الأربعاء، 25 يناير 2012

الشهادة


الرابعة :
الشهداء ثلاثة .. الله .. والملائكة .. وأولوا العلم .. ولا غير .. فالثلاثة توافر لديهم شرط رئيسي للشهادة وقبولها وهو العلم .. روي في الخبر : إذا علمت مثل الشمس فاشهد .. وفي الحديث عن ابن عباس أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة؟ قال: هل ترى الشمس ؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع. رواه الحاكم ..

( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) .. ( إلا من شهد بالحق ) ( وهم يعلمون )  .. ( إنما يخشي الله من عباده العلماء ) .. وهذا العلم شرط إسلامي ضروري يتدرج إلي اليقين الذي لا يقبل الشك .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم .. يقين عن علم ممزوج بحب وإخلاص واستسلام وإظهار واعتزاز..

لكن بماذا شهد الله ؟
( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم .. إن الدين عند الله الإسلام ) ... قال الزمخشريُّ: " فإن قلت: هل دخل قيامُه بالقسط في حكم شهادة الله والملائكة، وأولي العلم، كما دخلت الوحدانية؟
قلتُ: نعم، إذا جعلته حالاً من " هُوَ " أوْ نَصْباً على المدح منه، أو صفة للمنفي، كأنه قيل: شهد الله والملائكة، وأولو العلم أنه لا إله إلا هو، وأنه قائم بالقسط ".
 والقسط العدل .. وقرىء: «أنه» بالفتح، و { إِنَّ ٱلدِّينَ } بالكسر على أنّ الفعل واقع على أنه بمعنى شهد الله على أنه، أو بأنه. وقوله: { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى. فإن قلت: ما فائدة هذا التوكيد؟ قلت: فائدة أن قوله: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } توحيد، وقوله: { قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ } تعديل، فإذا أردفه قوله: { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد، وهو الدين عند الله، وما عداه فليس عنده في شيء من الدين .. وقرئا مفتوحين( أنه .. إن ) ، على أن الثاني بدل من الأوّل. كأنه قيل: شهد الله أن الدين عند الله الإسلام ( التوحيد والعدل ) .. وقرىء الأوّل بالكسر والثاني بالفتح ( إنه .. أن ) ، على أن الفعل واقع على( إنّ )وما بينهما اعتراض مؤكد. وهذا أيضاً شاهد على أن دين الإسلام هو العدل والتوحيد، فترى القراءات كلها متعاضدة على ذلك.

ولكن لم كرر قوله: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ؟ .. ذكره أوّلاً للدلالة على اختصاصه بالوحدانية، وأنه لا إلٰه إلا تلك الذات المتميزة، ثم ذكره ثانياً بعد ما قرن بإثبات الوحدانية إثبات العدل، للدلالة على اختصاصه بالأمرين، كأنه قال: لا إلٰه إلا هذا الموصوف بالصفتين، ولذلك قرن به قوله: { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } لتضمنهما معنى الوحدانية والعدل ..


وذكر لا إله إلا هو .. ولم يقل إلا الله .. لأنه سبحانه وتعالى فعل فعل ( الشاهد ) في إخباره عما يعلم حقيقته بلفظ الشهادة جرياً على عادة الكبراء إذا رأوا تقاعس أتباعهم عما يأمرون به وإلى ذلك ينظر قول وفد ثقيف: ما لمحمد يأمرنا بأن نشهد له .. بالرسالة ولا يشهد هو لنفسه! فكان صلى الله عليه وسلم بعد لا يخطب خطبة إلا شهد لنفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم الشهادة لله فيها بالرسالة ..
إذن الشهادة : توحيد .. وعدل .. وهذا هو الدين .. وإن الدين عند الله الإسلام .. والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق