الاثنين، 23 يناير 2012

الشهادة


الثالثة :
الشهادة  . ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) . أعظم ما نطق البشر .. وهي أجل المرويات .. وأصدق الأخبار .. ويكفيها طهرا وجلالة انها أجل ما شهد به الله .. وملائكته ورسله .. ( قل أي شيء أكبرشهادة قل الله شهيد ) ( وكفي بالله شهيدا )

وهذه أعظم شهادة لأعظم مشهود به من أعظم شهود .. شهد بنفسه لنفسه قبل القبل وبعد البعد وقبل الكون , فليس مقابل علمه بنفسه جهل , وليس مقابل معرفته بنفسه نكرة , وليس مقابل شهادته بنفسه عجز ووحشة ..  وصف نفسه بنفسه , وشكر نفسه بنفسه .. اثنى بنفسه على نفسه لعلمه بعجز خلقه عن معرفة وجوده .. فمراده من شهادته بنفسه قبل وجود العالم تعليماً للخلق وتلطفاً منه سبحانه .. وجعل لنا فى كلامه واسمائه شاهداً ودليلاً .. في القرآن  والكتب المنزلة ثم خلق الدلائل الدالة على توحيده ، ثم إنطق كل شيء بذلك والزمه الإقرار بذلك ( وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا )

وشهد وكما بينا من قبل : خبر مستنده المشاهدة أو العلم ولها ثلاثة معان في اللغة :
1- الحضور مع المشاهدة ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) أي حضر الشهر في المصر أو حضر المصر في الشهر وهما متلازمان ..( ما شهدنا مهلك أهله ) أي ما حضرنا .. ( والذين لا يشهدون الزور ) أي لا يحضرونه بأنفسهم ولا همتهم وإرادتهم
2- الإخبار .. ( شهد عندي رجال مرضيون , وأرضاهم عندي عمر : أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح ) في الصحيحين عن ابن عباس , فشهد هنا بمعني أخبر .. وذكر الراوي شهد بدل أخبر لأن الشهادة أهم من الخبر .. وكل خبر شهادة ولا عكس ..
3- الإطلاع وما فيه من العلم والإحاطة .. ( والله علي كل شيء شهيد ) أي مطلع علي كل شيء ..( ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ) أي ما أطلعتهم ببصيرتهم علي خلقها ... وللشهادة معان أخري متراكبة علي ما سبق .. كالحُكم ( وشهد شاهد من أهلها ) أي حكم ... وكالإقرار ( شاهدين علي أنفسهم بالكفر ) أي مقرين ..

فشهد: أخبر عن علم بحضوره الأمر المشهود به .. لو قلت : ( أشهد بكذا ) فقد أحضرت كل المعاني السابقة .. الحضور .. الإخبار .. العلم .. الإقرار .. ولا تغن كلمة أخري عنها .. فلا ينفع الشاهد أن يقول أعلم بكذا بل لا بد من أشهد .. وقد تجري مجري القسم حتي وهي وحدها .. وتجري مجري القسم كذلك لو قلت : أشهد بالله. الشهادة إنما تكون مقبولة، إذا كان الإخبار بها مقروناً بالعلم، ولذلك قال - عليه السلام -: " إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ "والشهادة كذلك عبارة عن الإظهار والبيان.. وصاحبها لايضعف ولا يخاف بمخالفة بعض الجهال من المشركين .. ولا يخفيها خلف الحنايا والصدور .. أو خلف الجدر والدور .. بل يعلنها للعالمين فخرا واعتزازا وإيمانا

 والشهادة للنفس مهمة ينظر قول وفد ثقيف: ما لمحمد يأمرنا بأن نشهد له بالرسالة ولا يشهد هو لنفسه ! فكان صلى الله عليه وسلم بعد لا يخطب خطبة إلا شهد لنفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم الشهادة لله فيها بالرسالة .. ويؤثر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يوم الجمعة وهو قائم بعرفة منذ كان وقت العصر إلى أن غربت الشمس في حجته التي كمل بها الدين وتمت بها النعمة يقرأ هذه الآية لا يزيد عليها .. يشهد بشهادة الله لنفسه ..
أما بماذا شهد ؟ ولماذا قال : (إلا هو) بدل (إلا الله) ؟ ولماذا كرر .. لفظة التوحيد آخر الآية ؟ فهذا ما سنتعرف عليه المرة القادمة بإذن الله .. والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق