية للفعل الإرادي ويظهر فيه الثلاثة عناصر متناسقة معاً السبب والقدرة و الاستطاعة .
أمثلــــة مـــن كتــاب اللــه عز وجل :-
أولاً:-الإرادة تــم شـــرح الإرادة.
ثانياً:-الأمر قال الله عز وجل(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (16)والأمر جاء بناء على وجود سبب وقدرة واستطاعة أي إرادة وفعل الله كلمة واحدة (كنفيكون.
ثالثاً:-الإذن في قول الله عز وجل(يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)(17)
وهذا يعني أن الذي يريد الكلام عنده سبب وقدرة واستطاعة أي إرادة وأمر بمباشرة الفعل ولكن الله تبارك و تعالى يوقف الإذن يعني الفعل وهو السماح بالكلام.
رابعاً:-الفعلفي قول الله عز وجل(ُ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا )وفعل الخرق جاء بناء على الأمر و نفده بالقدرة والاستطاعة القدرة أثرها في وجود الخرق على جسد السفينة والاستطاعةأثرها في العلم بانصراف عين الملك عنها. 
خامساً:-الكسب في قول الله عز وجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) والكسب هو نتائج الفعل المبنى على القدرة و الاستطاعة
تكــــوين الأفعــــال ومسميـــاتها العربيــــة :-
فمن خلال هذا البحث عرفنا بفضل الله سبحانه وتعالى كيف ومما تتكون الإرادة بما لا يدعو للشك في تفسير الإرادات في قصة العبد الصالح وسيدنا موسى عليه السلام
وخرجنا من هذا البحث بأن الإرادة تتكـون من ثلاثة عناصر رئيسية السبب والقدرة والاستطاعة ومن خلال هذه العناصر الثلاثة سوف نعرف إن شاء الله الأسماء العربية للأفعال والكلمات مما اشتقتوكيف استعمالهافي التعبير اللغوي :
أولاً:-إذا حدث فعل وتكون من القدرة والاستطاعة و أدي إلـى نتائج بدون وجود السبب يطلق على الفعل (عبث)
مثال:-في قوله عز وجل(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)(19)
وسبب الخلق في قوله عز وجل(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(20)
وفي قوله عز وجل(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) (21) ويعني بذلك عدم وجود السبب للفعل
ثانياً:- و إذا وجد سبب بدون وجود قدرة و استطاعة للفعل يطلق عليه عربياً (عجزوالقدرة و الاستطاعة بمثابة الجناحين للفعل الإرادي. 
قال عز وجل(اَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِير(22) عليم من حيث الاستطاعة قدير من حيث القدرة على الفعل وقدم عليماً على قدير لأن العلم يسبق الفعل.
قال عز وجل(َبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) )المائدة : 31] وفي هذه الآية يشير إلى كلمة العجز في الفكرة كـ استطاعة (كَيْفَ يُوَارِي) و كلمة البحث في الأرض كـ قدرة(يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ)
وإذا كانت القدرة غير كافية يطلق عليه عربياً (ضعففي قولهعز وجل(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءفَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (23)لكونهم غير قادرين على إعادة زراعتها من جديد
ثالثاً:- إذا وجد السبب والقدرة فقط مع فقد الاستطاعة يطلق عليه عربياً (الهم
وإذا حدث فعل وباشره بوجود سبب وقدرة بدون وجود الاستطاعة يطلق على الفعل (هم بـ) في قوله عز وجل(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)(24)وهنا أشـــارة إلـى الشروع في الفعل بعدم وجود الاستطاعةمن الطرفينمع اختلاف السبب، وإذا كثر وتعدد الهم والحزن يطلق عليه الكرب
وإذا فقدت الشيء الذي أنت مهموم منه يطلق على هذه الحالة الحزن ومنه يطلق على كل فاقد لعزيز حزين ولا يطلق عليه مهموم 
وسوف يأتي الكلام عن هذا في بحث قصة يوسف المراودة
رابعاً:- إذا حدث فعل بوجود السبب والقدرة والاستطاعة وكانت النتائج لا تتوافق مع السبب يطلق عليه عربياً (خَطَئاًفي قولهعز وجل (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاًفَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً)(25)
وإذا حدث فعل بوجود سبب وقدرة واستطاعة وكانت النتائج متوافقة مع السبب والسبب غير مشروع يطلق على الفعلعربياً (خِطْءاً)
في قوله عز وجل(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً)(26) 
خامساً:-إذا حدث فعل بوجود سبب وقدرة والاستطاعة ولميصل إلى تحقيق النتائج يطلق عليه عربياً (فشلفي قولهعز وجل (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(27)
ونستخلص من هذا البحث في أسماء الأفعال
أن الأفعال الرئيسية تتكون مـــن ثلاثة أفعال وهي 
1 ـ الفعل الإرادي وهو يتكون من (السبب و القدرة و الاستطاعة) مثال قوله عز وجل(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
2 ـ الفعل العبث وهو يتكون من """""" (القدرة والاستطاعة)مثال قوله عز وجل (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ) (21)
3 ـ الفعل الهم وهو يتكون من( السبب والقدرة) """""" مثال قوله عز وجل(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)
ملخص البحث عرفنا من خلال هذا البحث كيف ومما تتكون الإرادة ومتى يطلق عليه اسم الإرادة واستخلصنا منها أسماء الأفعال وضربنا لها الأمثال بما لا يدعو للشك على صحة ودقة البحث 
والسؤال المطروح :ـ ما معنى المشيئة ؟ حيت نجد كثير من الآيات مرة تأتى إرادة ومرة تأتى مشيئة مثال قول الله عز وجل(وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد) وكيف نفرق بين المشيئة والإرادة .
والســــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركـــــــــــــاته
عبد الله الزنتاني
26 /9/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق