الثلاثاء، 28 فبراير 2012

الشريعة والعدل

الشريعة والعدل :
:: الشريعة الحقة .. والتي تحمل بين طياتها الخير والنور والهداية هي شريعة الحق والعدل , والعدل للمؤمن خلق وخلاق .. منهج وطريق ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي ) وفي صحيح مسلم نجد هذه الآية في كلام المصطفي صلي الله عليه وسلم : [ أهل الجنة ثلاثة : سلطان مقسط ، ورجل رحيم القلب بكل ذي قربى ، ومسلم ورجل غني عفيف متصدق ] وقال سبحانه : ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) لأنه بالعدل قامت السموات والأرض .. فمن اختلطت عليه الأمور وظن الشريعة غير العدل فهو واهم .. خاصة والحديث كله عن الشريعة , المحب والكاره .. ومفردات العدل إما غائبة أو مستغلة بنية الإنفلات الأخلاقي .. فإذا كانت شريعة العدل فلا مشكلة .. أما لو كانت الشريعة التي لا تساوي بين الناس وتحابي أحدا علي أحد حتي ولو بالتقوي فهنا المشكلة ..

:: الأمر الأول المباشر للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام العدل بيننا (وأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)الشوري(15).
:: وحكمه لابد وأن يكون بالقسط (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ  )المائدة (42).
وبالعدل (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) النساء (58).
::الهوي حائل دون العدل ..(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ) النساء (135).
::والشنآن أي البغض مانع من العدل .. (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ) المائدة(8)
:: الكاتب يكتب بالعدل (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) البقرة ( 282 )
:: المتحدث يقول بالعدل (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) الأنعام ( 152 ).
:: الصلح بين الناس يكون بالعدل ( فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ) الحجرات (9)
الوزن يكون بالميزان الموفي ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )الأنعام (152)
:: لا زواج ثان إلا بالعدل ( وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء (3)
:: لا إمارة أو منصب أو مسؤولية حتي لو في البيت إلا بالعدل ( يادود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله ) والحق هنا العدل ( بالحق ولا تشطط )  وهي قولة الخصمين .. والرسول قال : ( إمام عادل ) من سبعة الظلال .. فلم يقل صالح أو تقي .. لأن الإمام هنا غير إمام الصلاة .. الإمام هنا مسؤول عن مسلم وكافر .. مؤمن ومنافق .. يهودي ونصراني وملحد .. لكن إمام الصلاة مسؤول عن مصلين طائعين ..((ليس من ولي أمة، قلت أو كثرت، لا يعدل فيها إلا كبّه الله تبارك وتعالى على وجهه في النار)). رواه أحمد عن معقل بن يسار .((ويل لديّان من في الأرض من ديان من في السماء يوم يلقونه، إلا من : أمر بالعدل، وقضى بالحق، ولم يقض على هوى وقرابة، ولا على رغب ورهب، وجعل كتاب الله مرآة بين عينيه)). من قول عمر للولاة ..

وروى [ يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة ] وفي مسند الإمام أحمد عن النبي -صلى الله عليه و سلم- أنه قال : [أحب الخلق إلى الله إمام عادل وأبغضهم إليه إمام جائر ] ((ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام. وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعد لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة)). ابن تيمية ..
هذا هو العدل .. والعدل : هو التوسط بين شيئين فكيف تقوم شريعة ولا يأخذ الناس حقوقهم الدينية والدنيوية .

:: وهناك شريعة الفضل والفضل غائب لأن العدل غائب أو ناقص . والفضل : هو الإحسان، أو الزيادة على الواجب . من فضل الله سبحانه علي عباده الحسنة بعشر أو يزيد .. والسيئة بمثلها أو يعفو .. ومن فضل الله قبول التوبة من المذنب حتي والكافر ( لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يفغر الذنوب جميعا ) .. ومن فضل الله تعالي مغفرة الذنوب أو محوها وإن كانت مثل زبد البحر .

هذه آيات تجمع بين العدل والفضل :
::في سورة البقرة:(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (280).فهذا عدل واجب , ومن خرج عنه استحق العقوبة في الدنيا والآخرة.ثم قال تعالى : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(280). فهذا فضل مستحب مندوب إليه، من فعله أثابه الله ورفع درجته، ومن تركه لم يعاقبه.
:: وفي قوله تعالى : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ)(النساء:92) فهذا عدل. ثم قال تعالى: (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)(92) فهذا فضل.
::وقوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)المائدة(45) فهذا عدل، ثم قال : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ)المائدة(45) فهذا فضل.
:: وفي قوله تعالى في سورة البقرة : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)( الآية237) فهذا عدل، ثم قال : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(الآية237). فهذا فضل .
:: وفي هذه الآية يؤكد سبحانه على الفضل فيقول : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)(237). وفي قوله تعالى في سورة النحل : (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)(126) فهذا عدل، ثم قال : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)(126) فهذا فضل.
:: وفي قوله تعالى في سورة الشورى : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)(40) فهذا عدل، ثم قال : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(40) فهذا فضل ... وهو سبحانه دائماً يحرم الظلم ويوجب العدل ويندب إلى الفضل

:: شريعة العدل والفضل في العبادات :
((ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) (رواه مالك وأحمد). فمن العدل أن تتوضأ لكل صلاة، أو تكون متوضئاً عند أداء الصلاة :: أما المحافظة على الوضوء خلال اليوم كله وقبيل النوم، فإنه من أبواب الفضل،
والصلاة : قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)النساء(103).قال : الصلاة على وقتها. (رواه البخاري).
وأن أداء هذه الفريضة هو من العدل الذي يؤاخذ عليه فاعله إن قصر فيه، أي أن الإخلال بالصلاة المفروضة يوجب العقوبة. فالذي لا يتم ركوعها ولا سجودها تكون صلاته مردودة عليه. أما صلاة النافلة (صلاة التطوع) فهي من باب الفضل الذي يعود على فاعلها بالخير المحقق. وهكذا في كل عبادة لا تخلوا من عدل وفضل.

:: بالعدل صرت وليا ((إن الله قال : من عادى لي ولياً آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ))
:: وبالفضل كان هذا هو الجزاء (( وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)).
فعندما نؤمر بالعدل .. إنما يكون الحكم للوجوب كالوضوء للصلاة وكالصلاة نفسها .. فمن استهان بالعدل عوقب في الدنيا والآخرة .. وأني لمن ترك العدل يكون له فضل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق