الخميس، 11 نوفمبر 2010

الكذب المهذب


بسم الله الرحمن الرحيم
الكذب لا يجتمع والإيمان في قلب .. وهو أي الكذب لايختلف علي جرمه وقبحه اثنان .. ومع ذلك تمرره نفوس البعض لغفلة متغلغلة مستوطنة لا شك .. والبعض يخجل منه فيسميه بغير اسمه .. لكن الكذب هوهو لا يتغير بتغير الإسم ولا بتغير المسمي..
إن من الناس من يكذب .. ويكذب لكنه يحرص علي أن يكون كذبه سائغا ومهذبا .. وإنه قد يبغض كل الناس لكنه يحبهم بلسانه .. ويرتكب كل الجرائم لكنه يعرف ويتقن كيف يتخلص من آثار ونتائج جرائمه .. وكل ذلك تحت باب الكذب المهذب ..لأنه يعلم بخبرة أن الناس يفضلون اليد الناعمة التي تحمل خنجرا علي اليد الخشنة التي تحمل نقودا .. ويؤثرون كأس البلور المملوءة سما علي كأس الخزف المملوءة ماءا زلالا ..

هناك من جعل يعدد جرائم أحدهم التي لو مزجت بماء البحر لمزجته .. ثم يقول ومع ذلك فإني أحبه وأجله لأنه "رجل ظريف" ! .. وهناك إنسان لا يفي بوعد وعده .. لكنه يحسن الإعتذار فلا يسمونه مخلف الوعد .. وهناك من لم يره أحد يعطف علي مسكين أو فقير لكنه يعرف أن يبكي لمصاب البائسين والمنكوبين وببكائه فهو الجواد السمح الكريم .. وهذا يأكل مال اليتيم لكنه يمسح علي رأسه ويحتضنه إلي صدره أمام الناس فهو أرحم به من أبيه الراحل وامه المنكوية أو الراحلة .. وذاك يغتاب كل الخلق ويقع في أعراضهم فهذا فاشل وهذا جاهل وهذه متكبرة ومتحررة وفاجرة وهذا وهذه .. ثم يخلط كلامه بالهزار والهزل فيراه الناس ظريفا!

يأخذ الربا فيأكله ويتجشأ ويطمئن ويقوم الليل كله ويقرأ القرآن ويدفع الزكاة .. فما هذه إلا فائدة أحلها جل العلماء .. ننضرب جميعا علي أقفيتنا من عدو لا يشك في عداوته صغير ولا كبير .. رجل ولا امرأة .. مدني ولا عسكري .. حاكم ولا محكوم .. سني ولا شيعي .. مسلم ولا نصراني .. لكن الكذب المهذب يمرر كل هذا الهوان بسياسة دفن الوجوه في الرمال وغض البصر الذي هو فريضة هنا وفي هذه الحالة فقط.. ومع الغض طمس البصيرة..

ليس صحيحا أن الأرقام والصور لا تكذب .. بل هي تكذب لاننا نكذب بها ونلفقها ونفبركها علي هوانا .. أخي ليس عيبا أن تخطيء أو أن تجهل لكن المصيبة في الجهل المركب الذي يظن صاحبه انه لا يخطيء وانه لا يجهل وأنه المعصوم الأوحد فالمليونير الذي تقع منه مائة جنيه لا يكترث أما الفقير فإن فقد المئة حتما يهز كيانه .. كذلك فقير المبادئ والمعرفة .. خطأه يزعجه ويزلزله ولا يرضي بنقد واحد أبدا .. ويقتنع بكذبه علي نفسه ..

نجامل بأدب لكنه كذب مهذب ونقول : الإسلام يحترم المرأة .. الإسلام يحترم الطفل .. الإسلام يحترم الحيوانات .. ولا أحد يريد أن يصدق مرة ويقول هذه كلمة طامة .. لماذا لا تحترم المرأة الإسلام وإلا فلتذهب إلي الجحيم .. لماذا الإسلام هو الذي يحترم ولا أحد يحترمه .. ولماذا ولمصلحة من يختزل الإسلام في المرأة وكأننا خنثناه وأنثناه .. وكل ذلك يتم بالكذب المهذب من بعض العلماء وبعض ولاة الأمر وبعض المجاملين للغرب ولو علي دينهم وعرضهم .. هل هذا نفاق جديد في عصر جديد بلون جديد مقنع ولذيذ .. ربما .. اللهم أعذنا وأجرنا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق